
أُقيم مؤتمر عن “الذكاء الاصطناعي وتأثيره على مجتمعاتنا”، حاضرت فيه خبيرة الذكاء الاصطناعي المعتمدة من اوكسفورد هيلدا معلوف ملكي، بالتعاون مع ليونز المنطقة 351 – نادي ليبانيوس – فرع سن الفيل، وبلدية سن الفيل. وشكّل المؤتمر مساحة فكرية رائدة جمعت بين الإنسان والآلة، بين القيم الإنسانية والذكاء الاصطناعي.
افتُتحت ملكي اللقاء بكلمة مُلهمة أعادت تعريف معنى الذكاء الاصطناعي، ليس كـ”ترند” أو موجة عابرة، بل كثورة جديدة بعد ثورات الكهرباء والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ثورة تختلف لأنها “تفكّر معنا”. وقد نجحت ملكي في تحويل القاعة إلى فضاء تفاعلي حقيقي، حيث لم يقتصر الحديث على النظريات، بل شمل تجارب حيّة من الواقع اليومي، من خرائط “غوغل” إلى اقتراحات “نتفليكس” و”إنستغرام”، لتوضيح كيف أصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من حياتنا.
وسألت: “هل نحن من يسيطر على الذكاء الاصطناعي، أم أنه بدأ يفهمنا أكثر مما نفهم أنفسنا؟”.
وتعمّق النقاش في الجانب العلمي والتقني، حيث تم تبسيط مفاهيم التعلّم الآلي (Machine Learning) والتعلّم العميق (Deep Learning)، وشرح كيفية استيعاب الآلة للبيانات، من الصور إلى الأصوات، ومن النصوص إلى الأنماط. لكن الأهم من التقنية كان البُعد الإنساني، إذ أكدت ملكي أن “الآلة تعرف الفرح تحليلاً، أما الإنسان فيعرفه تجربة”، لتُذكّر الجميع بالحدّ الفاصل بين الذكاء الصناعي والمشاعر البشرية.
ولم يخلُ اللقاء من التحذير الأخلاقي. فقد طُرحت ملكي ظاهرة “الهلوسة الاصطناعية” (AI Hallucination) التي تدفع الآلة أحيانًا لاختراع معلومات خاطئة بثقة تامة، ما يسلّط الضوء على أهمية دور الإنسان كـ”فلتر للحقيقة” في عصر المعلومات السريعة. وسلّطت الضوء على خطورة تحكّم الخوارزميات في تحديد ما نراه ونسمعه، محذّرة من أن “السلطة اليوم لم تعد في يد من يحكم، بل في يد من يمتلك البيانات”.
من الناحية العملية، قُدمت ملكي أمثلة واقعية حول كيفية توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي في المؤسسات والجمعيات، مثل استخدام ChatGPT وNotion AI للتحضير للندوات، وCanva وRunway لإنشاء المحتوى البصري، مؤكدًة أن “الذكاء الاصطناعي ليس بديلًا عن الإنسان، بل أداة لتوسيع قدرته على الإبداع والخدمة”.
وفي الختام، لخصت ملكي رسالة المؤتمر في أربع نقاط محورية: الوعي بدل الخوف، الفضول بدل المقاومة، القيم قبل التقنية، والاستفادة بدل المراقبة. وشددت على ان “الذكاء الاصطناعي ليس خطرًا بحد ذاته، بل الجهل في استخدامه هو الخطر الحقيقي، ومن هنا، كان النداء واضحًا: لنعلّم الآلة القيم، قبل أن تفرض هي قيمها علينا”.



