
كتبت صحيفة “النهار”:
وسط معالم الترقب المشدود إلى مصير المفاوضات الجارية لإنهاء حرب غزة التي يعتقد على نطاق واسع أنها ستترك تأثيرات قوية مباشرة على الوضع في لبنان لجهة تحديد السياسات الميدانية الاسرائيلية حياله، يبدو المشهد الداخلي موزعاً بين أولويتين متلازمتين، هما مسار الخطة التي ينفذها الجيش اللبناني تنفيذاً لقرار حصرية السلاح في يد الدولة، وارتفاع حماوة الاستعدادات تدريجياً للانتخابات النيابية وسط اشتداد مأزق الخلاف حول انتخاب المغتربين الذي يحكم هذا الاستحقاق. وتشير المعطيات المتوافرة حيال ملف حصرية السلاح إلى أن موضوع الدعم الدولي المتعدد المصادر للجيش بات موضوعاً على سكة ساخنة، ولو أن الكثير من الأسباب الخارجية والداخلية حالت حتى الآن دون انجاز الترتيبات لعقد مؤتمر الدعم الدولي للجيش الذي عملت وتعمل عليه فرنسا والمملكة العربية السعودية، مع ترجيح انعقاده في الرياض بعد المشاورات الفرنسية السعودية الأخيرة في شأن الملف اللبناني. وأشارت هذه المعطيات إلى أن الوفد الأوروبي الذي يزور بيروت راهناً، عكس انطباعات إيجابية حيال الاستعدادات الأوروبية لتقديم المزيد من الدعم المالي والمساعدات العسكرية اللوجستية والتسليحية والتدريبية للجيش، بما يعني أن شبكة التنسيق بين الولايات المتحدة الأميركية التي قدمت الأسبوع الماضي دعماً مهماً بقيمة 230 مليون دولار للجيش وقوى الأمن الداخلي وفرنسا والسعودية والاتحاد الأوروبي، تعمل بشكل وثيق لمواكبة خطوات الجيش ومدّه بالدعم كلما توغل أكثر فأكثر في مد سلطته على كامل الاراضي اللبنانية. ولا تخفي هذه المؤشرات أن الرسائل التي يتبلغها المسؤولون لا تزال تردد التشديد نفسه على ضرورة استعجال خطوات حصر السلاح، ولو أظهروا تفهماً للمبررات التي يقدمها الجانب اللبناني والتي غالباً ما تتمحور حول العرقلة الإسرائيلية لإنجاز خطة الجيش في جنوب الليطاني، من دون التركيز على الجانب المتصل برفض “حزب الله” لتسليم سلاحه، وهذا ما يبقي فجوة واقعية يتعين مواجهتها على الجانب اللبناني.
هذه الأجواء بدت حاضرة في ما أبلغه رئيس الجمهورية جوزف عون أمس إلى نائب الأمين العام للسلام والأمن والدفاع في جهاز العمل الخارجي الأوروبي شارل فرايز، إذ شدّد على أن “الجيش اللبناني منتشر على كل الأراضي اللبنانية ويقوم بمهام أمنية محددة، إضافة إلى مهمته الأساسية في الجنوب، حيث انتشر في جنوب الليطاني باستثناء المناطق التي لا تزال إسرائيل تحتلها خلافاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه في شهر تشرين الثاني الماضي”. وطالب “الدول الصديقة وفي مقدمها دول الاتحاد الأوروبي، بالضغط على إسرائيل كي تنسحب من الأماكن التي تحتلها وتوقف اعتداءاتها اليومية وتعيد الأسرى اللبنانيين، لأنه من دون تحقيق هذه المطالب سوف يبقى الوضع مضطرباً وتتعثر متابعة تنفيذ مراحل الخطة التي وضعها الجيش لتحقيق حصرية السلاح في يد القوات الأمنية الشرعية”. وأكد أن “التعاون وثيق بين الجيش والقوات الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفيل”. ومع نهاية السنة سيصبح عديد الجيش نحو 10 آلاف عسكري في الجنوب وستكون الحاجة ملحة لتوفير العتاد والآليات والتجهيزات اللازمة لتمكينهم من القيام بالمهام المطلوبة منهم في تطبيق القرار 1701″.
وكان لافتاً أن الرئيس عون طلب من موفد الاتحاد الأوروبي مشاركة الاتحاد في مراقبة الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في شهر أيار المقبل.
كما أن الدعم البريطاني البارز والمستمر للجيش حضر في لقاء الحكومة نواف سلام، مع المدير السياسي والمدير العام للشؤون الجيوسياسية في وزارة الخارجية والتنمية والكومنولث البريطانية كريستيان تيرنر.
تزامن ذلك مع تبلّغ لبنان رسمياً مصادقة مجلس الشيوخ الأميركي على تعيين ميشال عيسى سفيراً للولايات المتحدة في لبنان خلفاً للسفيرة ليزا جونسون، على أن يصل إلى بيروت نهاية تشرين الأول الجاري ليباشر مهماته.
كما أن قائد الجيش العماد رودولف هيكل باشر زيارة لمدة يومين لدولة قطر بدعوة رسمية من رئيس أركان القوات المسلّحة القطرية الفريق الركن جاسم بن محمد المناعي، “بهدف تعزيز التعاون بين الجيشَين اللبناني والقطري في ظل التحديات الراهنة”. والتقى هيكل رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، الذي أكد “مواصلة قطر وقوفها إلى جانب مؤسسات الدولة اللبنانية، والجيش اللبناني، والشعب اللبناني الشقيق”، فيما أعرب العماد هيكل عن شكره للدعم القطري على جميع المستويات من دون شروط. كما التقى قائدُ الجيش نائبَ رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون الدفاع الشيخ سعود بن عبدالرحمن بن حسن آل ثاني.
وكشف وزير المهجّرين وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كمال شحادة، جوانب اضافية عن التقرير المفصّل الذي قدّمه قائد الجيش في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة حول المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح، الممتدة من شهر إلى ثلاثة أشهر، وقد مرّ منها ثلث المدة. وأوضح أنّ “التقرير تضمّن أرقاماً مشجعة تُظهر تقدماً واضحاً في الجنوب، حيث تجاوز عدد المهمات الفردية التي نفذها الجيش في منطقة جنوب الليطاني 4200 مهمة، أي ضعف المعدّل السابق، فيما بلغت نسبة تجاوب الجيش مع مطالب لجنة الاشراف على متابعة تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية الـ85%، كما أُقفل سبعة أنفاق بالكامل ويعمل الجيش على إقفال أربعة إضافية. واشار إلى أنّ “الجيش عثر على بعض الأسلحة تحت أنقاض أبنية مهدّمة، وهذا يستغرق وقتاً لسحبه”، لكنه عبّر عن ثقته بقدرة الجيش على المتابعة “بدعم كامل من الحكومة”. وأوضح أنّ “الجيش بدأ عملية احتواء المظاهر المسلحة في كل لبنان، بدءاً من الحدود الشرقية والشمالية مع سوريا وحول المخيمات الفلسطينية”، موضحاً أنّ “المرحلة الأولى في الجنوب يُتوقّع أن تُنجز خلال خمسين يوماً إضافية”.
أما في ملف الانتخابات النيابية، فأعلن رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل بعد لقائه أمس رئيس الحكومة نواف سلام، أنه عرض معه “ضرورة أن تتحمّل الحكومة مسؤولياتها في هذا الشأن عبر إرسال مشروع قانون إلى مجلس النواب لحسم النقاش حول مشاركة المغتربين، بما يضمن لهم حقّ الاقتراع على غرار الانتخابات السابقة بانتخاب 128 نائباً، باعتبار أن هذا هو الطرح المنطقي الوحيد. أمّا الاقتراحات الأخرى، فتسعى إلى حرمان المغتربين من التصويت أو عزل تمثيلهم بستة نواب فقط، بطريقة غير مفهومة”.
بعيداً من هذه الاجواء، وفي خطوة جديدة بارزة حول ملفات الاغتيال السياسي التي كانت أثيرت لدى طلب لبنان من السلطات السورية الانتقالية تقديم ما يتوافر لديها من معلومات عن الاغتيالات السياسية، أكدت أوساط وزارة العدل أمس، أنه “في سياق الخطوات التي يقوم بها وزير العدل عادل نصار لإنهاء حالة الافلات من العقاب في لبنان لا سيما في مسألة الاغتيالات السياسية”، عين الوزير نصار محققين عدليين في عدد من قضايا الاغتيالات السياسية شملت القضايا الآتية:
القاضية أميرة صبرا: قضية اغتيال الشيخ أحمد عساف.
القاضي فادي عقيقي: قضية محاولة اغتيال المهندس مصطفى معروف سعد.
القاضي يحيى غبوره: قضية جريمة الهجوم المسلح على بلدة إهدن والتي نتج عنها مقتل النائب طوني فرنجيه مع أفراد عائلته وبعض مرافقيه.
القاضي جوزف تامر: قضية محاولة اغتيال رئيس الجمهورية الأسبق كميل شمعون.
القاضي آلاء الخطيب: قضية الحوادث والمواجهات التي حصلت في محلة بورضاي في بعلبك.
القاضي سامر يونس: قضية اغتيال النائب أنطوان غانم ورفاقه.
القاضي كمال نصار: قضية مقتل الشيخ صالح العريضي في بلدة بيصور.
القاضي سامي صادر: قضية اغتيال النائب والوزير الشيخ بيار أمين الجميّل ومرافقه سمير الشرتوني.
القاضي سامر ليشع: قضية اغتيال الصحافي سمير قصير.
القاضي كلود غانم: قضية اغتيال النائب والصحافي جبران غسان تويني مع مرافقيه.
واتخذ الإجراء دلالات مهمة لجهة إبراز توجهات الحكومة الحالية في ملاحقة قضايا الاغتيالات السياسية وعدم تجاهل خطورة استمرار السلطات التنفيذية والقضائية في موقع التجاهل، وعدم المبادرة بكل ما تملكان من قدرات لوضع هذه القضايا على سكة احقاق العدالة.
كتبت صحيفة “الأخبار”:
سُجّل تقدّم واضح في مفاوضات شرم الشيخ بشأن وقف النار وتبادل الأسرى، وسط تمسّك فلسطيني بإدراج مروان البرغوثي والأسماء البارزة في قوائم الاسرى، في ظلّ اعتراض الاحتلال، وتواطؤ أطراف في «السلطة».
تواصلت، أمس، في مدينة شرم الشيخ المصرية، الاجتماعات المكثّفة بين الأطراف المنخرطة في مسار التفاوض حول وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وسط إجراءات أمنية مشدّدة. وشهدت المحادثات انضمام مزيد من القادة الفلسطينيين، في مقدّمهم الأمين العام لـ«حركة الجهاد الإسلامي» زياد النخالة، ونائبه محمد الهندي، إلى جانب نائب الأمين العام لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» جميل مزهر، فيما شارك في الجلسات أيضاً كل من المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، ورئيس المخابرات التركية إبراهيم قالن، ورئيس الحكومة القطرية محمد بن عبد الرحمن، إضافة إلى المسؤولين المصريين.
وبحسب ما أفاد به مسؤول مصري رفيع مطّلع على سير المفاوضات «الأخبار»، فقد جرى تجاوز عدد من النقاط العالقة، ولا سيما في ما يخصّ قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب «حماس» بالإفراج عنهم، إذ «تمّ التوافق على غالبية الأسماء، مع بقاء أخرى قيد التفاوض، بينما أجرى الوفد الإسرائيلي اتصالات متعدّدة للحصول على مزيد من الصلاحيات في ما يتعلّق بالأسماء الحسّاسة». وأضاف المصدر المصري أن الوفد الأميركي الذي حضر إلى شرم الشيخ قبل وصول ويتكوف وكوشنر، «ركّز جهوده على ملف تبادل الأسرى باعتباره البند الأكثر قابلية للحسم خلال فترة قصيرة»، مشيراً إلى أن «الاتفاق على هذا الملف من شأنه أن يفتح الطريق أمام معالجة بقية النقاط العالقة».
وعلى الضفة الإسرائيلية، نقلت قناة «كان» العبرية عن مصادر مطّلعة قولها إن هناك «اقتراباً من تحقيق اختراق في مسار المفاوضات»، وسط تقديرات متقاربة من قبل القنوات الإسرائيلية تفيد بإمكان التوصل إلى اتفاق خلال 24 إلى 36 ساعة، علماً أن الأطراف كافة، بحسب «القناة 12»، تمارس ضغوطاً متبادلة في اللحظات الأخيرة لـ«تحسين شروطها في الاتفاق». وبيّن مصدر إسرائيلي في حديث إلى القناة، أن الصفقة المرتقبة تشمل إفراج «حماس» عن عشرين أسيراً إسرائيلياً على قيد الحياة، مقابل إطلاق إسرائيل سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين، بعد أن تقدّم الحركة معلومات تؤكّد هوية جميع الأسرى الموجودين لديها.
كذلك، تشمل التفاهمات الأولية انسحاباً إسرائيلياً جزئياً من قطاع غزة، وفق ما يُعرف بـ«خطة ترامب»، مع احتمال حدوث انسحاب إضافي محدود، فيما سيبقى الطوق العسكري الإسرائيلي مفروضاً على المناطق التي تتواجد فيها «حماس»، خلال المرحلة الأولى من الاتفاق. وفي هذا السياق، أفادت «القناة 14» بأن إسرائيل ستبقى عند «الخط الأصفر» الذي يُحدّد حدود المنطقة العازلة، على أن يجري بحث نزع سلاح «حماس» في مرحلة لاحقة. كما نقلت عن مصادر قريبة من المفاوضات أن «الصفقة شبه مُنجزة، وتنتظر التوقيع خلال يومين».
وفي تل أبيب أيضاً، نقلت وسائل الإعلام العبرية أن مكتب رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، أعدّ بالتنسيق مع المستشارة القضائية، «مسوّدة» لقرار حكومي بشأن صفقة تبادل الأسرى، تمهيداً لعرضها على الوزراء للتصويت عليها، مع التأكيد أن «الملحق الذي يتضمّن الأسماء لا يزال قيد النقاش»، علماً أن نتنياهو تعهّد لشريكَيه اليمينيَّيْن، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، بـ«عدم إدراج مروان البرغوثي وأحمد سعدات ضمن الصفقة».
وفي ما يتصل بملف الأسرى كذلك، أفادت مصادر مطّلعة، «الأخبار»، بأن القاهرة أبدت انزعاجاً شديداً من تدخّل أطراف في السلطة الفلسطينية في مسار المفاوضات حول هذا الملف، ولا سيما محاولاتهم التأثير في قائمة الأسماء بالتنسيق مع واشنطن وتل أبيب، وسعيهم إلى استبعاد الأسير القيادي مروان البرغوثي من الصفقة. وأضاف المصدر أن الجانب المصري أبلغ الوفد الفلسطيني بضرورة التمسّك بالأسماء البارزة، وفي طليعتها البرغوثي. ووفق المعلومات، فإن زوجة البرغوثي أجرت زيارات متكرّرة إلى القاهرة، كما التقت ممثّلين عن الفصائل في عدة عواصم عربية، تحسّباً لضغوط تمارسها شخصيات محسوبة على «السلطة» لمنع إدراج اسم زوجها.
وعلى الرغم من التقدّم الملموس على خط التفاوض، فإن العقبة المتبقّية لا تزال تتمثّل في الانسحاب الإسرائيلي والضمانات المطلوبة من الأطراف الدولية. وفي هذا السياق، أكّد الأمين العام لـ«حركة الجهاد الإسلامي»، زياد النخالة، أن «المقاومة تخوض معركة تفاوضية شرسة، لكنها منفتحة على بعض البنود القابلة للتعامل الإيجابي»، خاصة في ما يتعلّق بـ«تبادل الأسرى»، مجدّداً تأكيده أن «الشعب الفلسطيني لن يخضع لإملاءات العدو، بل سيواصل نضاله لاسترداد حقوقه المشروعة».
ومن جهته، أشار المتحدّث باسم «حماس»، جهاد طه، إلى أن «الحركة تتعامل بمسؤولية مع كل ما يخدم المصلحة الوطنية»، مشدّداً على «ضرورة توفير ضمانات واضحة لتنفيذ الاتفاقات»، مع التذكير بأن «التفاهم بشأن أسماء الأسرى لم يُحسم نهائياً حتى الآن».
وفي هذا الوقت، نقل الإعلام العبري معلومات حول أن إسرائيل استكملت استعداداتها لاستقبال الأسرى الإسرائيليين الذين سيُطلق سراحهم في قاعدة «ريعيم» العسكرية، في حال جرى التوقيع على الاتفاق، بينما أكّدت مصادر في واشنطن والدوحة والقاهرة تفاؤلها بإمكان التوصّل إلى اتفاق نهائي قريباً، قد يُعلَن قبل يوم الجمعة. وعزّزت تلك التقديرات تقارير عن احتمال حضور الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى مصر للمشاركة في مراسم التوقيع، وذلك تلبية لدعوة من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي.
توافق مصري – «حمساوي» على التمسّك بحقّ المقاومة
على الرغم من التعتيم المحيط بالنقاشات الدائرة داخل الغرف المغلقة في مدينة شرم الشيخ، يبدو واضحاً أن التفاصيل الأكثر حساسية فيها، هي ما يتعلّق بتفاصيل اليوم التالي للحرب، بأبعاده الأمنية والسياسية كافة. ويبقى الملف الأكثر تعقيداً في هذا الإطار هو «سلاح المقاومة»، الذي يتطلّع رئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، إلى ما يُطرح في شأنه كعنوان لـ«الانتصار المطلق»، وكجزء من مخطط يهدف إلى تدمير أنفاق المقاومة وبنيتها التحتية ومخازنها ومواقعها، فضلاً عن نزع ما تبقّى من صواريخها، وخروج قياداتها من القطاع، في ما سيكون بمثابة تتويج لانتصار نتنياهو المزعوم.
وفيما تتمسّك المقاومة الفلسطينية بحقها المشروع في امتلاك السلاح والدفاع عن نفسها وشعبها، كشفت مصادر مصرية رفيعة المستوى، لـ«الأخبار»، أن «القاهرة توافقت مع قيادة حركة حماس على ضرورة التشبّث بالحقّ المشروع في المقاومة، وربط أي حديث عن تسليم السلاح بحل سياسي شامل يُفضي إلى قيام الدولة الفلسطينية».
وأضافت المصادر أن وسطاء إقليميين، كتركيا، أعربوا أيضاً عن تفهّمهم الكامل لضرورة احتفاظ الفلسطينيين بحقهم في الدفاع عن أنفسهم بجميع الوسائل المشروعة، بما في ذلك الكفاح المسلّح، إلى حين قيام دولة فلسطينية ذات مؤسسات موحّدة وسلطة قرار واحدة وسلاح موحّد. وفي المقابل، رحّبت فصائل المقاومة الفلسطينية بالموقف المصري، واعتبرته «موقفاً أصيلاً ينسجم مع الحقوق الوطنية الثابتة.
كتبت صحيفة “الجمهورية”:
الترقّب سيّد الموقف لأبعاد وغايات الحشد العسكري الأميركي في المنطقة، وإرسال حاملات طائرات ضخمة وأسطول كبير من طائرات التزوّد بالوقود (36 طائرة ضخمة) إلى بعض دولها، التي تلاقت تقديرات المحلّلين على أنّ هذا الحشد ليس آتياً من فراغ، بل قد يكون تمهيداً لأمر ما. وكذلك للمفاوضات الدائرة في شرم الشيخ حول إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وفق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومجريات الأمور تبدو وكأنّها تسير في الاتجاه المرسوم لها، وتبعاً لما سترسو عليه في نهاية المطاف، سواء لجهة نجاحها أو فشلها، فكلا الأمرَين، وفق تقديرات المحلّلين والمتابعين، سيُرتّبان ارتدادات وتداعيات على مجمل دول المنطقة، وخصوصاً الدول المعتبَرة كساحات توتّر ومواجهة مع إسرائيل.
البارز إقليمياً، إعلان الرئيس الأميركي أنّ المفاوضات الجارية بشأن التوصل إلى اتفاق حول غزة تسير بشكل جيد، مشيراً إلى أنّ الأمر «وشيك جداً»، وأنّه قد يسافر إلى الشرق الأوسط في نهاية الأسبوع، وربما إلى مصر تحديداً يوم الأحد، لمتابعة تفاصيل الصفقة. وأكّد ترامب أنّه تواصل مع عدد من المسؤولين بشأن ما وصفه بـ«صفقة غزة»، لافتاً إلى أنّ جميع الدول العربية والإسلامية منخرطة في المسار الحالي، في مشهد لم يحدث من قبل، على حدّ قوله.
وفي الوقت نفسه، أفادت مصادر مطلعة، بأنّ النقاط العالقة في المفاوضات لا تزال تتعلق بقوائم الأسرى، إذ رفضت إسرائيل مبدئياً بعض الأسماء التي طالبت حركة «حماس» بالإفراج عنها، وطلبت وقتاً إضافياً لدراسة إمكانية تسليم جثماني يحيى السنوار وشقيقه. من جانبها، تتحفظ «حماس» على تمسّك إسرائيل بحق الفيتو على قوائم الأسرى، ما يبقي هذه المسألة محور الخلاف الأساسي حتى الآن. فيما حماس وافقت على إطلاق عشرين رهينة دفعة واحدة.
وفي واشنطن، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، إنّ الأمور المتعلقة باتفاق غزة «تسير بشكل جيد»، لكنه أضاف أنّها «تحتاج إلى مزيد من العمل» قبل الوصول إلى صيغة نهائية.
محلياً، لبنان الذي يرصد بحذر بالغ تطوّرات المنطقة ومآلاتها، لا يملك سوى انتظار أن تنتقل عدوى الإنفراج إلى ساحته المتكوّنة في أجوائها غيوم حربية، ومخاوف من تصعيد إسرائيلي محتمل، ربطاً بالسيناريوهات التي تضخّ من الداخل والخارج في آنٍ معاً، فيما داخله يزداد تأزّماً، وأرضٌ خصبة للإشتباك، بخيارات مختلفة بين مكوّناته السياسية ومتصادمة حول كل القضايا والملفات، وبرهانات على متغيّرات، وبعلاقات ملتبسة بين السلطات الرسمية، باتت وفق ما يُقال صراحة في الكواليس، متمَوضعة في مربّع النفور، ومربوطة بمآخذ، وتسرّع، وانفعالات متتالية، ومعاتبات دائمة، وتصلّب في الرأي، ومحاولات ترقيع، وبحث عن مخارج لبعض السقطات، ما يبقيها معرّضة للإنزلاق في منحدر الأزمة والاشتباك في أي لحظة.
حكومة تقطيع وقت
وعلى ما تؤكّد مصادر مطلعة لـ«الجمهورية»، فـ»إنّ هذا الوضع الداخلي المأزوم سياسياً وحكومياً وعلى كل المستويات، يعاكس طموحات العهد التي حدّدها رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في خطاب القَسَم. فالحكومة التي يفترض أنّها تُشكّل الأداة التنفيذيّة والراعية للخطوات الإنقاذية الموعودة، تعاني من حالة مرضيّة في داخلها، وما يُسمّى تضامن وزاري لا يعدو أكثر من عنوان فرّغته الاصطفافات السياسية وأداء بعض الوزراء من معناه، وما زاد الطين بلّة الاشتباك المتصاعد بين رئيس الحكومة نواف سلام و«حزب الله» الشريك في الحكومة، والنافر فيه هو الإرادة الواضحة للإستمرار فيه والإصرار على إبقائه في دائرة الاشتعال، بذريعة أنّ ثمّة من هو مُمعِن في التحدّي الإستهداف».
وإذا كانت جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، قد نجحت فيها المساعي الرئاسية في إطفاء فتيل مشكلة كبرى، وتمرير قطوع جمعية «رسالات» بمخرج لا يكسر أحداً، إلّا أنّ ما يصفها مسؤول رفيع بـ«حلبة المنتعة»، ستبقى مفتوحة على جولات أخرى، طالما أنّ «أزمة الروشة» مفتوحة ولم تنتهِ بعد، ومحكومة لبعض ألسنة التحريض وتكبير المشكل والإيغال في التحدّي والمواجهة»، ولفت إلى أنّه إذا كان هناك مَن يعتقد أنّه يستدرّ العطف والتأييد من خلال تكبير المشكل، فهو مخطئ ومبالغ في توهّمه، فهذه الأزمة، التي لم يكن ثمة مبرّر لحصولها أصلاً، أكّدت بما لا يرقى إليه الشك، أنّها ساوت العاقل بالمجنون، وأحرجت الجميع وألحقت الضرر الكبير بهم من دون استثناء أحد».
المشكلة الأكبر
على أنّ الانطباع العام عن أزمة الروشة وما نتج منها من تداعيات وارتدادات سلبية، بأنّها قد نغصت استقرار البلد، إلّا أنّ هذا المغص، لا يوازن مع المشكلة الأكبر الآتية على البلد، التي بدأت نذرها بالظهور منذ الآن، ومصدرها الانتخابات النيابية.
وعلى رغم من تأكيد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون على إجراء الانتخابات في موعدها في أيار المقبل، وكذلك تشديد رئيس مجلس النواب نبيه بري على هذه الانتخابات وضرورة إجرائها في موعدها، فإنّ الكواليس السياسية غارقة بالتكهّنات التي تغلّب فرضية تأجيل هذا الاستحقاق.
وبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ الأوساط المجلسية تؤكّد استحالة تمرير الإقتراح النيابي الذي يُتيح للمغتربين التصويت لكل أعضاء المجلس النيابي، على غرار ما عُمِل فيه في الإنتخابات السابقة، ورئيس المجلس ليس في وارد طرح هذا الإقتراح، أولاً لأنّه ليس الإقتراح الوحيد، فهناك الكثير من الإقتراحات الأخرى المرتبطة بالملف الإنتخابي مطروحة للدرس والنقاش أمام اللجنة النيابية المعنية، وثانياً، لأنّه ليس اقتراحاً منزلاً، وثالثاً لأنّه يُقدّم بطريقة التحدّي ومحاولة إلزام رئاسة المجلس بأمر يحقق مصلحة فئة معيّنة على حساب فئات أخرى، ورابعاً وهنا الأساس، لأنّ هناك قانوناً انتخابياً نافذاً، وليس ما يمنع على الإطلاق إجراء الإنتخابات على أساسه».
وبحسب المعلومات الموثوقة، فإنّ بعض وزراء الحكومة أسرّوا أمام مقرّبين بتمنّيهم تأجيل الإنتخابات والتمديد للمجلس النيابي الحالي، ما يعني التمديد تلقائياً لحكومة نواف سلام، بالإضافة إلى أنّ جهات نيابية مصنّفة سيادية، وبعضها مشارك في التوقيع على الإقتراح الرامي إلى منح المغتربين حق التصويت لكلّ المجلس، استمزجت آراء جهات نيابية أخرى في إمكانية التمديد سنة لمجلس النواب، وهو الأمر الذي فُهِم من قِبل مستويات نيابية رفيعة، على أنّه محاولة للإتيان بمجلس نيابي قادر على انتخاب رئيس الجمهورية، ذلك أنّ المجلس الجديد إذا ما انتُخب في أيار المقبل، يتعذّر عليه انتخاب رئيس للجمهورية، لأنّ ولايته تنتهي قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية بـ7 أو 8 أشهر، ما يعني أنّه يُراد مجلس نيابي يأتي بانتخابات تجري تحت ظروف معيّنة، تتشكّل فيه أكثرية تمكن من انتخاب شخصيات محدّدة لرئاسة الجمهورية».
وتُضيف المعلومات، بأنّ طرح التأجيل لسنة، الذي لا يعارضه مَن يُصنَّفون سياديِّين وتغييريِّين، وخصوصاً أولئك الذين حملتهم أصوات المغتربين إلى الندوة البرلمانية، إلّا أنّه لم يجد مَن يؤيّده في العلن في المقلب الآخر، وأكثر من ذلك، قوبل بطرح أبعد مدى، ويُفيد بما حرفيّته «لماذا التأجيل سنة فقط، وما هي الحكمة من ذلك، ولماذا ليس سنتَين، وطالما الأمر كذلك، ولا يوجد احترام للقانون فلندخل في مزايدة، فإن أردتم التمديد أو التأجيل، فليكن وخلّوها لـ4 سنوات، ولماذا 4 سنوات فقط فخلّوها 5 سنوات أو 6 سنوات!».
قلق على الأحجام
في هذا الإطار، يؤكّد مسؤول كبير رداً على سؤال لـ«الجمهورية»، إنّ «التمديد للمجلس مرفوض بشكل قاطع، وستجري الانتخابات في موعدها المحدّد ووفق القانون الحالي، فرئيس الجمهورية حاسم لهذه الناحية، ورئيس المجلس قال كلمته في هذا الأمر، ورئيس الحكومة قيل عنه في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء إنّه مع إجراء الانتخابات في موعدها، ووزارة الداخلية تقوم بما عليها لإتمام هذا الاستحقاق، وبالتالي ليست هناك أي معوّقات أمام إجراء الإنتخابات».
وأكّد أنّ إثارة موضوع تأجيل الانتخابات، مردّها إلى أنّ جهات سياسية في المقلب السيادي تعيش القلق المسبق على حجمها النيابي في المجلس المقبل إذا ما جرت الانتخابات وفق أحكام القانون الانتخابي النافذ، إذ إنّها بحساباتها، وبغياب صَوت المغتربين المرجّح لها، ستفقد عدداً من المقاعد، بما يتناقض مع الوعود التي قطعتها بزيادة حجمها، استناداً إلى ما سمّتها المتغيّرات والتحوّلات السياسية الداخلية التي حصلت.
وبحسب تقديرات الخبراء في الاستطلاعات والإحصاءات الانتخابية، فإنّ الإنتخابات المقبلة ستكون مكلفة على أطراف أساسيِّين، وأول الضحايا هم النواب الذين جاؤوا بأصوات المغتربين. ونُقِل في هذا الإطار عن أحد الوزراء قوله: «إنّ الجميع ومن دون استثناء أحد يُريدون تأجيل الانتخابات، وكل منهم ينتظر الآخر لأن يبادر أولاً إلى الإعلان عن ذلك علناً».
عون: 10 آلاف عسكري في الجنوب
سياسياً، أكّد رئيس الجمهورية جوزاف عون ترحيب لبنان بأي دعم يُقدّمه الاتحاد الأوروبي للجيش والقوات المسلّحة اللبنانية، لتعزيز دورها في حفظ الأمن والإستقرار على الأراضي اللبنانية كافة.
وأكّد عون أمام نائب الأمين العام للسلام والأمن والدفاع في جهاز العمل الخارجي الأوروبي Charles Fries: «إنّ لبنان قريب من الدول الأوروبية، وبالتالي فإنّ الوضع الأمني المستقر له انعكاساته الإيجابية على هذه الدول».
ولفت إلى أنّ «الجيش اللبناني منتشر في كل الأراضي اللبنانية ويقوم بمهام أمنية محدّدة، بالإضافة إلى مهمّته الأساسية في الجنوب، حيث انتشر في جنوب الليطاني باستثناء المناطق التي لا تزال إسرائيل تحتلّها خلافاً للإتفاق الذي تمّ التوصّل إليه في شهر تشرين الثاني الماضي، ومن هنا فإنّ لبنان يطالب الدول الصديقة وفي مقدّمها دول الاتحاد الأوروبي، بالضغط على إسرائيل لتنسحب من الأماكن التي تحتلّها وتوقف اعتداءاتها اليومية، وتُعيد الأسرى اللبنانيِّين، لأنّه من دون تحقيق هذه المطالب سيبقى الوضع مضطرباً، وتتعثر متابعة تنفيذ مراحل الخطة التي وضعها الجيش لتحقيق حصرية السلاح في يد القوات الأمنية الشرعية».
وأكّد أنّ «التعاون وثيق بين الجيش والقوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل)»، لافتاً إلى أنّه «مع نهاية السنة سيصبح عديد الجيش اللبناني نحو 10 آلاف عسكري في الجنوب، وستكون الحاجة ملحّة لتوفير العتاد والآليات والتجهيزات اللازمة لتمكينهم من القيام بالمهام المطلوبة منهم في تطبيق القرار 1701. إنّ انتهاء مهمّة «اليونيفيل» يجب أن تتمّ بسلاسة وتنسيق كاملَين لضمان الإستقرار في الجنوب».
وأشار إلى أنّ «الحكومة ماضية في إجراء الإصلاحات الضرورية في المجالات المالية والاقتصادية، وإنّ التعاون قائم بين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وهذه الإصلاحات هي مطلب لبناني قبل أن تكون مطلباً خارجياً، ونحن على الطريق الصحيح ونُرحِّب بالشراكة الأوروبية في كل المجالات». وطلب الرئيس عون من موفد الاتحاد الأوروبي العمل على تكثيف المساعدة للقطاعات اللبنانية على اختلاف أنواعها، بالإضافة إلى مشاركة الاتحاد الأوروبي في مراقبة الانتخابات النيابية المقرّر إجراؤها في شهر أيار المقبل.
هيكل في الدوحة
من جهة ثانية، بدأ قائد الجيش العماد رودولف هيكل، أمس، زيارة لمدة يومَين لدولة قطر، بدعوة رسمية من رئيس أركان القوات المسلّحة القطرية الفريق الركن (طيّار) جاسم بن محمد المناعي، بهدف تعزيز التعاون بين الجيشَين اللبناني والقطري في ظل التحدّيات الراهنة. وفور وصوله التقى المناعي في وزارة الدفاع القطرية، حيث أقيمت مراسم استقبال وتشريفات رسمية، ثم جرى التباحث في تطوير التعاون بين جيشَي البلدَين على مختلف الصعد، وسُبل دعم المؤسسة العسكرية في ظل الظروف الدقيقة التي يمرّ فيها لبنان.
والتقى هيكل رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني. الذي أكّد على «مواصلة قطر وقوفها إلى جانب مؤسسات الدولة اللبنانية، والجيش اللبناني، والشعب اللبناني الشقيق». وأعرب العماد هيكل، عن «شكره للدعم القطري على جميع المستويات من دون شروط».
كما التقى العماد هيكل نائبَ رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون الدفاع الشيخ سعود بن عبد الرحمن بن حسن آل ثاني، وتناول البحث آخر التطوّرات في لبنان والمنطقة، والمهمّات التي يُنفّذها الجيش لحفظ أمن لبنان واستقراره في مختلف المناطق اللبنانية، وكذلك مهمّاته في الجنوب وتعاونه مع قوّة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان – «اليونيفيل»، بالإضافة إلى العمل على تطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية.
كتبت صحيفة “الديار”:
لم تخرج المتابعات الرسمية من دائرة الحلقة المفرغة للازمات التي تدور في فلكها الملفات العالقة، من انتخابات نيابية يترجم الاجماع، اقله العلني، على ضرورة اجراء الاستحقاق الدستوري في موعده، فيما يترقب الداخل والخارج مسار الحكومة، بعدما تخطت «قطوعي» صخرة الروشة وجمعية «رسالات»، تحت ضغط الوساطات الداخلية والخارجية.
واقع سياسي مأزوم لم يُسقط المخاوف المتزايدة من خطر اعتداءات اسرائيلية واسعة، في ظل حركتها العسكرية «غير العادية» سواء جوا عبر طلعاتها الجوية الاستطلاعية المكثفة، وصولا الى بيروت وضاحيتها الجنوبية، او على طول الخط الازرق وفي محيط النقاط التي تحتلها داخل الاراضي اللبنانية، رغم تأكيد مصادر بعبدا على ان الاتصالات الدولية والمحلية تشير الى عدم وجود معلومات او معطيات عن عمل عسكري اسرائيلي قريب، رغم ان لا ضمانات حول ذلك، كما انه لا يمكن الركون لـ «اسرائيل»، التي اعتادت خرق كل الاتفاقات والالتزامات.
في السياق، وبعد عرض تقريره الاول حول خطة حصر السلاح امام مجلس الوزراء، وفي انتظار مناقشتها في اجتماع لجنة مراقبة وقف النار منتصف الشهر الحالي، في حال انعقدت في موعدها، ينهي اليوم قائد الجيش العماد رودولف هيكل زيارته ذات الطابع «العسكري – السياسي» الى الدوحة، حيث تتوقع المصادر ان تبصر نتائجها النور في وقت قريب.
العمل الحكومي
في غضون ذلك، أعاد تفكيك لغم جمعية «رسالات»، في لحظة سياسية دقيقة يمرّ بها لبنان، إلى الواجهة إشكالية العلاقة بين الأمن والسياسة، في بلد تتشابك فيه الملفات الحساسة وتتعقّد بفعل الانقسامات الداخلية، تاركة تداعياتها على العمل المؤسساتي وفي مقدمته الحكومة.
من هنا، فإن مستقبل العمل الحكومي بعد هذا «القطوع» سيتوقف على مدى نجاح السلطة التنفيذية في تحويل الأزمة إلى فرصة تعزيز الثقة بالدولة وبين مؤسساتها ومواطنيها، بعيدًا عن التسييس والانقسام، وفي إطار مقاربة وطنية شاملة تعيد الانتظام إلى الحياة السياسية والإدارية في لبنان، وفقا للمصادر التي تؤكد على تقاطع جميع الاطراف، على اختلاف توجهها، على أنّ ملف «رسالات»، شكّل إنذارًا مبكرًا للحكومة بضرورة إعادة تقييم أدائها الأمني والسياسي. فبينما أثبتت الأجهزة الأمنية جهوزيتها في التعامل مع الحدث، فإنّ التداعيات السياسية أعادت خلط الأوراق داخل مجلس الوزراء وبين القوى الداعمة له.
لمراقبة اوروبية
ليس بعيدا فان لبنان الذي لم يدخل بعد حماوة التحضيرات للانتخابات النيابية المقبلة، على الرغم من تصدر بند اقتراع المغتربين، واجهة الخلافات بين الأفرقاء السياسيين، من جهة، وأي قانون ستجري على أساسه الانتخابات، من جهة ثانية، وفيما يستمر النقاش السياسي حول ملف الانتخابات النيابية، يكرر رئيس الجمهورية امام زواره اصراره على اجراء الاستحقاق الدستوري في موعدها، وهو ما عاد واكده امس امام، نائب الأمين العام للسلام والأمن والدفاع في جهاز العمل الخارجي الأوروبي شارلز فرايس خلال استقباله في قصر بعبدا، طالبا اليه «مشاركة الاتحاد الأوروبي في مراقبة الانتخابات النيابية في شهر أيار المقبل»، مؤكدا «ترحيب لبنان بأي دعم يقدمه الاتحاد الاوروبي لتعزيز الجيش والقوى الأمنية اللبنانية لبسط سلطتها على الأراضي اللبنانية كافة».
عيسى سفيرا
وسط هذه الاجواء، وقّع مجلس الشيوخ الأميركي على تعيين ميشال عيسى سفيراً للولايات المتحدة في لبنان خلفاً للسفيرة ليزا جونسون، على أن يصل إلى بيروت نهاية تشرين الأول الجاري ليباشر مهامه، وفق ما تبلغه لبنان رسمياً، ويُعرف عيسى أيضاً باسم مايكل، وهو من مواليد بلدة بسوس في قضاء عاليه في جبل لبنان، وقد قضى طفولته في بيروت قبل أن ينتقل إلى فرنسا، حيث درس الاقتصاد، ثم إلى نيويورك حيث أكمل دراساته العليا في إدارة المصارف.
وبعيد تسميته من قبل الرئيس الاميركي، اعلن عيسى تخليه عن الجنسية اللبنانية، «لان ولاءه الاول والاخير يبقى للولايات المتحدة الاميركية، التي سيمثلها ويعمل على الحفاظ على مصالحها»، هو المعروف عنه تشدده في مسألتي ايران وحزب الله.
كما وقّع مجلس الشيوخ على تعيين بيل بزي، وهو لبناني الأصل من بلدة بنت جبيل، سفيراً للولايات المتحدة في تونس بعد تصويت حاسم.
تعيين محققين عدليين
وفي تطور قضائي لافت، عين الوزير نصار محققين عدليين في قضايا الاغتيال السياسي، «في سياق الخطوات التي يقوم بها نصار لانهاء حالة الافلات من العقاب في لبنان لا سيما في مسألة الاغتيالات السياسية»، على ما تؤكد المعلومات، كاشفة عن تعيين كل من:
القاضية أميرة صبرا: قضية اغتيال الشيخ احمد عساف
القاضي فادي عقيقي: قضية محاولة اغتيال المهندس مصطفى معروف سعد
القاضي يحيى غبوره: قضية جريمة الهجوم المسلح على بلدة اهدن والتي نتج منها مقتل النائب طوني فرنجيه مع افراد عائلته وبعض مرافقيه
القاضي جوزف تامر: محاولة اغتيال رئيس الجمهورية الاسبق كميل شمعون
القاضي آلاء الخطيب: الحوادث والمواجهات التي حصلت في محلة بورضاي في بعلبك
القاضي فادي صوان: اغتيال الوزير السابق ايلي حبيقة
القاضي سامر يونس: اغتيال النائب انطوان غانم ورفاقه
القاضي كمال نصار: مقتل الشيخ صالح العريضي في بلدة بيصور
القاضي سامي صادر: اغتيال النائب والوزير الشيخ بيار امين الجميّل ومرافقه سمير الشرتوني
القاضي سامر ليشع: اغتيال الصحافي سمير قصير
القاضي كلود غانم: اغتيال النائب والصحافي جبران غسان تويني مع مرافقيه
رقم قياسي لمرفأ بيروت
اقتصاديا، سجّل مرفأ بيروت رقماً قياسياً في نشاط محطة الحاويات، يعد الأول منذ أكثر من 20 عاماً، اذ أعلن رئيس مجلس إدارة مرفأ بيروت عمر عيتاني في تصريح له عن تسجيل محطة الحاويات في المرفأ، التي تديرها شركة CMA CGM، رقماً قياسياً جديداً في 5 تشرين الأول 2025، وذلك بمناولة 10166 حاوية نمطية (TEUs) على سفينة واحدة هي CMA CGM ARGON، وهي سفينة حديثة وصديقة للبيئة تعمل على وقود الميثانول (Methanol Powered). ويُعدّ هذا الرقم الأعلى في تاريخ مرفأ بيروت منذ انطلاق عمليات محطة الحاويات في عام 2004.
كارثة وشيكة
على صعيد آخر، تعود أزمة النفايات لتفرض نفسها من جديد على جدول أولويات الدولة، مع بلوغ مطمر الجديدة قدرته الاستيعابية القصوى، وتوقّف أعمال جمع النفايات في كسروان والمتن وبيروت الادارية، حيث علم في هذا السياق، تبلّغ مجلس الإنماء والإعمار من رئاسة مجلس الوزراء ببحث أزمة المطمر في جلسة اليوم، التي في ضوئها سيتقرر مصير مطمر جديدة، الذي فتح بشكل مؤقت لتخزين النفايات من دون طمرها، ما دفع شركة «رامكو» إلى استئناف أعمالها، غير أن هذه المعالجة المؤقتة تطرح مجدداً تساؤلات جوهرية حول غياب الحلول المستدامة، في ظل تحذيرات الخبراء من كارثة بيئية متكرّرة.


