أبرز ما تناولته الصحف ليوم الأربعاء 15 تشرين الأول 2025

كتبت صحيفة “النهار”: تعود الأولويات الداخلية الضاغطة إلى واجهة المشهد اللبناني، بعد فترة ترقّب لتطورات “حل غزة” الذي يرصد لبنان مسار تنفيذ مراحله المتعاقبة وتأثيراته على مواقف الدول المعنية به في تعاملها مع الواقع اللبناني. وقد بدا واضحاً في ظل الموقف الذي أعلنه رئيس الجمهورية جوزف عون من ضرورة عدم معاكسة لبنان لمسار المفاوضات مع إسرائيل، أنه سيتعيّن على السلطة اللبنانية التحسب بقوة لمقاربات أميركية وغربية جديدة بإزاء وضعه بعد إعلان نهاية حرب غزة، وبمعايير أكثر تشدداً من السابق حيال إنجاز مسار حصرية السلاح في يد الدولة. وإذ تؤكد مصادر معنية هذا الانطباع، فإنها تلفت إلى أن الفترة الطالعة، وبعد عودة رئيس الحكومة نواف سلام من زيارته الخاصة لباريس، ستشهد مشاورات حثيثة بين أركان الحكم لتقويم كل التطورات التي حصلت وما ينبغي على لبنان التحسب له، خصوصاً وأن المخاوف من تصعيد إسرائيلي لا تزال في أوجها. ولكن المصادر نفسها لفتت إلى جانب إيجابي برز في الساعات الأخيرة وتمثّل في صدور موقفين متعاقبين أميركي وفرنسي شكّلا رسالة تحفيز للحكم والحكومة للمضي قدماً في تنفيذ التزاماتهما، بما يوفر للبنان فتح أبواب الدعم الدولي المطلوب

ذلك أنه غداة الإشارة التي وردت في خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الكنيست حول لبنان وإعلانه دعم الرئيس جوزف عون، جدّد أمس الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في رسالة وجّهها إلى الرئيس عون تصميمه على تنظيم مؤتمرين لدعم لبنان قبل نهاية السنة الجارية، الأول لدعم الجيش اللبناني والقوات المسلحة، “حجر الزاوية في تحقيق السيادة الوطنية”، والمؤتمر الثاني لنهوض لبنان وإعادة الإعمار فيه. وشدّد الرئيس ماكرون في رسالته على “الصداقة التي تجمع بين البلدين الصديقين”، مؤكداً “استمرار دعم فرنسا للبنان في المجالات كافة”، ومعرباً عن “سعادته للقرار الذي اتخذه مجلس الأمن بالتجديد للقوات الدولية العاملة في لبنان (اليونيفيل)”. وقال: “أحيي في المناسبة القرارات الشجاعة التي اتخذتها لتحقيق حصرية السلاح بيد القوات الشرعية اللبنانية”.

وفي إطار التحركات الديبلوماسية الغربية المتصلة بالملف اللبناني، التقى الرئيس عون أمس في حضور السفير البريطاني هاميش كويل، مستشار وزارة الدفاع البريطانية عن منطقة الشرق الأوسط الأدميرال ادوارد ألغرين، وعرض معه للأوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة وما استجد من تطورات، لا سيما بعد الإعلان عن اتفاق انهاء الحرب في غزة، والاجتماع الذي عقد في شرم الشيخ وما صدرت عنه من مواقف. وتطرّق البحث أيضاً إلى العلاقات اللبنانية – السورية، حيث أكد الرئيس عون للمسؤول البريطاني أن “التنسيق قائم بين البلدين في مختلف المجالات خصوصاً الأمنية والاقتصادية”. وقيّم رئيس الجمهورية مع الأدميرال ألغرين العلاقات المتينة التي تجمع لبنان وبريطانيا، “لا سيما التعاون القائم في المجال الأمني والدعم البريطاني في إنشاء أبراج المراقبة على الحدود الشرقية والجنوبية”.

وزار المستشار البريطاني أيضاً وزير الدفاع الوطني ميشال منسى، وتم خلال اللقاء عرض المستجدات الأخيرة في المنطقة وانعكاساتها المحتملة على الوضع في لبنان. كما جرى التطرق إلى سير العمل في تنفيذ الخطة التي وضعها الجيش اللبناني لحصر السلاح في يد السلطة الشرعية ومراحل تطبيقها، إضافةً إلى عملية انتشار الجيش وفقًا للقرار 1701. وتناول البحث أيضًا التحديات التي قد تواجه المؤسسة العسكرية في ملء الفراغ الناتج عن انتهاء مهام قوات “اليونيفيل” البرية والبحرية في لبنان نهاية العام 2026. وأكد الأدميرال الغرين مواصلة دعم بلاده في تأمين احتياجات الجيش اللبناني خلال هذه المرحلة الدقيقة. كما زار الموفد البريطاني قائد الجيش العماد رودولف هيكل.

في غضون ذلك، بدا أن ثمة تطوراً إيجابياً سجل على صعيد العلاقات اللبنانية – السورية لجهة تقدم إنجاز الإتفاق القضائي بين لبنان وسوريا، والذي سيشكل مبدئياً الاتفاق الأول بين البلدين بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقد عقد أمس في هذا السياق، اجتماع بين نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري ووزير العدل عادل نصار مع وفد سوري برئاسة وزير العدل السوريّ مظهر الويس الذي وصل قبل الظهر إلى بيروت. وجرت في الاجتماع مناقشة الاتفاق القضائي بين لبنان وسوريا الذي يعرضه الوزير نصار واستكمال البحث في موضوع الموقوفين والسجناء السوريين. وأعلن الوزير نصار أنّه تمت “مناقشة صياغة اتفاقية وقدمنا خطوات جدية لإنهاء نصها في إطار قانوني، وفي ما يتعلق بالإستثناءات لا يشمل هذا الموضوع جرائم القتل المدنية والعسكرية اللبنانية وجرائم الاغتصاب”. وقال: “تداولنا في موضوع الفارين من لبنان إلى سوريا والحصول على المعلومات المتوفرة في سوريا في ما خص الاغتيالات الأمنية والسياسية وتنظيم عمل اللجنتين”. وأكد نصار “ألا جدول زمنيا لإنهاء هذا الملف ولكن هناك أطر قانونية على الجانبين احترامها، ويجب أن يكون العمل بأسرع وقت والمهم التأكيد على سيادة الدولتين ورغبة التعاون لدى الطرفين”

ومن جانبه،، قال وزير العدل السوري مظهر عبد الرحمن الويس: “نبحث التعاون القضائي مع لبنان على كل الصعد وليس قضية الموقوفين السوريين حصرا”. أضاف: “طالبنا لبنان بفارين من العدالة السورية تابعين للنظام السابق ودرسنا مواضيع عدة، وكل القرارات ستقوم على مبادىء العدالة والسيادة ووجهات النظر قريبة”.

وقال: “أبدى الوفد السوري تفهماً وتعاوناً بشأن الاغتيالات التي حدثت بلبنان أثناء حكم الأسد وبشأن المختفين اللبنانيين قسراً في سوريا”.

أما نائب رئيس الحكومة طارق متري، فلفت إلى أنه تواصل مع رئيس الحكومة نواف سلام، وسيُعقد اجتماع اليوم بخصوص الاكتظاظ في السجون اللبنانية. وقال: “نعمل على إنجاز اتفاقية مع سوريا لحل ملف السجناء السوريين لدينا”. كما أعلنت وزارة العدل السورية بعد الظهر “أننا قطعنا اليوم (أمس) شوطاً كبيراً في مناقشة جهود معالجة ملف الأسرى السوريين في لبنان مع الجانب اللبناني”.

ووفق مصادر مطلعة، يُنتظر أن يتم الاتفاق على آلية قضائية لتسليم عدد من الموقوفين الذين اعتُقلوا في لبنان خلال السنوات الماضية بتهم تتعلق بانتمائهم إلى مجموعات مرتبطة بالثورة السورية، مع بحث إمكانية تسريع محاكمات آخرين تمهيداً لإطلاق سراحهم.

وأفادت معلومات أن الوفد السوري اجتمع بعد الظهر مع قائد سرية سجن رومية في حضور سبعة موقوفين سوريين طالب الوفد بلقائهم.

في سياق آخر، بدأ وزير المال ياسين جابر مترئساً الوفد اللبناني إلى اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن أمس، لقاءاته والوفد باجتماع خاص مع المدير التنفيذي في البنك الدولي عبد العزيز الملا، بحث في خلاله برنامج عمل البنك الدولي في لبنان والمشاريع التي يقوم البنك بتمويلها وترتيبات زيارة مجموعة المدراء التنفيذيين في البنك الدولي إلى لبنان خلال شهر تشرين الثاني المقبل للاطلاع على المشاريع التي يقوم البنك بتمويلها. كما عقد والوفد اجتماعاً مطولاً مع مجموعة لبنان في صندوق الدولي لاستكمال ما تم بحثه خلال زيارتهم الأخيرة إلى بيروت خلال شهر أيلول الماضي في جوّ وصف بأنه إيجابي ومتقدم، واستكمل الاجتماع أمس في اجتماع ثانٍ خاص بموضوع المصارف.

كما عقد الوفد اجتماعاً مع رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية محمد الجاسر، أكد خلاله الأخير “التزام مجموعة البنك الإسلامي للتنمية بدعم لبنان في التغلب على تحدياته الراهنة، واستعادة الاستقرار والازدهار، ودفع جهود التنمية من خلال التركيز على المبادرات ذات الأولوية لضمان تحقيق أثر ملموس ومستدام”. وسلّطت مناقشات اللقاء أيضاً الضوء على أهمية تعزيز التكامل الإقليمي ومواصلة تطوير مشاريع التنمية المشتركة مع سوريا.

كتبت صحيفة “الأخبار”: بدء المحادثات بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة تزامن مع توتّر متصاعد: واشنطن تضغط لنزع سلاح المقاومة وتسريع تسليم جثامين الأسرى، فيما تواصل إسرائيل الابتزاز بتقييد المساعدات وإبطاء الانسحاب.

نظرياً، يمكن القول إنّ المرحلة الثانية من اتفاق إنهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قد بدأت، وهي تتضمّن نقاشات تفصيلية حول قضايا استراتيجية تمسّ مستقبل القطاع، وتشمل شكل الحكم فيه، ومسألة نزع سلاح المقاومة، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال، وبدء عملية إعادة الإعمار. وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس، أنّ «المرحلة الثانية من اتفاق غزة تبدأ الآن»، مؤكّداً أنّ «جميع الرهائن الأحياء عادوا من غزة في أفضل حال»، مستدركاً بأنّ «المهمّة لم تنتهِ بعد»، إذ لم تُستعدْ جثامين الأسرى الإسرائيليين كلّهم بعد. وزعم ترامب، أنّ «حماس ستتخلّى عن سلاحها، وإن لم تفعل، سنتكفّل نحن بذلك»، مضيفاً أنّ «نزع سلاح حماس سيحدث بسرعة وربما بعنف».

وإلى جانب نبرة ترامب التصعيدية، فإنّ الاتصالات التي جرت في أثناء اليومين الماضيين، ولا سيّما في الساعات الأولى التي تلت قمّة شرم الشيخ، لم تحمل إشارات إيجابية من حيث المواقف وردود الفعل الإسرائيلية؛ كما أنه على الأرض، ورغم التفاهمات المفترضة، تواصلت «المضايقات» الإسرائيلية، لشاحنات المساعدات الإنسانية.

وفي حين انطلقت، أمس، اتصالات جديدة بين الوسطاء وحركة «حماس» والعدو الإسرائيلي، تتركّز على المرحلة الثانية من الاتفاق، فإنّ قضية تأخّر تسليم جثامين الأسرى الإسرائيليين الذين قُتلوا داخل القطاع، طغت على هذه الاتصالات وأبطأتها. وعقب ذلك، لوحظ وجود مسعى أميركي واضح لحلحلة هذه الأزمة ومنع انزلاق الأوضاع إلى تصعيد جديد، فيما يُرتقب ما إذا كان سيتمّ تشغيل معبر رفح اليوم بشكل أوّلي، تزامناً مع دخول بعثة المراقبة الأوروبية لبدء تجهيزه من الجانب الفلسطيني، أم لا.

وكانت قلّصت إسرائيل، أمس، عدد شاحنات المساعدات الإنسانية المقرّر دخولها إلى القطاع بذريعة تأخّر تسليم الجثامين، وأبلغت الأمم المتحدة، عبر قنوات رسمية، بأنّها «لن تسمح سوى بدخول 300 شاحنة مساعدات يومياً إلى غزة بدءاً من (اليوم) الأربعاء»، وأنّها «لن تسمح بدخول الوقود والغاز إلا للضرورات المرتبطة بالبنية التحتية الإنسانية»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».

لكنّ الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك، أجروا محادثات مع نظرائهم الأميركيين شدّدوا عبرها على ضرورة «تفهّم الظروف الميدانية المعقّدة» التي تعيق عمليات التسليم، وأوضحوا أنّ «بعض الجثامين موجودة في مواقع يصعب الوصول إليها وتحتاج إلى وقت وجهد كبيرين». وأعربت «حماس»، بدورها، عن «ترحيبها بجميع عروض المساعدة» في هذا السياق، في وقت أفادت فيه مصادر مصرية، «الأخبار»، بأنّ «فرقاً مصرية تعمل داخل قطاع غزة لتحديد مواقع جثامين الأسرى الإسرائيليين والمساعدة في استخراجها».

وفي الداخل الإسرائيلي، صعّد وزراء في حكومة العدو مواقفهم، ومن بينهم الوزير المتطرّف إيتمار بن غفير، الذي رأى أنّ «تأخير تسليم جثامين الرهائن يعني أنّ مهمّة القضاء على حماس لم تكتمل بعد»، مطالباً رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بـ«تحديد مهلة زمنية واضحة لإعادة الجثامين، تحت طائلة وقف إدخال المساعدات إلى غزة». أمّا الوزير بتسلئيل سموتريتش، فشدّد على أنّ «الضغط العسكري فقط هو ما يعيد المختطفين». ومن جهته، أكّد نتنياهو، أنّه «وعد بإعادة الرهائن وأعادهم»، مشيراً إلى أنّ حكومته «تعمل حالياً على استعادة الجثامين ولن تدّخر جهداً في ذلك»، معبّراً عن ثقته بأنّ «أخباراً إضافية ستصل في أثناء الساعات المقبلة» بشأن تسلّم جثامين جديدة.

وفي هذا السياق، ذكرت «القناة 12» العبرية، أنّ إسرائيل «تستعدّ لتسلّم عدد من جثامين الرهائن الليلة»، فيما نقلت صحيفة «جيروزاليم بوست»، عن مصدر إسرائيلي، قوله إنّ «الوسطاء أبلغوا تل أبيب، بأنه من المتوقّع نقل عدد من الجثامين اليوم». وأكّد مسؤول إسرائيلي رفيع أيضاً، لموقع «أكسيوس»، أنّه «لا يزال هناك احتمال بأن تعيد حماس اليوم جثث الرهائن»، مشيراً إلى أنّ «الحركة تبذل جهوداً أكبر في الساعات الأخيرة». ولفت إلى أنّ «إسرائيل أوضحت عبر الوسطاء أنّ إعادة الجثث تمثّل بنداً أساسياً في الاتفاق»، مدّعياً أنّ «حماس ظنّت في البداية أنّ هذا المطلب ليس حازماً، لكن تبيّن لها عكس ذلك».

وعلى خطّ موازٍ، قدّر مصدر مصري، في حديث إلى «الأخبار»، أنّ الخروقات الإسرائيلية لاتفاق التهدئة «ستستمرّ على الأرجح»، إلى حين دخول «القوة الدولية»، التي يُفترض أن تتولّى تنفيذ الاتفاق وفق مسار الضمانات المتوافق عليها، مشيراً إلى أنّ هذا التطوّر «من المفترض أن يضع حدّاً للخروقات الإسرائيلية المتكرّرة». وأوضح المصدر أنّ «العمل جارٍ حالياً على تجهيز هذه القوة، على أن تبدأ مهامها الشهر المقبل»، بينما تبدأ إسرائيل، في المقابل المرحلة الثانية من سحب قواتها من غزة.

وفي ما يتعلّق بتركيبة هذه القوة، كشف المصدر أنّ «التصوّر الأوّلي يتضمّن نشر ما لا يقلّ عن ألف جندي، وليس 500 فقط كما كان مطروحاً سابقاً»، على أن يتركّز دورهم على «تنظيم الأمن والإشراف على الآلاف من العناصر الفلسطينيين المدرّبين الذين سيدخلون القطاع تدريجياً، بعد انتهاء تدريبهم في مصر والأردن».

وفي تطوّر لافت، وصلت «بعثة الاتحاد الأوروبي» المكلّفة بتشغيل معبر رفح، والتي تضمّ عناصر من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، إلى المنطقة، غير أنّه لم يُتّخذ قرار حتى عصر أمس، بشأن توجّهها إلى المعبر، في ظلّ غياب التجهيزات اللازمة. ووفق مصادر مصرية، فإنّ إعادة تشغيل المعبر «لا تزال صعبة»، في ظلّ تمسّك الاحتلال بالبقاء على الجانب الفلسطيني منه، وربطه الانسحاب الكامل من محيطه بـ«تسلّم جميع جثث القتلى».

كتبت صحيفة “الديار”: أتت زيارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، إلى إسرائيل في لحظة إقليمية فارقة، تشابكت فيها التحولات السياسية والأمنية بعد حرب غزة، وتبدلت خلالها خرائط التحالفات في الشرق الأوسط، متخطية مجرد كونها محطة ديبلوماسية، أو خطوة انتخابية، عشية الانتخابات النصفية، مشكلة رسالة استراتيجية متعددة الاتجاهات لإسرائيل، التي تبحث عن إعادة ترميم ردعها، وللعرب الذين يتابعون مسار «السلام الأميركي الجديد»، ولإيران الخارجة من حرب ضروس عليها.

من هذا المنطلق، اكتسب الحدث بعداً يتجاوز العلاقات الثنائية الأميركية – الإسرائيلية، ليلامس مباشرة البيئة اللبنانية التي تعيش تحت تأثير توازن دقيق بين الضغوط الدولية وواقع المقاومة، حيث ينعكس كل تحول في الموقف الأميركي من تل ابيب، أو في طبيعة التفاهمات الإقليمية، في الداخل اللبناني، سواء في مقاربة ملف حزب الله، أو مستقبل القرار 1701، أو في احتمالات إعادة خلط الأوراق السياسية والاقتصادية تحت عنوان «الاستقرار والمساعدات مقابل نزع السلاح»، الشعار الذي شكل احد ابرز محاور «قمة السلام».

فزيارة ترامب في جوهرها، مثلت محاولة لإعادة رسم قواعد اللعبة في الشرق الأوسط بعد مرحلة من الفوضى والصراع، حيث يعاد تموضع القوى الكبرى في المنطقة، وتختبر خطوط التماس بين واشنطن وطهران من جديد. مشهد في قلبه يقف لبنان، بحدوده الجنوبية وموقعه الجيوسياسي ودوره كمرآة للتوازنات الإقليمية، أمام تحد استراتيجي جديد: كيف يحافظ على تماسكه واستقراره في ظل صراع النفوذ الذي يعيد ترامب إشعاله من البوابة الإسرائيلية؟

كلام عون

بيروت، لم تتاخر في تلقف الرسالة، اذ لم يكد الرئيس ترامب ينهي خطابه حتى خرج رئيس الجمهورية بتصريح، دعا فيه إلى «ضرورة التفاوض مع إسرائيل لحل الملفات العالقة»، منطلقا من تجربة الترسيم البحري عام 2022، الذي جرت في عهد الرئيس ميشال عون، والتي أثبتت إمكان اعتماد الديبلوماسية كأداة لحماية المصالح الوطنية، في توازٍ زمني بين الحدثين لم يكن محض صدفة، بل حمل دلالات استراتيجية عميقة تكشف تحولا تدريجيا في مقاربة الملفات الإقليمية بعد وقف الحرب في غزة، وفي موقع لبنان ضمن المشهد الجديد الذي تعمل واشنطن على هندسته.

مصادر ديبلوماسية، رأت ان تصريح عون شكل منعطفا دقيقا في المسار السياسي اللبناني، اذ جاء تعبيرا عن التحول إلى مرحلة «الواقعية الاستراتيجية»، في ظل المتغيرات العميقة التي تهز النظام الإقليمي، والذي رغم انه لم يترجم بعد إلى مبادرة سياسية «رسمية»، فإنه أطلق إشارة واضحة إلى أن لبنان لم يعد قادرا على البقاء خارج دينامية التسويات الكبرى، بحسب عون، وأن الاستقرار الدائم لا يمكن أن يتحقق بالقوة العسكرية وحدها، بل يحتاج إلى مقاربة مزدوجة تجمع الردع بالحوار.

واشارت المصادر، الى ان موقف بعبدا يفتح الباب أمام إعادة تعريف موقع لبنان في معادلة الشرق الأوسط الجديدة، فإذا أحسنت السلطة إدارة هذه اللحظة، يمكن للبنان أن يتحوّل من ساحة صراع إلى ساحة توازن، من خلال بناء رؤية وطنية موحدة تضع خطوطاً حمراء واضحة، والا فان الخطر من أن يتحول التصريح إلى أداة ضغط دولي جديدة على لبنان، تربط من خلالها المساعدات أو الإصلاحات بشروط سياسية، تصبح امرا واقعا، وبالتالي، يصبح الانفتاح عبئا لا فرصة.

المصادر اعتبرت ان غياب كل من نتانياهو وحماس عن قمة شرم الشيخ حمل دلالات بالغة الاهمية، تؤشر بوضوح الى صعوبة المرحلة المقبلة في غزة، وخصوصا ان الحلول المطروحة في القمة لا تتماهى مع توجهات الطرفين الغائبين، وفي مقدمها مشروع «السلام» في المنطقة الذي ينهي عمليا فكرة «اسرائيل الكبرى».

عليه تختم المصادر، بان المعادلة الواقعية تشير إلى أنّ لبنان أمام مفترق طرق اليوم، اما يعتمد خيار التفاوض المنظم والمسؤول، من خلال الدولة ومؤسساتها، ضمن إطار وطني جامع، يهدف إلى تحصين السيادة وتثبيت الاستقرار، واما يسير في خيار المراوحة والفوضى، حيث ستبقى البلاد أسيرة الاشتباك المفتوح، ورهينة تقاطع المصالح الإقليمية والدولية دون قدرة على التأثير أو الحماية، وهو ما ظهر بين سطور كلام الرئيس ترامب. من هنا على اللبنانيين ان يدركوا ان اعتماد الخيار الاول، ليس بالضرورة نهاية لسياسة الممانعة، ولا بداية للتطبيع، بقدر ما هو محاولة لإيجاد توازن وطني جديد، وبين هذين الحدّين، تتحدد ملامح المرحلة المقبلة.

دعم ماكرون

وفي سياق الدعم الدولي للعهد، جدد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في رسالة وجهها الى نظيره اللبناني، تصميمه على تنظيم مؤتمرين لدعم لبنان قبل نهاية السنة الجارية، الأول، لدعم الجيش اللبناني والقوات المسلحة، والثاني، لنهوض لبنان وإعادة الاعمار فيه، مشيدا بالقرارات الشجاعة التي اتخذتها الحكومة لتحقيق حصرية السلاح.

اوساط سياسية اكدت، ان كلام الرئيس الفرنسي، كما كلام الرئيس ترامب، لم يخرج عن السياق المعهود، لجهة اللغة والمضمون، الذي دأب موفدو كل من باريس وواشنطن على التأكيد عليه من بيروت اكثر من مرة، واهم ما فيه ربط المساعدات بحصر السلاح، وهو ما يعني عمليا ان الحديث عن مؤتمرات دعم يبقى في الاطار النظري، خصوصا ان أي موعد جدي لم يتحدد، في ظل الصعوبات التي تصطدم بها باريس في كل مرة، نتيجة التصلب والتشدد الاميركيين، الذي يرى الكثيرون انه سترتفع نسبته مع وصول السفير ميشال عيسى الى عوكر، ومباشرته مهامه، استنادا إلى ما يتوافر من معلومات مصدرها واشنطن.

الانتخابات النيابية

في الملفات الداخلية، عاد ملف الانتخابات النيابية الى الواجهة، بعد تاكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري، وفشل مساعي نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب في احداث خرق في جدار الازمة، ما اعاد الامور الى مربعها الاول لجهة اجراء الانتخابات وفقا للقانون الحالي، رغم تاكيد مصادر متابعة أن نسبة تسجيل الانتشار اللبناني على منصّة وزارة الخارجية ما زالت منخفضة، معيدة السبب الى امرين اساسيين: الأول، تريّث المغتربين في انتظار حسم الجدل حول القانون الانتخابي الذي سيُعتمد، خشية شطبهم من اللوائح في لبنان، والثاني، يعود إلى التحديث الرقمي للمنصّة الذي حدّ من إمكان التسجيل المزدوج، خلافاً لما كان يُسمح به سابقاً.

وفيما اطلق رئيس التيار الوطني مبادرة انتخابية، في ذكرى 13 تشرين الاول، كمخرج من عمق الزجاجة على ما تؤكد اوساطه، كشفت معلومات سياسية، عن ان كتلة اللقاء الديموقراطي، تعمل على صيغة حل وسط تقضي بان ينتخب المغتربون نوّابًا محسوبين للاغتراب، ولكن في الداخل وليس في دول الانتشار، ليرتفع عدد النواب في المجلس إلى 134 نائبًا، موزّعين طائفيًا كما في القانون الحالي، حيث تشير مصادر المختارة، الى ان الخطوط العريضة للمبادرة تقوم على عدم تأجيل الانتخابات، وإعطاء صوت للمغتربين اللبنانيين، والحفاظ على حقّهم في المشاركة في هذا الاستحقاق، حيث تم جمع الرأيين الاساسيين في حلّ منطقي يمكن للحكومة تنفيذه من دون أي عوائق.

تعاون قضائي

على ضفة العلاقات اللبنانية – السورية، خطت الاتفاقية القضائية بين لبنان وسوريا خطوة إضافية في اجتماع عقِد في المبنى القديم لرئاسة الحكومة بين نائب رئيس الحكومة طارق متري ووزير العدل عادل نصار مع وفد سوري برئاسة وزير العدل السوريّ، مظهر الويس، الذي زار بيروت امس لساعات، حيث جرت مناقشة الاتفاقية القضائية بين لبنان وسوريا التي يعرضها الوزير نصار واستكمال البحث في موضوع الموقوفين والمساجين السوريين، حيث جرى اتفاق مبدئي على تسليم كل السجناء السوريين الذين لم تصدر بهم أحكام بجرائم القتل أو الاغتصاب أو المشاركة في القتال ضد الجيش اللبناني، على دفعات بعد تحديد آليِة عودتِهم إلى دمشق، بعدما كان تسلم وزير الخارجية والوفد الامني المرافق له، الاسبوع الماضي، اللوائح النهائية باسماء الموقوفين.

هذا وعلم ان الوفد السوري كان قدم لائحة باسماء ثمانية سجناء موقوفين في رومية، طالبا مقابلتهم، وهو ما حصل فعلا بناء على اذن قضائي من مدعي عام التمييز القاضي جمال الحجار، من ضمن آلية خاصة لمعاينة أوضاع عدد من السجناء السوريين الموقوفين في السجن، حيث عرف منهم ثلاثة: ثائر مشكاف، عقيد المنشق عن الجيش السوري السابق، دانته المحكمة العسكرية بجرم الانتماء إلى تنظيم جبهة النصرة والقتال ضد الجيش في بلدة عرسال، محمد عبد الحفيظ قاسم، دانته المحكمة العسكرية بالقيام بأعمال ارهابية وتجهيز سيارة بالمتفجرات وتفجيرها في منطقة الرويس عام 2013، و ضابط الصف خالد قراقوز، المحكوم بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بتهمة قيادة مجموعات إرهابية ومهاجمة الجيش اللبناني.

ملف شاكر

وليس بعيدا، تسلّم مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية التحقيقات الأولية التي أجرتها مخابرات الجيش مع الموقوف فضل شاكر، في الملفات الأربعة المتهم بها، تمهيدا لإحالتها إلى رئيس المحكمة العسكرية، خلال الساعات المقبلة، الذي يفترض ان يحدد الجلسة الأولى لاستجوابه مطلع الأسبوع المقبل، الى جانب عدد من الشهود، وسط توقعات بان تتم مواجهته بالشيخ احمد الاسير.

لقاءات لبنانية مكثّفة في واشنطن: جابر يفاوض على الموازنة وكنعان يؤكد أولوية استرداد الودائع

هذا واستهلّ وزير المالية ياسين جابر لقاءاته في واشنطن، حيث يشارك في اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، باجتماع خاص مع المدير التنفيذي في البنك الدولي، جرى خلاله البحث في برنامج عمل البنك في لبنان والمشاريع التي يقوم بتمويلها، إلى جانب التحضيرات الجارية لزيارة مجموعة المديرين التنفيذيين إلى لبنان في تشرين الثاني المقبل للاطلاع ميدانيًا على المشاريع قيد التنفيذ.

وفي السياق نفسه، عقد الوفد اللبناني اجتماعًا مطولًا مع مجموعة لبنان في صندوق النقد الدولي لاستكمال النقاشات التي جرت في بيروت خلال أيلول الماضي، وسط أجواء وُصفت بالإيجابية وتقدّم في الملفات التقنية، على أن يُستكمل البحث في جلسة مخصصة لملف القطاع المصرفي.

مصادر مواكبة للوفد أكدت أن الجانب اللبناني يخوض مفاوضات صعبة في واشنطن، خصوصًا في ما يتعلّق بالموازنة، وقانون الفجوة المالية، وتطبيق قانون السرية المصرفية، مشيرة إلى أن الهدف الأساس للبنان في هذه المرحلة هو تجنّب إدراجه على اللائحة السوداء، والسعي لاحقًا إلى رفع اسمه عن اللائحة الرمادية.

وفي موازاة الاجتماعات الحكومية، شارك النائب إبراهيم كنعان في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لعام 2025 في واشنطن، إلى جانب برلمانيين من مختلف أنحاء العالم.

وأكد كنعان أن لبنان، الذي لا يزال يتفاوض مع صندوق النقد منذ العام 2019، يحتاج إلى مسار تعافٍ واقعي يأخذ في الاعتبار مصلحة الشعب اللبناني، مشدّدًا على أن «إصلاح المالية العامة هو المدخل لوقف الهدر ومكافحة الفساد»، وأن «قانون الفجوة المالية وُضع أساسًا ليشمل استرداد الودائع كما حصل في تجارب دول أخرى».

وأشار إلى أنه سيعقد اليوم لقاءات في البيت الأبيض ومع إدارة صندوق النقد لمتابعة النقاشات حول الملفات المالية والإصلاحية المطروحة.

الذهب

وفيما يتوقع ارتفاع جديد في اسعار الذهب الى مستويات قياسية جديدة، وسط تجدد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة الاميركية والصين، مما زاد من حالة عدم اليقين وعزز الطلب على الملاذ الآمن، في حين دعمت توقعات خفض اسعار الفائدة الاميركية، الاسعار، التي توقع البعض ان تبلغ سقف ال 5000 دولار للاونصة الواحدة، يشهد السوق اللبناني حركة مضطربة، في ظل امتناع بعض التجار عن بيع الذهب، تحديدا الليرات والاونصات، التي في حال توافرت، بيعت باسعار اعلى من السوق العالمي بحوالى ال200 الى 250 دولارا، في السوق السوداء، وسط بطء عمليات التسليم للمحال، من قبل الـ «مافيا» المتحكمة، في ظل غياب كامل للدولة واجهزتها الرقابية عن الساحة، في مشهد يذكر بفترة ارتفاع سعر الدولار والمضاربات التي حصلت. فاين الدولة من كل ذلك، والسلطات المالية؟ ولمصلحة من تكدس الارباح الطائلة التي يتم جنيها من السوق السوداء؟

المصدر: الوكالة الوطنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى