
ميريام بلعة – المركزية
يمكن اعتبار كل من تعميم مصرف لبنان رقم 170، وقرار وزير العدل اللبناني الذي توجّه به إلى كتّاب العدل، خطوتين أساسيتين لجعل لبنان أكثر امتثالاً للمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب (AML).
وتهدف هذه الإجراءات من جهة إلى إخراج لبنان من اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي الدولية (FATF)، وعزل “حزب الله” بشكل غير مباشر من خلال زعزعة شبكاته المالية التي لا تدخل ضمن إطار القطاع المصرفي.
وأدّت أوجه القصور الاستراتيجية في نظام مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، إلى إدراج لبنان على اللائحة الرمادية لمجموعة العمل المالي الدولية (FATF). ويُعالج كل من تعميم مصرف لبنان رقم 170 وقرار وزير العدل مخاوف المجتمع الدولي بشكل مباشر
أوساط مالية مطّلعة تشير عبر “المركزية” إلى أن تعميم مصرف لبنان رقم 170 يحظّر بشكل صارم على المصارف والمؤسسات المالية التعامل بشكل مباشر أو غير مباشر مع الكيانات غير المرخص لها وتلك الخاضعة لعقوبات من قبل المجتمع الدولي ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية. ولعل أهمّ نقطة في هذا التعميم أنه يفصل فعليًا بين القطاع المصرفي والمالي الرسمي الخاضع للرقابة، وبين الشركات التي تعمل خارج نطاق القانون أو تلك التي تُصنَّف من قبل المجتمع الدولي على أنها تمويل غير مشروع. وبالتالي يُمكن القول إن هذا التعميم سدّ الثغرات في النظام المصرفي والمالي الرسمي، وهو ما تطلبه مجموعة العمل المالي الدولية.
أما قرار وزير العدل فهو، وفق الأوساط المالية، “يُلزم كتّاب العدل بالتحقق من هويّة الأطراف التي تُجري معاملات قانونية خصوصًا لناحية التأكد من عدم إدراجهم على لوائح العقوبات الداخلية (SIC list) أو الدولية (OFAC list) وإلزامية التحقّق من مصدر الأموال. ويستهدف هذا القرار تحديداً، القطاع غير المالي – الانتقاد الأساسي لمجموعة العمل المالي الدولية – وأنشطة غسل الأموال، خصوصاً في قطاع العقارات والسيارات… وهو ما يُساعد على استيفاء متطلبات مجموعة العمل المالي الدولية بشأن مكافحة إساءة استخدام الكيانات القانونية (جمعيات…) من خلال تعزيز الشفافية وإمكانية تتبع نقل الممتلكات والأصول”.
من خلال هذه الإجراءات العملية والملموسة، تسعى الحكومة اللبنانية إلى إثبات جدية تطبيق توصيات مجموعة العمل المالي الدولية، والتي قد تكون السبيل للخروج من اللائحة الرمادية عبر معالجة التصدّي الفاعل لنقاط القصور التي أسردها تقرير المجموعة في كانون الأول 2023.
مكافحة الأنشطة المالية لـ”حزب الله”
تجزم الأوساط المالية الآنفة أن “هذين الإجراءين، سيؤثران بشكل مباشر على البنية التحتية المالية لـ”حزب الله” الذي يعتمد بشكل كبير على المؤسسات غير الخاضعة لرقابة مصرف لبنان وعلى الاقتصاد النقدي:
1- إن تعميم مصرف لبنان رقم 170 يحاصِر بشكل مباشر الجهات غير المرخص لها، مثل “القرض الحسن”. وبالتالي يُراد من خلال هذا التعميم منع الأموال الآتية من هذه الجهات، من الوصول إلى القطاع المصرفي اللبناني… واستطرادًا عزل هذه الجهات بالكامل عن النظام المالي العالمي من باب التحويلات الدولية بحجّة الاستيراد. وكنتيجة حتمية، يُصبح نشاط “حزب الله” المالي محصورًا بـ”اقتصاد الكاش” الذي سيؤدّي إلى تعقيد العمليات ورفع الكلفة.
2- أما قرار وزير العدل فيهدف إلى مَنع نقل الأصول المنقولة (مثل قطاع العقارات) إلى أفراد أو كيانات مُعاقَبة، مقابل أموال آتية من نشاطات غير مشروعة. وبالتالي سيكون هناك من الآن وصاعدًا صعوبة كبيرة في عملية غسل الأموال وجعلها رسمية وإدخالها القطاع المالي.
ختاماً، تخلص الأوساط المالية إلى القول إن “هذين الإجراءين يهدفان إلى إنشاء حاجز تنظيمي فعلي بين الهياكل المالية القانونية المُلتزِمة بالقانون والمندمِجة بالنظام المالي العالمي، وبين الهياكل غير المُمتثِلة أو غير المرخص لها. وهو ما يُعتبر عنصراً أساسياً في تلبية شروط مجموعة العمل المالي الدولية، وبالتالي الخروج من اللائحة الرمادية. فهل يحمل الاجتماع المقبل للمجموعة (بعد أسابيع من الآن) بشرى سارة للبنانيين؟



