النقيبة القوال خلال إحتفال ” يوم المحامي” : الحقّ سينتصر وفلسطين ستعود وموعد صلاتنا في القيامة والأقصى والمهد والصخرة بات قريبًا وقريبًا جدًّا

 

 

بمناسبة يوم المحامي، احتفلت نقابة المحامين في طرابلس بتكريم ثلة من الأساتذة المحامين الذين أمضوا ثلاثين عاماً وأكثر في العمل المهني والنقابي، بحضور نقيبة المحامين في طرابلس ماري تراز القوال، النائبين السابقين صالح وكاظم الخير، والنقباء السابقين : جورج موراني، خلدون نجا،عبد الرزاق دبليز، أنطوان عيروت، ميشال خوري، فهد المقدم، وأعضاء المجلس الأساتذة: منير الحسيني، محمود هرموش، مروان ضاهر، باسكال أيوب، جمال اشراقية، الأساتذة المكرمين وأهاليهم، وعدد من الزميلات والزملاء المحامين ومحامين متدرجين، وذلك في القاعة الكبرى في النقابة.

 

البداية بالنشيد الوطني اللبناني، ثم نشيد النقابة، فدقيقة صمتٍ إكراماً لأرواح شهداء فلسطين، ليُلقي بعدها الأستاذ هرموش كلمةً جاء فيها :” أقف اليوم امامكم وينتابني مزيج من المشاعر المتناقضة فهل أهنئكم بيومكم يوم المحامي وهو حق لكم، أم أبتهج ببطولات رجال غزة العزة الذين أثبتوا ان العدو أوهن من بيت العنكبوت، أم أحزن على أطفال ونساء عزل يُقتلون بدم بارد من قبل عدو غاشم متغطرس جبان، لا يقاتل إلا من وراء جدار”.

 

وتابع:” أيها السادة انا اليوم مزيج من هذه المشاعر التي تنتاب كلّ واحد منكم، لا أخفيكم القول بأننا تدارسنا وتباحثنا في مجلس النقابة، هل نلغي هذا الاحتفال على وقع جرائم العدو بحق أهلنا في غزة الصمود، وتضامناً مع زملائنا في فلسطين، بعد تدمير مبنى نقابة المحامين فيها، وكان قرارنا بأن إرادة الحياة ستغلب الموت وأن الحق سينتصر مهما طال الزمن، وأننا سنقف في وجه الظلم مهما كان عاتياً، وسنرفع صوتنا لنصدح بالحق ونقول عاشت فلسطين حرة أبية”.

 

وأضاف:” أيها الزملاء أنتم رجال الحق والعدل، بكم يرفع الظلم ويعاد الحق لأصحابه، فلكم أن تحتفلوا بيومكم في العاشرمن تشرين الاول، رُغم الأحزان، ولكم أن تصدوا رغم النكبات وأن تستبشروا رُغم السنين العجاف التي ترد على وطننا وعلى مهنتنا، لكن ايمانكم راسخاً بأن الغد أفضل، وأننا سنصل يوماً الى بر الامان.

نحن المحامين كم درب نسير به  هيهات يوماً بغير الحق نمشيها

ونكبحُ الظلم لا نرضى تدفقه ما أجمل الغرسَ ماءُ الحقِ يرويها

ان المحامين صِدقُ القول منطقُهم لن يعرفوا الزور أو يبنوا في قوافيها

 

ثم ألقت النقيبة القوال كلمةً جاء فيها:” منذ إحدى عشرة سنةً، حين تقرَّر أن نقيم يومًا للمحامي نحتفل به فيه، توطَّنَ البالَ أن تكونَ المناسبةُ موعدًا للتقدير والتحفيز في آنٍ معًا. فيها نتذكَّرُ  أيامًا مضت، في صحبة اللائحةِ والاستشارةِ والمرافعة، ونرنو إلى مثلِها سيأتي على متن سنة قضائية يكونُ مفتتَحُ تشرينَ غُرَّةَ مطلعِها. مؤمِّلين أن يوم المحامي الذي يقع بالقرب من بدايتِها، سيزوِّدُنا بطاقةٍ جديدة من النشاط والفرح، تساعدُنا على عبورِ العام، فتجعلُ الطريقَ أمامنا بيِّنًا، والسيرَ فيه هيِّنًا، ولكن هيهاتَ هيهات!! ما كان في البال… بدَّدهُ سوءُ الحال”.

 

وتابعت:” ولا يأخذَنَّ أحدٌ عليَّ أنني استهللتُ بالشكوى الخطاب. إذ كيفَ لي ألّا أفعلَ، والذاكرةُ التي تقودُها الذكرى إلى موعد هذا اللقاء، تلقي علينا كلِّنا واجبَ المقابلة بين الواقع الفَرْدِ الذي نعيش، وجَمْهَرَةِ العقود الماضية التي كانت سنواتُها وشهورُها وأسابيعُها وساعاتُها، أيامًا بيضًا  للمحامين، يصرفونَها في كلِّ ما ينفعُ الناسَ ويمكثُ في الأرض، من عملٍ مهني يدافعون به عن الحقوق والقيم والكرامات، ومن شأنٍ وطنيٍّ أو سياسيٍّ أو اجتماعيٍّ أو ثقافي، فإذا أقلامُهم حيث يكتبون، وأصواتُهم حيثُ يتحدثون، ركائزُ فكريةٌ وعملانيةٌ لقيام الدولة الصحيحةِ كما ينبغي لها أن تكون. دولةٌ قوامُها الحريةُ والعدالةُ وحقوقُ الإنسان، وانتظامُ عمل السلطات فصلًا وتعاونًا، والنّأيُ بالوظيفةِ عن الفساد، واستقلال القضاء وحفظُ مصالح الشعب لا السياسيين.”.

 

وأضافت:”  ذلك عهدٌ كانت فيه المحاكم على ذُروةِ الزَّهوِ بالمرافعات، والقضاءُ يملي الحقَّ باسم الشعب اللبناني بأحرفٍ من صمتٍ مصقولٍ بالنور، كنا نسميه موجِب التحفظ، ولا أعلمُ اليوم ما اسمُه الجديد. وكان حبرُ الأحكام التي تُتلى علانيةً أشدَّ سطوعًا من شاشاتِ التلفزة والهواتف الرقميّةِ، وصفحات التواصل ومنصاتِ التغريد. وكان ركونُ المحامين إلى العمل اليومي، ولو مضنيًا، مدعاةَ فرحٍ لا يوصف؛ حتى إذا انتهَوا من مكتبٍ ومحكمة، راحوا إلى منتدياتِ المعرفةِ وساحاتِ الحوار، يُشْعِلونَها نقاشًا حرًّا في القضايا الجُلّى التي كانت تغلي بها الحياةُ في ذلك الزمان الجميل. بعضٌ من هذا عرفناه بأنفسِنا، وبعضٌ قرأناه في الكتب أو سمعناه من أفواه كبارِنا. ولهذا تعصفُ الحسرةُ في القلوب على ما آل إليه الوطنُ والمهنةُ والقضاء، في حالكاتِ هذا الأوان الذي تشوَّهت نهاراتُه ولياليه، وتعطَّلَتْ مسالكُه ومجاريه، واستعصت حلولُه على كلِّ نجيبٍ ونبيه. ”

 

وأردفت:” على الرغم من هذا، نحن مصابون بأملٍ عُضالٍ لا شِفاء منه. فالوطنُ البهيُّ الذي وُجِدَ ليكون فضاءً للحرية ونطاق ضمانٍ للفكرِ الحرّ، لا بدَّ له من أن يتغلَّبَ على أزماتِه ويخرُجَ بأبنائه إلى الحياةِ الكريمةِ التي تليق به وبهم. ذلك لا سبيلَ له إلا دولةُ القانون التي نحنُ أعرفُ الناسِ بأركانها، ولهذا ينبغي لنا دائمًا أن نقيم الأعياد في وسطِ الأزمات، ونشقَّ بالعدلَ حُجُبَها كما يشقُّ القمرُ بنورِه جَهْمَ السحاب، عالمين أن لبنان محتاجٌ إلينا لإعادة ترتيب الحياة الوطنية. نحن ندركُ تمامًا الوضعَ الراهنَ المحيط بنا، وأحوالَ المحاكم التي ضاق عليها الخناق، حتى في أبسطِ مستلزمات الأعمال القلمية، وما يعانيه السادة القضاةُ من نقصٍ على جميع الصعد، لكنَّ علينا أن نتعاونَ كلُّنا من أجل الناسِ ومن أجل لبنان. ولعلَّ أفضلَ ما نأتيه نحن المحامين في هذا الخصوص أن نلتزمَ بمناقب المهنة وآدابِها، فلا نؤخِّرَ دعوى، ولا نتهرَّبَ من تبليغ، وليحملْ بعضُنا أثقالَ بعضٍ إلى أن تنتهي هذه المرحلة، ولنأتمَّ دائمًا بكبارِنا، أولئك الذين كتبوا المحاماةَ بحبر أقلامِهم وعصارةِ جهودِهم، فحقَّ لهم التكريم في يومِنا… يومِهم”.

 

وتابعت:” خمسون ثم ثلاثون. تلك الأعداد يتداولُها المحامون، وهم يحسُبون صنائعَ أعمارِهم، فإذا بها تربو على كلِّ عددٍ مهما تكاثرت أرقامُه. قد تُعَدُّ السِّنون. أما الزمانُ فلا. قد تتعبُ اليدُ. أما الفكرُ فلَن. هكذا جيلًا بعد جيل، نوثِّقُ أيامَنا في سجلِّ النِّقابةِ الذّهبي، كي نملأَ المئةَ الثانيةَ بالسعي الدؤوب إلى تحقيق رسالةِ العدالة، ونشرِ القيم والمحافظةِ على الثوابتِ الوطنية. ونحن بعد قليل، حين نقدّمُ شهادات التكريم، باسم النقابةِ كلِّها، إلى الرعيلين من أبنائها، نشعرُ بأن الزمنَ الذي مرَّ علينا وعليهم، ليس إلى تقادمٍ ولا انقطاعٍ ولا سقوط، بل هو للاعتراف إلى الأبد بأن نقابةَ المحامين في طرابلس وفيةٌ لمن شادوها، وشدَوْا في أرجائها، وتلمّسوا منها طريقَهم إلى النجاحَيْنِ الشخصيِّ والعامّ، ليكون نجاحُهم عطرًا بقواريرَ كثيرة، من حبِّ الوطن وحب الناس وحبِّ القيم، ومن انتماءٍ إلى الحقِّ نسبًا صريحًا… لا هُجنةَ فيه”.

 

وعن الانتماء إلى الحق  قالت النقيبة القوال:” يدعونا إلى النظرِ باتّجاهِ الوطنِ السليبِ جنوبَ الجنوب. فلسطينَ التي يسطِّرُ أبناؤها ملاحم الكرامة والصمود، ببطولاتٍ لا حدود لها، وينزلون من أعالي الطوفانِ إلى  ترابِ أرضِهم المسماةِ غلافًا، فإذا التاريخُ منعطِفٌ صوبَهم دهشةً وافتخارًا، وإذا الجنون الإسرائيلي يتفجَّرُ كعادته حقدًا وقصفًا على المدنيين في المنازل، حتى طاول مبنى نقابة المحامين الفلسطينيين في غزة وأدّى إلى سقوط زميلين شهيدَيْن، ارتقيا إلى مجد فلسطين مع المئات من شهداء الأمس، وآلافِهم منذ ثمانين سنة. لكنَّ الحقّ سينتصر، وفلسطينَ ستعود، ولقد بات من حقِّنا نحن أبناءَ هذا الجيل، بعد أن عاينّا ما حدثَ على أيدي المقاومين في غزّةَ الأبية، أن نتيقّنَ أن موعدَ صلاتنا في القيامة والأقصى، والمهدِ والصخرة، بات قريبًا وقريبًا جدًّا.”

 

وختمت النقيبة القوال معلنةً عن إلغاء حفل العشاء السنوي قائلة:”  الساعة هي للصلاة والدعاء بالنصر، وأطلب منكم أن نقف جميعنا في تحيةٍ لأبطال فلسطين، عشتم… عاشت النقابةُ… عاش الحق… عاشت فلسطين… وعاشَ لبنان”.

 

ثم القى النقيب الأسبق خلدون نجا كلمةً باسم النقباء السابقين جاء فيها:” بالأمس بقيت دقائق محتاراً، أأقول كلمةً بحق الماضيين، أم بحق الحاضرين، أم أقول كلمة للجيلين معاً ؟ ففضلت اليوم أن تكون النقيبة هي صوت الحاضرين وأنا صوت الغائبين، فاليوم أستذكر معكم فيما أستذكر أستاذاً كبيراً من علمائنا عنيت به الأستاذ كمال سلهب، فأنا احب في كلّ مناسبةٍ تسنح لي أن أذكر زميلاً قد رحل ومحاسنه وخصاله وأعماله في هذه النقابة”.

 

وتابع:” يصادف الإنسان خلال مسيرة حياته ، طالت أم قصرت أصحابا ورفاقا وأساتذة حباهم الله نفوساً رقيقة كالنسيم وظرفاً يشدهم الى من يلقاهم وجاذبية بجعلـهـم محـط الإهتمام، ولكم جمع هؤلاء بين خفة الدم والإبتسامة الأخاذة وسرعة البديهـة وقـوة الحضور، اضافة الى طلاقة اللسان وبراعة إيجاد المخارج ويكون عندهم وصـفة سحرية تنطلق من مبدأ لكل مقام مقال، ولكم عرفت خلال مسيرتي الطويلة في المحاماة نماذج مميزة مـن هـؤلاء النــاس حفرت في ذاكرتي ملحاً وطرائف لم يستطع الزمن بكل تلاوينه أن يمحوها، ولكم منيت نفسي أن تجد في زحمة القضايا ومتابعة المراجعات وقتاً أبوح فيه عن بعض ما تختزنه الذاكرة، واليوم وأنا أمر في شارع يزبك ، وهو شارع سمي بإسم من شيد بنايات متعددة فيه، وكان هذا الشارع يضم أكثر مكاتب المحامين حتى غلب اسم شارع المحامين عليه، فقد كانت مخازنه مكاتب للمحامين بدل أن تكون محلات تجارية تعرف الشارع مكاتب الأساتذة رشيد معصراني وامين نوفل وسالم كبارة والنقيب شوقي دندشي والنقيب حميد معوض وكمال سلهب وغيرهم، ولقد تدرجت في احد مكاتب هذا الشارع ، وأمضيت قسماً من حياتي المهنية في مكتب القاضي التريه والمحامي المتألق أمين نوفل، وستكون لي وقفات مع طرائف وملح كان ابطالها موكلين ورفاق مهنة حدثت في هذا المكتب”.

 

وأضاف:” لكن موضوع هذا المقال يتعلق بأستاذ آخر هو الأستاذ كمال سلهب ، مـدعي عام الساحل السوري في الزمن البعيد والمحامي المميز في أيامي، ذلك المحامي الذي عرفته الفيحاء فارساً في جنبـات محاكمهـا ساحراً يأخذ بالألباب ، قوي الحجة ، حاضر الذهن ، سريع البديهة ، طلق المحيـا، ذري اللسان، قوي الجنان وكان أستاذي امين رحمه الله يصاب بين الحين والآخر بنوبات قلبيـة خفيفـة تفرض عليه راحة قسرية، ولقد كنت انتهز الفرص لأغرق من بحر ذلك الجـار كـمـال سلهب، محاولا معرفة ذلك السحر الذي يلازم وقفاته في المحاكم ومضت الأيام وبقي السر في أعماق صاحبه وعرفت أنه هبة من رب العالمين يقذفها في فؤاد بعض عباده”.

 

وأضاف:” في يوم من أيام الجمعة، وكان المرحوم كمال سلهب قد استعد لإستقبال العشرات من الفقراء الذين اعتاد على توزيع بعض المال عليهم ، وكان محله وأقول محله لا مكتبـه نظراً لوضعية المكان كمخزن يصبح بوفود لها أول وليس لها آخر، ولكم استغل البعض هذا التراحم فيأخذ مرة بعد المرة دون ان ينتبه الأستاذ لهذا النوع من الشطار، وكان لدي الأستاذ سلهب، كاتب “دقة قديمة” كما يقولون ، كـان إذا أراد أن يطبع على الآلة الكاتبة ، نخاله عواد يقسم الحاناً بين النغمة والنغمة استراحة ، وكانت لغته العربية تحسد طريقة استعماله آلة الطباعة ، وكان هذا الكاتب المسكين يسمى ” جميلا “، وهو لم يكن على الإطلاق اسماً على مسمى، ينظر الى هذا المشهد ، مشهد الأستاذ كمال وهو يوزع المال شمالاً ويميناً من وجهة نظره ، فيحزّ في نفسه ويكتم غضباً ويعض علـى جرحه لعدم شجاعته لمواجهة رب عمله لزيادة راتبه، وكان يوم عرف فيه جميل ما يكنه الأستاذ كمال لي من موده ، فبادرني قـائلا: لقد خطبت وعقدت بعد ذلك قراني وانا على وشك تأليف عائلة فأرجوك ان تتوسط لي لدى الأستاذ كمال ليرفع لي راتبي وهو لن يتأثر بآية زيادة نظراً ولأنه كما ترى يساعد الأغراب والأقربون وعلى رأسهم أنا اولى بالطبع ، هذه الجمل من صياغتي، لأن جميلاً هذا لم يكن يملك مقدرة تدبيج مثل هذه العبارات، حنّ قلبي ، وقلت سأحاول فإن نجحت فلي الأجر وأن اخفقت فلا خسارة، وفي ظهر أحد الأيام تحينت فرصة نجاح الأستاذ سلهب في دعوى جنائية ضـجت لها الفيحاء ، لأفاتحه بطلب جميل فإبتسم رحمه الله بل ضحك ضحكة رددتهـا حيـطـان مكتبه وقال اجلس فجلست فنادى جميل ، فجاء مطرقاً ، أحمر الوجه من فزع ، يرتجـف رجفة قد تخفى على غير المتفرس.

وقال له رحمه الله تريد زيادة راتب وتوسطت الأستاذ خلدون ألـيـس كـذلك، فسكت فعرف الأستاذ كمال مراده، وهنا قال جميل أنا سأترك امر الزيادة لمن توسط لك ولكن قبل هذا أتـني بـآخر لائحة كلفتك بطباعتها وكان جميل هذا قد انتهى منها لتوه و لم يكذب المسكين الخـبر، فأخذها الأستاذ وأخذ يقرأ عنوانها بعد ان وضع نظارته المعدة للقراءة وذلك بصوت عال معروف عنه في المرافعات فقرأ علي ما يلي:” صاحب اللحية اللعينة لمحكمة الإستملاك في بيروت ” ، لم أصدق مـا أسمـع، واعتبرت ان الأستاذ كمال يريد الترويح عني وهو المعروف بخفة الظل كما سبق وذكرت، ولكن جديته وسؤاله جميل ما هذا يا جميل راجع الخرطوش ، هل فيها كلمـة صـاحب فتفرس جميل بالخرطوش وقال لا انها جانب ، فقال بسيطة تحصل يا جميل ولكن تفـرس مجدداً هل في الخرطوش اللحية يا جميل ، فراجع جميل الخرطوش وأجاب الحيـاء يلفـه لا، اللجنة يا أستاذ ، بسيطة يا جميل تحصل مع أحسن الكتاب ولكن هل انا كتبت اللعينة يا جميل فكرر جميل التمعن قائلا انها العلية يا استاذ وهنا قال الأستاذ كمال رحمه الله جانب من صارت صاحب واللجنة صارت اللحية ولكن العلية كيف صارت اللعينة يا جميل، وهنا لاحت من الأستاذ التفاتة الى متن الصفحة الأولى من اللائحة فوجـد فيهـا فراغاً فإستغرب الأمر وعاد الى الخرطوش فإذا به يجد أنه قد شطب ثلاث كلمات بوضع علامة ××× عليها فسأل جميل لماذا تركت فراغاً في اللائحة يا جميل فما كان من الأخذ وبعفوية ملفته ” أنا لا اعرف فرنساوي يا استاذ “، وهنا عاودت الأستاذ كمال ابتسامته بل ضحكته والتفت الي قائلاً ما رأيك هـل أزيد راتبه فما كان مني الا وغادرت المكان تاركاً جميلاً لحنيه لدى كمال في الجمعة، وعرفت بعد ذلك انه قد زاد له راتبه ولكن جميلاً قضى بحادث سيارة على مـا اذكـر، فرحم الله كمالاً وجميلاً وصبراً جميلاً على كل جميل تصادفه أيهـا القـارئ في مسيرة

حياتك.

 

ليُلقي بعدها النقيب فهد المقدم كلمةً باسم المكرمين جاء فيها:” فلسطينُ من أنبأكِ أنّنا المكرّمون وفي يومِ النصرِ لا عريسَ ولا عروسَ إلّا الشهيدَ وأبناؤهُ  المقاومة والنصر والعِزّة والإبتهاج وإسترداد الأرض، فلتحيا فلسطين وعاصِمَتُها الأبديّةُ القُدس.

وتابع:” سعادة النقيبة، الإحتفاليّةُ دونَ حفاوة كالغيومِ في الشتاءِ دونَ مطر

أنتِ الحفاوة، أنتِ المطر وإنّكِ شمسُ النقابة، اليومَ تفضّلتِ بتكريمِ ثُلّةٍ من المحامين الذين أمضوا ثلاثينَ عاماً وأكثر في العملِ المهني والنقابي فجاءَ تكريمُكِ لنا متطابقاً مع تكريمٍ تكرَّمت به النقابةُ يومَ إختارَكِ جُمهورُها. النقيبةَ المرأةَ الأولى، فإنَّني بإسمِ الزميلاتِ نشكُركِ أيُّتها التي كرّمتِ المرأةَ بحضورِكِ المميز، بشخصِكِ، بقربِكِ وحنانِكِ وببُعدِ رؤياكِ، فكُنتِ نقيبةَ القلوبِ والعقولِ النيّرةِ، النقيبةَ التي دأبت أن تكونَ على مسافةٍ متساويةٍ من جميعِ الزميلاتِ والزملاء، حاملةً شُعلةَ الحقِّ والعدالةِ والحفاظِ على النقابةِ والمحامين.. “.

 

وأضاف:” أيُّها الزميلاتُ والزملاءُ المُكرَّمون، في هذا اليومِ الميمونِ نُكرَّم لنَتَذكّر سِنينَ من العُمرِ إنقضت في جِهادِ الثباتِ والبحثِ عن الذات. نُرتِّبُ الرفوف، نُصفِّفُ الأوراق، نُصِفّقُ لمواقفَ ومحطّاتٍ ولكأنَّها إنجازاتٌ. عِشنا في رَهبةٍ وخِشيةٍ من ذواتِنا، ومن مسارِ حياتِنا لأنّنا محامون. صَنَعَ كُلُّ واحدٍ مِنّا خيالَهُ وإطارَه، واستنشقنا معاً أريجَ العدالةِ. تعلّمنا مِن مَن عبروا قَبلَنا وتركوا لنا البُنيانَ وبينَ رُفوفِ المكاتبِ وسقوف العدالةِ إنطوى العمر، فإنَّ مناسبةَ لِقائِنا اليوم هي محطةٌ نقابيةٌ تُعبِّرُ عن مدى إرتباطِ المحامي مع مؤسسةِ النقابةِ وعن مدى عُمقِ هذه العلاقةِ فهي تتمحورُ حولَ دورةٍ غيرِ متناهيةٍ مِن تَعاقُبِ الاجيالِ التي تفانت في سَبيلِ رِفعَةِ ومناعةِ هذه النقابة، رجالٌ أنتم تمرّستُم في إعلاءِ صوتِ الحقِّ وشأنِ العدالةِ في الوطنِ ورسّختُم شراكةَ الإنسجامِ مع الجِسمِ القضائي الذي تُحاكُ له في هذه الظروفِ الفِخاخُ والأشراكُ، فنرجو من الله القدير ان يلهِمَ قيادات الوطن ان ينتخبوا رئيساً للجمهورية يدير البلاد وينهض بها من كبوتها فيستعيد القضاءُ والامن والاقتصاد عافيتَهُ فيعود لمرفق العدالة ولمهنتنا تألقها وإنتاجيتها، ونحنُ سنظلُّ الساعيَ والداعيَ والمُناصِرَ لهذا الوطنَ الرمزَ في هذا العالم”.

 

وختم:” شكراً لك سعادةَ النقيبة ولمجلسِ النقابة، وقد أبليتُم البلاءَ الحَسَنَ في عهدِكُم إِن لإستعادةِ الوَفرِ المالي الذي تصدّعَ وانهارَ فيما مضى وإن لإعادةِ اللُحمَةِ الى جسدِ المحاماةِ وقد أصابَهُ ما أصابَهُ من مُسبّباتِ السوء، وأطالَ الله بعمرِكُم أيُّها المكرّمون وجعلَ من مسيرتكم هدايةً لسُعاةِ السبيلِ في رسالةِ المحاماةِ والعدالةِ وعلى أمل أن يقترن هذا التكريمُ بحاجةِ المتقاعدينَ مِن مَن سبقونا إلى حمايةٍ معنويّةٍ وصحيّةٍ وماديّةٍ فما أحوَجَ المريضَ إلى حنانِ أُمِّه مهما كَبُر عُمره. فمهما كَبُرنا نبقى أمامكِ صِغاراً نأتيكِ أيّتُها النقابة صاغرينَ لأنّكِ الكبيرةُ والمُهابةُ والحِصنُ المنيعُ الذي لن تقوى عليهِ سِهامُ الأشرارِ لأنّنا رِجالُكِ، وفي الخاتمة لا بد بعد الشكر للمجلس والتهنئة للمكرمين  وللمرابضين في أرض فلسطين المحتلة النصر والتحرير ، عاشت نقابة المحامين، عاش لبنان”.

 

وفي الختام سلّمت النقيبة القوال وأعضاء المجلس دروعاً تكريمية للنقباء السابقين، وشهادات تكريمٍ للأساتذة المكرمين كعربون وفاء وتقدير لهم من نقابة المحامين في طرابلس وهم: النقيب فهد المقدم، ابتسام الأحمد، ايلي ضاهر، باخوس حديد، توفيق بصبوص، ثنى شاكر الصمد، جاكلين دابلة، جان معربس، جبرايل سابا، جنفياف شينا، جورج بستاني، جوزيف شحادة، جومانا عيروت، خديجة حمادة، دوللي فرح، رائد سلطي، رحاب نافع، رنا صابونجي، روعة أرسلان، ريمون الزاعوق، زياد درنيقة، زينا الحسيني، زينة شاكر، زينة عدره، سميرة الزعيم المنجد، سميرة حرب، سنا حرب، شوقي ساسين، صالح الخير، صبحي الحلو، صفوان المصطفى، طوني الخوري، عامر الخجا، عامر عرنوس، عباس الملحم، عبد الحميد حسن، عبد الله السيد، عصام بيطار، عمر الحسن، غلوريا البستاني، فادي محسن، فايز الايعالي ( عنه إبنته الأستاذة ربى إيعالي)، فيفيان دحدح، كارول الراسي، كمال بطرس، لويزا السنكري، محمد البدوي النجار، محمد باسم بشناتي، مريانا الباشا، منير سالم، ميشال بطرس، ميشال فضل الله، نبيل غريشي، نهلا الفحيلي، هالة صباغ، هانيا رعد، هدى المير، هدى عبد الكريم، هشام مجلد

.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى