يولا هاشم
تشن إسرائيل هجمات على قطاع غزة هي الأشرس على الإطلاق في تاريخها الممتد على مدار 75 عاما من الصراع مع الفلسطينيين، وذلك رداً على عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها حماس وفصائل مسلحة من قطاع غزة المحاصَر، في الساعات الأولى من صباح 7 اكتوبر، تاركة الإسرائيليين في “حالة من الرعب” على حدّ وصف مجلة الإيكونوميست البريطانية.
وتشير التقارير الواردة إلى تكثيف إسرائيل استعداداتها لاجتياح بريّ لغزة، حيث تصطف المدرعات الإسرائيلية على نقاط حدودية مع القطاع المحاصَر تأهُّباً للانقضاض عليه، ما أثار قلق السلطات المصرية من احتمال حصول نزوح جماعي من قطاع غزة باتجاه شبه جزيرة سيناء عبر معبر رفح، الذي يشكل نقطة العبور الوحيدة المتاحة لسكان غزة، الذين يقدر عددهم بنحو 2.3 مليون نسمة، وباقي القطاع تحيط به إسرائيل والبحر، خاصة بعد تهديدات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بمسح غزة عن الخريطة. فهل يصار الى فتح المعبر وماذا عن امكان حصول هجرة جماعية من غزة وتاليا توطين الفلسطينيين في سيناء في اطار مشروع قديم متجدد كأحد اطر الحل؟
السفير السابق في واشنطن رياض طبارة يؤكد لـ”المركزية” ان “المطلوب فتح معبر رفح أمام المساعدات الانسانية والطبية، او لإخراج الجرحى للوصول الى مستشفيات لم تعد متوافرة في غزة. هذا لا يمنع دخول عدد محدود من الأشخاص، مع التنبيه من خطورة فتحه على مصراعيه، ما يؤدي الى تدفق أهل غزة إلى مصر باعتبارها ملجأ آمنا، حتى ولو لفترة موقتة، لأن لا شيء بالنسبة للاسرائيليين موقت. إنما المطلوب ايجاد حلّ وحصول مفاوضات لتأمين أماكن آمنة في غزة للمدنيين، أو انشاء مخيمات على الحدود. لكن في حال فتح رفح بالكامل يكون قد تحقق الحلم الاسرائيلي بإفراغ غزة من سكانها والسيطرة عليها”.
هل نحن أمام شرق اوسط جديد؟ يجيب طبارة: “الاميركيون شبهوا ما حصل بـ”بيرل هاربور” بعد دخول الولايات المتحدة الاميركية الى الحرب العالمية الثانية، وآخرون بأحداث 11 ايلول، لكن من جهتي لا اعتقد ذلك، وأشبهها بأحداث 1973 عندما حصلت المفاجأة من اختراقات ومجازر في اسرائيل وانطلق بعدها المسار التفاوضي بدءاً بـ”كامب دايفيد” ومن ثم “وادي عربة” مع الاردن، وصولاً الى اتفاقات ابراهام. سيصار الى تصويب الاندفاع باتجاه معين. لا اعتقد ان الامر سينتهي بمجزرة، بل ستلحقه حلقة جديدة من الحلقات قد تشبه نوعاً ما الـ1973. لكن الاكيد ان الامور لن تعود كما كانت. لكن كيف ستتطور، هل كما العام 1973 وتليها اتفاقات ثنائية، ام في شكل أخر؟ لا أحد يعلم، لكن لا بد بعد الخضة الكبيرة من ان يكون هناك شرق اوسط جديد. من المستبعد ان تذهب الامور باتجاه الإبادة، بل نحو سلام”.
ويختم طبارة: الامور ستأخذ منحى جديداً. فما مصير الاتفاق السعودي – الاسرائيلي مثلاً؟ عندما كانوا يتحدثون عن المفاوضات مباشرة او غير مباشرة القائمة بين السعودية واسرائيل من خلال الولايات المتحدة، تمحور الاتفاق الاساسي حول حصول السعودية على برنامج نووي، واتفاق استراتيجي مع واشنطن، لكن كان يتم الحديث عن القضية الفلسطينية وكأنها ثانوية، ويفكرون في تقديم الدعم المالي للفلسطينيين وتحسين ظروف معيشتهم وفتح أبواب الخروج والدخول أمامهم، من دون التطرق الى حل جذري للقضية الفلسطينية والمشكلة العربية الاسرائيلية. اليوم اعتقد ان القضية الفلسطينية ستعود الى قلب المفاوضات الجديدة، ولم يعد ينفع مجرد الاعلان عن تقديم الاموال . وهذا سيشكل أحد التغيرات. ستعود القضية الفلسطينية هي الاساس ومنها تتفرع الاتفاقات الثنائية الاسرائيلية العربية وليس العكس