إيهاب_مطر: لبنان ٢٠٢٣… فراغ وشياطين وحرب !

#

كتب النائب المستقل إيهاب مطر مقالاً نشره في جريدة “الحوادث” الالكترونية جاء فيه:

فراغ طويل في رئاسة الجمهورية. حكومة تصريف أعمال مستقيلة أصلا. فوضى سياسية جراء حروب حزبية ضارية لتحقيق مكاسب على حساب المؤسسات والشعب، الذي لا يزال أصلا يعاني من ست سنوات عجاف في عهد الرئيس #ميشال_عون، مع اقتصاد في الحضيض وخزانة فارغة جراء سياسات مالية تمت هندستها لإفادة النافذين بالسلطة على حساب المودعين، ومع عداوات حدّية بين الطوائف جراء العبث بالدستور القائم اتفاق الطائف الأنهى حربا أهلية استمرت طويلة وأقعت مئات آلاف الضحايا.

ولعل من الأنسب أن نتناول العام ٢٠٢٣ بدءا من خاتمته التي كانت سعيدة نوعا ما، بعدما نجح البرلمان اللبناني في إقرار مشروع قانون تم بموجبه التمديد سنة لقائد الجيش العماد جوزيف عون والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان.

من بعيد، ولمن لا يعرف شياطين السياسة اللبنانية، تبدو خطوة عادية: برلمان مرّر مشروع قانون فما العجب؟ لكن في حقيقة الأمر أن هذه الخطوة جنبت لبنان خطر الفراغ في المؤسستين العسكرية والأمنية، اللتين تلعبان الدور الاهم في ضمان أمن واستقرار البلد، في ظرف دقيق وسط الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة ودوي القذائف على مدار الساعة في الحدود اللبنانية – الاسرائيلية.

وكان العماد عون سيحال على التقاعد في 19 كانون الثاني (يناير) المقبل، واللواء عثمان في حزيران (يونيو) ما كان سيؤدي عمليا الى فراغ في منصبيهما جراء نواقص في الهرمية القيادية سببتها مماحكات انتهازية من قبل أحزاب السلطة، وبينها مَن يريد عمدا تفريغ هاتين المؤسستين من قيادتيهما.

إذا تخيلنا فراغا في رئاسة الجمهورية وفي مؤسستي الدفاع والأمن، في ظل حكومة مشلولة وبرلمان معطوب، نرى استهدافا مباشرا لركائز النظام الذي أرساه اتفاق الطائف، بهدف فرض “صيغة” لبنانية جديدة يرى بعض اللبنانيين أنها صارت واجبة بحكم تغير المعادلات الديموغرافية والايديولجية.

كل هذا وسط دراما مبكية مضحكة، بقدر ما هي مخجلة، حول #رئيس_الجمهورية العتيد بعد دورات انتخاب فاشلة في البرلمان، مع مرشح لا يحيد عنه طرف قوي ومرشح آخر من أطراف أخرى، تجتمع فقط على مواجهة الطرف القوي، من دون أن تمتلك جهة غالبية برلمانية كافية لفوز مرشحها.

وكالعادة، ووفقا لما أصبح فولوكلورا لبنانيا، كان لا بد من متابعة حركة الموفدين الأجانب والعرب لمعرفة اتجاه البوصلة الرئاسية. لكن حتى الحركة الخارجية لم تحرك ساكنا في المستنقع الرئاسي، لأن الاستقطاب السياسي الداخلي كان، وما زال وسيبقى في المدى المنظور، مشدودا الى مراكز جذب قوية مفتوحة على توازنات إقليمية لم ترس بعد على معادلة جديدة.

كان انتخاب #فخامة_الرئيس العتيد عصيا للأسباب التي ذكرناها، فكيف الآن ونحن نشهد منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) أوضاعا إقليمية تنذر باحتمالات مخيفة، ما يعني استحالة تحقق هذا الاستحقاق اللبناني في الأفق المنظور.

فما نشهده هو طوفان بكل معنى الكلمة، عسكري وسياسي، مركزه قطاع غزة، ومعه القضية الفلسطينية، وأطرافه تمتد في أرجاء الشرق الأوسط، من إسرائيل وغزة والضفة الغربية الى الأردن فمصر والعراق وسوريا وصولا الى اليمن والبحر الأحمر، مع تأثيرات دولية يمكن تلمسها بسهولة في حقيقة أن “حرب غزة” طغت على “حرب أوكرانيا” لأن الغرب، الأوروبي والأميركي، ليس قادرا على تكويل حربين كبيريتين في آن معا. وهكذا عادت موازين القوى في الحرب الأوروبية تميل لمصلحة روسيا، ميدانيا ومعنويا.

في هذه الطوفان، يشكل لبنان جبهة أساسية في “حرب غزة” إذا كانت ستتوسع الى “حرب كبرى” يفترض محللون أنها ستنتج “تسوية كبرى” تتمحور حول فلسطين، جراء رفض اسرائيل المحكومة من اليمين المتطرف لحل الدولتين، ما يمكن أن يرسم “خريطة جديدة” للمنطقة.

مبدئيا لبنان في حالة شبه حرب، أقله في الجنوب، ضمن “قواعد الإشتباك” بين إسرائيل و”حزب الله” التي أرساها اتفاق 1701 بعد حرب تموز (يوليو) عام 2006، والذي يكثر الكلام عنه حاليا سواء لجهة تنفيذه كاملا أو تعديله.

لكن الوضع يمكن أن يتدحرج الى “حرب كاملة” لا يمكن للبنان، بظروفه الكارثية حاليا، تحمل تبعاتها ونتائجها. والخوف من أن تحاول اسرائيل التخلص من مأزقها الفلسطيني بقلب الطاولة على جميع أعدائها، دفعة واحدة، مستغلة الحشد العسكري الأميركي والأوروبي في المنطقة.

إذا، العام ٢٠٢٣ يحمّلنا قلقا ثقيلا ندخل به العام ٢٠٢٤ ما يدفعنا، للأسف، الى توقع السيء، بأمل أن يحفظنا الله من الأسوأ في “طوفان الجنون” الذي يعيشه الشرق الأوسط.

كان العام الراحل أشبه بفصل دراسي مكثف لكيفية الانخراط في الشأن العام بلبنان، خصوصا لمن مثلي، اغترب طويلا حتى بنى نفسه وعاد بإرادة تغييرية لخدمة أهل مدينته وبلده، لتواجهه شبكة عنكبوتية من المصالح والعلاقات والخدمات. مع ذلك، عملت الكثير من أجل طرابلس وقمت بواجبي التشريعي محافظا على استقلاليتي وسط تجاذبات حزبية وطائفية لا ترحم.

كلمة أخيرة، أن #لبنان بأمس الحاجة لتغيير شامل على كل المستويات، يقوم به شبان طموحون ومغتربون قادرون على مد يد المساعدة لهم وللكثيرين من اللبنانيين الذين خربت الأوضاع الاقتصادية، جراء السرقات والفساد، حياتهم بالكامل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى