دشنت الهيئة الإدارية في مؤسسة معروف سعد الثقافية الاجتماعية الخيرية في صيدا مستوصف الشهيد معروف سعد الكائن في مدينة العمال في تعمير عين الحلوة، بعد تأهيله وتوسعته، برعاية وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الاعمال الدكتور هكتور الحجار، وحضور الأمين العام “للتنظيم الشعبي الناصري” النائب الدكتور أسامة سعد، المدير التنفيذي لمؤسسة معروف سعد وائل قبرصلي، وفاعليات سياسية وثقافية واجتماعية.
بدأ الحفل الذي أقيم في باحة روضة الشهيد معروف سعد، بالنشيد الوطني، فكلمة لعريفة الحفل دلال شحادة قالت فيها: “أكثر من ثلاثة وأربعين عاما في ميدان العمل الانساني، الصحي والتربوي، تعمل مؤسسة معروف سعد الثقافية الاجتماعية الخيرية لحفظ كرامة المجتمعات المهمشة دون تمييز بمراكزها وبرامجها وكادرها الصحي، التربوي، الإسعافي، والإداري، تعمل المؤسسة دون كلل من أجل المساواة في الحقوق الصحية، من أجل الانسان.”
اضافت: “إن التعاون والمشاركة والتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية ساهم في مساعدة مئات العائلات ضمن برامج المساعدات التي قدمتها الوزارة في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة”.
بدوره، قال المدير التنفيذي لمؤسسة معروف سعد: “ان تأهيل وترميم وتوسعة مبنى مستوصف الشهيد معروف سعد يدخل ضمن خطة المؤسسة في تطويرعملها وخصوصاً المستوصفات والهيئات التابعة لها، إيمانا منا بأهمية هذا العمل الانساني والصحي والاجتماعي في هذه الظروف التي يمر بها أهلنا وخصوصا العمال والكادحين والمهمّشين والعائلات المتعففة”.
اضاف: “إن مؤسسة معروف سعد التي تحمل اسم شهيد الصيادين والكادحين والعمال والتي أسسها رمز المقاومة الوطنية اللبنانية المناضل مصطفى سعد هي في أيام يوبيلها الفضي. عقود مرت من الزمن عملت فيها المستوصفات والهيئات التابعة للمؤسسة على تخفيف الالام عن المواطنين وبلسمت جراحهم دون تميز أو تحيّز وأصبحت وبفضل الجميع وخاصة & IOM Norwac ووزارة الصحة وأصحاب الأيادي البيضاء، نغطي أكثر من 2550 مريضاً ضمن برنامج الأمراض المزمنة شهريا، بالاضافة الى عيادة الأسنان والصحة البدنية والطب العائلي والعيادة النسائية والمختبر والذين يحققون نتائج رائعة”.
وتابع: “إننا في هذا الأحتفال الذي جمعنا مع هذه الوجوه الطيبة الكريمة عهدا ووعدا من المؤسسة، على مواصلة العمل والعطاء بدعم من الأخ الدكتور أسامة سعد الذي يولي الاهتمام اللازم لاستمرار عمل المؤسسة وتطورها”.
وجدد الشكر “للأيادي البيضاء التي تدعم المؤسسة التي جندت نفسها لخدمة الانسان والانسانية، وللهيئة الادارية والعاملين في المؤسسة على جهودهم وتضحياتهم وعطاءاتهم”.
من جهته، قال وزير الشؤون الاجتماعية: “من قلب مدينة لطالما نبضت ثورة فتضحية فشهادة، اقف وسطكم اليوم في ظل غيمة قاتمة تلف وطننا الحبيب لبنان، لنشق فيها فسحة امل جديدة نطل بها من هنا من عاصمة الجنوب لننطلق فنخلق سويا بابا جديدا للأمل، لأناس تعبوا من ثقل الهموم علّنا نخفف عنهم جزءا يسيرا منها.”
اضاف: “لا اخفي عليكم سرا، فيوم تلقيت دعوة الصديق الدكتور اسامة سعد لإعادة افتتاح مستوصف الشهيد معروف سعد بعد ترميمه وتوسعته، فاضت بي المشاعر وحملتني الذكريات الى ذلك الرجل الغائب الحاضر بيننا، الى تلك الهامة المحفورة في ذاكرتي منذ طفولتي واقفا على منابر صيدا والجنوب مخاطبا الجموع المحتشدة دفاعا عن الانسان، كل انسان . تلك الهامة التي طبعت روح صيدا وتمازجت مع شاطئها ومينائها فخلقت حالة مميزة من الوطنية والانتماء فبات معروف سعد وصيدا اسمان متلازمان”.
وتابع: “هذا الرجل صاحب مشروع رؤيوي على الصعيد الاجتماعي سبق عصره بأشواط . فقد تعددت اوجه تدخلاته من الامور التربوية والتعليمية، الى الامور الصحية والطبية، الى الوقوف الى جانب الطبقات الفقيرة لتأمين مستلزمات عيش كريم لطالما نادى به، وقد غدر به واستشهد في ساحات النضال وهو يطالب لهذه الفئات بحقها للعيش بكرامة، باذلا نفسه عن الناس الذين احبهم واحبوه . وما للمؤسسات التي انشأها او التي وضع اسس انشائها للعناية بكل اوجه الحياة للمواطن وللمقيم من الجنسيات المختلفة في صيدا والجوار الا خير دليل على هذا النهج الذي ارساه.”
وقال: “اما على الصعيد السياسي والوطني فهو ايقونة للوحدة الوطنية وحماية العيش المشترك بين ابناء الوطن الواحد ففي كل زاوية من بيوت صيدا من كافة الطوائف، ذكرى لهذا الكبير من بلادي، الذي حمى صيدا من كل فتنة من احداث 1958 الى ما تبعها من احداث . محافظا على تنوع هذه المنطقة من صيدا الى مغدوشة الى جزين الى اخر قرية من قرى المنطقة لدرجة ان اغتياله على عتبة الحرب الاهلية لم يكن مجرد صدفة الا لعلم ايدي التخريب انه لا يمكن دخول الفتنة الى ارض الجنوب بوجود معروف سعد”.
اضاف: “وكرت سبحة التقدمات على مذبح هذا الوطن من قبل هذه العائلة وكأن قدرها دفع ضريبة الدم عن كل جنوبي شريف، من نتاشا سعد الى مصطفى سعد، ولولا تدخل العناية الالهية في الايام القليلة الماضية، لكانت هذه العائلة دفعت ايضا وايضا ضريبة دم جديدة عن كل لبناني وفلسطيني شريف”.
وقال حجار: “هذا هو قدرنا في هذه المنطقة أن ندفع دوما ضريبة الوحدة الوطنية، التي لطالما وسنبقى متمسكين بها، هذه الوحدة التي عمل آل الحجار عليها منذ عشرات السنين، من المطران باسيليوس حجار الذي أبى بناء كنيسة الروم الكاثوليك في صيدا، إلا مع ترميم جامع البحر سويا في فرمان عثماني واحد، إلى مطران العرب غريغوريوس حجار، الذي دافع عن القضية الفلسطينية حتى الاستشهاد، ودماؤه تصرخ اليوم ونصرخ معه، ونحن على أعتاب مخيم عين الحلوة لنقول كفى”.
أضاف: “نعم، كفى لما يحصل في المخيم من اقتتال داخلي، فليست هذه هي القضية الفلسطينية، ولا يكون الدفاع عن فلسطين باقتتال الإخوة معا وبالضرر اللاحق بصيدا وقراها، وأستغل هذه الفرصة لأعزي أهلنا في الغازية بسقوط شهيد من خيرة شبابها بالرصاص الطائش من جراء أحداث المخيم”.
وأشار إلى أن “أي أذى يلحق بالغازية أو مغدوشة أو صيدا أو حارتها كأنه يلحق بجزين وقيتولي وكل قرية من قرى الجنوب ولبنان”، وقال: “أنا أنتمي إلى سلالة هؤلاء المطارنة، فأنا ابن هذه المنطقة وهذه الأرض وهذا النسيج الاجتماعي المؤتمن عليه معكم ومع كل الخيرين من أبناء هذا الوطن الحبيب. وكما أقف معكم اليوم في افتتاح هذا المستوصف، ووقفت سابقا لأفتتح مركزا جديدا لتأمين حقوق المعوقين في الغازية بتقدمة كريمة من السيد علي فضل الله، سأقف مع كل أهل هذا الجنوب لافتتاح، ترميم وتجهيز مراكز انمائية، اجتماعية، صحية، من الأولي إلى كفرشوبا التي أصررت على إبقاء مركز وزارة الشؤون الاجتماعية فيها لما لها من رمزية، الى كل مناطق الجنوب من دون تمييز”.
أضاف: “سنطلق خلال أيام مركزا جديدا لتأمين حقوق المعوقين في بنت جبيل لخدمة أهالي هذه المنطقة، ونسعى إلى افتتاح مركز آخر لتأمين حقوق المعوقين في المنطقة الممتدة بين النبطية ومرجعيون وجزين، كل ذلك من ضمن خطة استراتيجية واضحة للحماية الاجتماعية نسعى إلى إطلاقها بشكلها النهائي خلال أيام قليلة لكي تكون خارطة طريق للعمل الاجتماعي في لبنان، إلا أننا استبقنا هذه الاستراتيجية، نظرا إلى الظروف الطارئة التي يمر بها بلدنا بالعمل على برامج دعم عدة للفقراء”.
وتابع: “إن الوزارة تقدم اليوم عبر برنامج استهداف الأسر الأكثر فقرا دعما ماليا بالدولار الاميركي إلى 75000 أسرة لبنانية، عبر برنامج أمان دعما ماليا بالدولار الأميركي إلى 93000 أسرة لبنانية، وعبر منحة المعوق يحصل 8400 معوق 40 دولارا أميركيا كل شهر وسنزيد هذه الشريحة قريبا، إضافة إلى برامج التمكين الاقتصادي والدعم النفسي وخدمات صحية اجتماعية وانمائية عبر مراكز الخدمات الإنمائية التابعة للوزارة وعبر شبكة من الجمعيات المحلية والدولية الشريكة للوزارة”.
وأردف: “رغم كل هذه الجهود، لا تزال الحاجات كثيرة في لبنان عوما، وصيدا خصوصا. ولذلك، أعطيت توجيهاتي إلى فريق الوزارة لزيادة العمل في صيدا وجوارها في المرحلة المقبلة أكثر فأكثر”.
وقال: “نحيي مؤسسة معروف سعد الثقافية الاجتماعية الخيرية على تقديمها خدمات في التربية، الرعاية الصحية الأولية، التنمية البشرية والخدمات الاجتماعية المختلفة لكل فئات المجتمع المهمشة من دون تمييز، سواء عبر برنامج الرعاية الصحية الأولية في مستوصف معروف سعد الشعبي، الذي نحن نعيد افتتاحه اليوم بعد ترميمه، ومستوصف ناتاشا سعد الشعبي في المكان الأحب على قلبي في أحياء صيدا القديمة أو عبر برنامج الصحة النفسية للأطفال والأمهات وبرنامج العمل الاجتماعي والطوارئ في مركز “مدى” في صيدا القديمة. إضافة إلى عمل فوج الإنقاذ الشعبي التابع للمؤسسة المشكورعلى المساعدة التي قدمها إلى بيروت بعد انفجار المرفأ في أمثولة عن التضامن والوحدة الوطنية”.
أضاف: “بعد اطلاعي على عمل هذه المؤسسة، ونظرا إلى أهمية ما تقوم به، أتعهد أننا على استعداد لتوقيع مذكرة تفاهم خاصة بين وزارة الشؤون الاجتماعية ومؤسسة معروف سعد الثقافية الاجتماعية الخيرية لنرتقي بالعلاقة بين الطرفين إلى مستوى الشراكة الحقيقية. وأتحدث عن فوج الإنقاذ الشعبي، وتعود بي الذاكرة إلى ذلك اليوم من الثمانينيات عندما عصفت غيمة سوداء بشرق صيدا وأتيت وحيدا إلى دار العناية في الصالحية، والمنطقة في تهجير وفي دم شام. لزيارة كاهن جليل ابى ان يترك المنطقةـ ولو كلفه ذلك حياته، كاهن كان واقفا صامدا بثوبه الكهنوتي الابيض في وجه كل عواصف الغرائز والقتل، انه المطران سليم غزال رحمه الله. في ذلك اليوم كان التنظيم الشعبي الناصري يضع حاجزا على مدخل دار العناية لحمايتها من العابثين في رسالة واضحة الى الجميع في صيدا أن آل سعد سيبقون، رغم كل الضغوط يومها، حماة العيش الواحد في هذا الجنوب”.
وتابع: “وانا اجتاز هذا الحاجز في ذلك النهار وادخل الى دار العناية، كنت اسمع صوت والدي نجيب الحجار الدكتور في الجامعة اللبنانية في صيدا، الذي بقي طيلة الحرب ينتقل يوميا اليها متخطيا كل الحواجز لأداء رسالته، كنت أسمعه يقول لي: بين جزين وصيدا رابط أقوى من كل الذي يحصل، فلا يجب أن نيأس ولا أن ينقطع التواصل. نحن وصيدا اهل، وهذه الغيمة مهما طالت ستنتهي، وانتهت هذه الغيمة إلى غير رجعة، وها انا بينكم اليوم ادعوكم إلى البقاء على الفكر والنهج اللذين ارساهما الشهيد معروف سعد علًنا ننهض بوطننا لبنان ونعيد بناءه على أسس الوطنية والانسانية والمحبة الصادقة”.
من جهته، قال سعد: “أيامنا صعبة، ونأمل ألا تكون الأيام المقبلة هي الأصعب، لكن بعد هذه الكلمة الطيبة من الدكتور هكتور حجار التي أكدت الثوابت الوطنية الراسخة والمشتركة مع أبناء هذه المنطقة؛ صيدا جزين والجنوب، وكل لبنان، نؤكد ان الثوابت الوطنية مرتبطة بالوحدة الوطنية، وأننا شعب واحد، وفي محطات كثيرة عبر شعبنا عن إرادته الواحدة، ارادته بدولة عصرية منيعة لم تتوافر ظروف قيامها حتى الآن، وهذا الأمر بالتأكيد يحتاج الى هذه الثوابت الوطنية والانحيازات لحقوق شعبنا وقضاياه وكرامته الوطنية وكرامة شعبه الانسانية، والعدالة الاجتماعية ، والى حق الناس في الصحة والتعليم وفرص العمل والسكن والضمانات الاجتماعية والامان والاستقرار”.
أضاف: “هذه الحقوق لا توفرها الدولة الآن، لكن التمسك بها شيء أساسي لتشكيل موازين قوى جديدة تفرض هذه الحقوق، وتؤمن الانتقال السلمي والآمن من واقع سياسي مأزوم ومن قهر واستبداد، الى واقع سياسي جديد تسود فيه العدالة الاجتماعية، وتأخذ الناس حقوقها في حياة كريمة، ويأخذ الوطن حقه في استعادة كرامته الوطنية، بعيدا من التبعيات والمحاور التي ليست في مصلحة لبنان وأمنه واستقراره وحقوق شعبه. كل هذه الأمور نؤكد عليها. كما نؤكد، بشكل أساسي، استمرار النضال من أجل الوصول الى دولة عصرية عادلة ومنيعة”.
وتابع: “نحن هنا في منطقة التعمير التي شهدت أحداثا مؤلمة، أو كانت في مقدمة الأحياء الصيداوية التي شهدت مخاطر جمّة، طالت أهلها وأيضا سببت أضرارا كبيرة واصابات للاهالي، ودمارا في منازلهم وأرزاقهم ومؤسساتهم. هذا اللقاء اليوم رسالة لكل اللبنانيين أن هذه المنطقة الصامدة، ستكون صمام أمان في أمن لبنان واستقراره، وليس فقط صيدا، هذه المنطقة التي قدمت الكثير من التضحيات من أجل الكرامة الوطنية أثناء احتلال العدو الصهيوني للبنان. كما قدمت تضحيات من أجل الحقوق الانسانية لشعبنا”.
وأردف: “من هنا نتطلع الى شعبنا الفلسطيني أيضا الذي عانى أشد المعاناة بسبب ما جرى من أحداث في المخيم، وما زال البعض منه مهجرا خارج المخيم. كما البعض من أبناء التعمير أيضا”.
واكد سعد أن “هذا اللقاء والافتتاح رسالة أننا مستمرون في الحياة وفي التصميم على رفض كل أشكال التوترات والتهديد لأمننا واستقرارنا”، وقال: “المخاطر محدقة من كل حدب وصوب، ونحن أمام انسداد سياسي، وتعثر في المؤسسات الدستورية، وأمام حجم كبير من النزوح السوري باتجاه لبنان لم يعد لبنان يحتمله، ونحن أمام أوضاع معيشية صعبة تنذر بانفجار اجتماعي، وأمام أحداث أمنية متنقلة، آخرها ما جرى في مخيم عين الحلوة، وكلها توضع في إطار تهديد الأمن الوطني في لبنان”.
وختم: “سنعمل سويا من أجل الانتقال السلمي والآمن من واقع مأزوم الى واقع جديد، سنناضل من أجل توفير موازين قوى جديدة وطنية وديمقراطية من خارج التموضعات الطائفية والمذهبية والفئوية والمناطقية والانتقال إلى حال وطنية وازنة تفرض مسارا جديا ووطنيا وحلا وطنيا لواقع لبنان وأزماته والانتقال الى واقع جديد”.
بعد ذلك، جال حجار وسعد وقبرصلي في المبنى، واستمعوا الى شرح عن أقسامه وخدماته.
3 7 دقائق