صدر عن مؤسسة “شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية” نسخة جديدة منقّحة لكتاب “نثر اللآلي في ترجمة أبي المعالي علامة الفيحاء ورئيس علمائها الشيخ عبد الكريم عويضة” المتوفى عام 1958.
وأشارت المؤسسة في بيان، الى أن “الكتاب من تأليف الدكتور الشهيد صبحي الصالح، رحمه الله تعالى، وطبع للمرة الأولى سنة 1956 على حياة الشيخ، ألفه وفاءً لشيخه الذي كان سببا في إكمال تحصيله العلمي العالي في الأزهر الشريف ثم في السوربون، حيث تكفل بكل نفقات تعليمه لأنه لمح فيه النجابة والتأهل العلمي”.
ولفت الى أن “النسخة الجديدة التي تمت طباعتها هي من تحقيق الدكتور الشيخ ماجد الدرويش ويقول فيها: “إن كتابة هذه السيرة لم تكن علي يسيرة، لأن صاحبها أستاذي الجليل علّامةَ الفيحاء الأكبر، سماحةَ الشيخ عبدَ الكريم عويضة، قد وهبه ربه من التواضع الجم ما كان يأبى معه أن يأذن لي بكتابة ترجمته رغم إلحاحي الشديد وتمنياتي الحارة… ولا يخفى على أحد أن هذا من تواضع العظماء، وحكمة العلماء، ولطف النبلاء… لكني لم أبلغ أخيرًا ما رغبت به إلا بشق النفس بعد أن تكرر طلبي كثيرًا، وتأكد للأستاذ أن غرضي من هذه الترجمة ليس مجرد مديحه، بل لعل أكبر همي وغاية متمناي أن يكون للعلماء في هذه السيرة خيرُ أسوة، ولطلبةِ العلم أشرفُ قدوة ..”.
وختم مقدمته بقوله: “ألا وإنني، بهذه النية المكرِّمة للعلم وأهله، والعارفة لأقدار الناس، كتبت هذه السيرة التي أرجو أن يفوح عطرها الشذي في رياض الفيحاء، فما هي إلا رمز لتكريم العلماء والأدباء“.
وذكر البيان أن “المقام مقام وفاء لأهل الفضل، لذلك أصر الصديق العزيز الدكتور سابا قيصر زريق على طباعة الكتاب على حساب مؤسسته الزاهرة مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية، وشاعر الفيحاء هو جده وسميه، وكانت تجمعه صداقة أكيدة بالدكتور صبحي الصالح، رحم الله الجميع. فكانت لفتة وفاء ثانية تضاف إلى الكتاب، وهي ليست بالجديدة عليه، فهو رجل جُبل على حب طرابلس، وعلى إكرام علمائها وأدبائها، وفاءً لجده الذي كان أحد أعلام طرابلس: أدبا، وعلما، وتربية. فتوَّج الكتاب بكلمة تنبئ عن تلك المعاني.”
واشار إلى أن “الكتاب طبع قديما والشيخ ما زال على قيد الحياة، لذلك كان لا بد من إضافة تاريخ وفاة الشيخ رحمه الله تعالى، والكلام عنه، إلا ان الكلام عن الكبار يحتاج إلى كبار لذلك أضفت في مقدمة الكتاب كلمة في رثاء الشيخ عويضة كتبها العلامة الكبير الشيخ مصطفى الزرقا رحمه الله تعالى، ألقيت في حفل تأبين الشيخ عويضة سنة 1958 رحم الله الجميع”.
زريق
وقال رئيس “مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية” الدكتور سابا قيصر زريق التي أصدرت الكتاب بنسخته الجديدة: “لم أكن قد بلغت السادسة عشرة من عمري بعد، عندما قابلت الشيخ الشهيد للمرة الأولى من على مقعد المشاهدين في صالة سينما كولورادو في طرابلس في صبيحة ذلك الأحد، التاسع من حزيران 1968 بمناسبة حفل اليوبيل الذهبي الذي أقيم لجدي، شاعر الفيحاء سابا زريق، قلّده في ختامه دولة الرئيس الشهيد رشيد كرامي وسام الأرز الوطني الذي منحه إياه المغفور له فخامة الرئيس شارل حلو”.
أضاف: “حفل تداعت إلى إقامته كوكبة من القامات السياسية والروحية والمدنية. وكان للشهيد فضيلة الدكتور الشيخ صبحي الصالح الدور الثاني في ترتيب المتكلمين، رأيت ذلك الأربعيني من العمر آنذاك يصعد بهدوء لافت إلى منصة المسرح بخطى ثابتة ومشية الأمراء غير المتكلفين، وسط هدوء المتهيبين العارفين له ولعلمه، وإنبرى فضيلته في كلمة مميزة أيّما تمييز يحلل شخصية المحتفى به، أستاذه بالأمس وصديقه اليوم كما حلا لعاطفته النبيلة أن تبوح به”.
كلمة الصالح
وجاء في كلمة المؤلف الشهيد الصالح كما ورد في الكتاب المحقق عن علاّمة الفيحاء ورئيس العلماء الشيخ عبد الكريم محمد عويضة (مفتي طرابلس): “لما كانت هذه الترجمة لعلاّمة كبير وشاعر مجيد، جعلت أكبر قسط من حديثي يدور حول منزلته في العلم ومكانته في الشعر، ومن الغريب أن يجتمع لأستاذنا الأمران فيجلّي فيهما ويُبدع لأنه يندر أن يكون الفقيه المتعمق أدبيا أو الأديب المتفنن فقيها، لكن صاحب الترجمة إمتاز بأنك إذا إتجهت لقراءة شعره أو حضرت مجالسه الأدبية أيقنت أنك في حضرة أديب كبير اُشرب قلبه حب الأدب وأولع بدراسته” .
أضاف: “رأيت من حضور بديهته وقوة ذاكرته وسحر بيانه وجزالة ألفاظه، ما تحسب أنه معه خُلق للأدب وخُلق الأدب له، حتى إذا حضرت عليه درسا خاصا أوعاما،وإستفتيته في مشكلة فقهية عويصة، وإستوضحته معاني القرآن والسنة وإستطلعته آراء الفلاسفة والمتكلمين، أدهشك وبهرك أن تراه كالبحر الزاخر في سعة إطلاعه وسعة معارفه ومقدرته الفائقة في إبراز المعاني وتصويرها بدقة عجيبة”.