على وَقع ردود فعل محلية وعالمية مستنكرة للقصف الاسرائيلي لمقر القنصلية الايرانية في دمشق، يترقب لبنان ودول المنطقة والعالم ما سيكون الرد الايراني على هذا القصف إذ في ضوئه سيتحدد ما يكون عليه مستقبل الاوضاع في لبنان والمنطقة عموما، خصوصا في ظل تهديد اسرائيل باجتياح الجنوب اللبناني ومنطقة رفح في قطاع غزة، على حد تأكيد قطب نيابي لـ”الجمهورية”، متوقعاً ان يكون هذا الرد “رداً إرانياً مباشراً”.
وقالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية” انّ القصف الاسرائيلي للقنصلية الايرانية في العاصمة السورية ربما ينطوي على اهداف اسرائيلية عدة، منها أولاً الضغط على ايران لوقف دعمها لعمليات المقاومة ضدها انطلاقاً من لبنان والعراق واليمن لاقتناع اسرائيل انّ هذه الحركات إنما تشنّ عملياتها ضدها بدعم وتشجيع ايرانيين، وثانياً السعي لإستدراج ايران الى حرب تطمح لشنها منذ زمن طويل وإشراك الولايات المتحدة الاميركية التي لا تؤيّدها فيها وذلك بغية ضرب المنشآت النووية الايرانية.
سيجورنيه وبلينكن
وبعد قصف اسرائيل لمبنى القنصلية الايرانية في دمشق، أكد وزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورنيه “أنه يجب تجنّب التصعيد الإقليمي وتحديدًا في لبنان”، وقال: “انّ جميع تحركاتنا في الشرق الأوسط تهدف إلى خفض التوتر في المنطقة”.
فيما أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس حول الوضع في جنوب لبنان: “اننا نواصل التنسيق عن كثب في لبنان لمنع توسّع النزاع في المنطقة”.
وأضاف: “هناك تهديد يفرضه “حزب الله” وإيران على إسرائيل وكلاهما تعهّدا بالقضاء عليها”.
وعن الدعم العسكري لإسرائيل، أشار بلينكن إلى انّ “هناك طلبات أسلحة إسرائيلية تعود لعقود ماضية وربما أكثر”، لافتاً إلى أنّ تزويدها الأسلحة يستغرق سنوات.
وقال: “العلاقة الثابتة مع إسرائيل مرتبطة بالتهديدات التي تواجهها من إيران وأطراف أخرى”.
الى ذلك اكد البيت الأبيض أنّ “الولايات المتحدة غير ضالعة في ضربة جوية استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق ونسبتها طهران إلى إسرائيل”.
واشار المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي الى ان “لا علاقة لنا بالضربة في دمشق، لم نكن ضالعين فيها بأي شكل من الأشكال”. ووصف المتحدث بالـ”هراء” تصريحات لوزير الخارجية الإيراني حسين امير عبداللهيان التي حَمّل فيها الولايات المتحدة المسؤولية عن الهجوم.
لقاءات باريس
وتوقفت مراجع ديبلوماسية في بيروت عند المواقف التي أطلقها كل من بلينكن وسيجورنيه بعد لقائهما في باريس امس وقبَيل اللقاء المرتَقب بين الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وبلينكن، فقالت لـ”الجمهورية” انّ “اشارتهما الى لبنان وضرورة وقف الحرب ومنع تجاوز ما حصل حتى اليوم تؤكد ان الوضع في جنوب لبنان كان في متن اللقاءات وصلبها، وان التوجّه يقود الى زيادة الضغوط على اسرائيل لوقف الحرب ومنع استدراج المنطقة الى حرب واسعة نتيجة توسعها في عملياتها العسكرية على مساحة لبنان والمنطقة”.
واضافت هذه المراجع انه “في انتظار مزيد من التفاصيل المنتظرة في الساعات المقبلة والتي ستصل بالطرق الديبلوماسية او من خلال التحرّك المرتقب للسفير الفرنسي هيرفيه ماغرو، يمكن التثبّت من إمكان تحقيق اي تقدم للجم التدهور في الجنوب ووقف الحرب كما يطالب لبنان والشروع في تطبيق القرار 1701 بكل موجباته المفروضة على لبنان واسرائيل في آن، وهو ما أبلغه لبنان الى الفريق الفرنسي في جوابه على “المبادرة الفرنسية” قبل فترة قصيرة ولقي ترحيباً فرنسياً لم يعد خافياً. وهو موقف ثابت وسبق للجانب الاميركي ان تبلّغه اكثر من مرة ايضاً، وسيكون حاضرا متى وصل النقاش الى الجزء المتصل بالجبهة اللبنانية الجنوبية، خصوصاً لجهة العمل على اعادة اللبنانيين النازحين الى قراهم والتعويض عليهم نتيجة الاعتداءات الاسرائيلية، وانّ الجانبين الفرنسي والاميركي تعهّدا بإيلاء هذه المسألة الاهمية التي يوليانها لإعادة النازحين من المستوطنين الاسرائيليين بالمعايير عينها وانهما لا يفرّقان بين أوضاع الطرفين”.
واكدت المراجع انها لا تراهن على ما تحقق حتى اليوم لضمان الأمن والاستقرار في الجنوب، ولكنها تعتبر ان اي اتفاق لوقف النار في غزة ستكون له انعكاساته الايجابية على الوضع في لبنان بضمانات أميركية وفرنسية وخليجية سبق لها جميعها أن رَهنت اي تهدئة في المنطقة بالسعي الجدي لكي تشمل لبنان بضمانات جميع الأطراف.
وفي شق آخر من المواقف، انتهت المراجع الديبلوماسية الى الترحيب بمواقف بلينكن الذي تحدّث صراحة عن موقف بلاده التي شددت على اسرائيل بضرورة التزامها “الضرورة الأخلاقية والقانونية لإيصال المساعدات الى مُحتاجيها” في قطاع غزة. كذلك رحّبت بقول نظيره الفرنسي انه “يجب تجنّب التصعيد الإقليمي وتحديداً في لبنان”.
الاستحقاق الرئاسي
من جهة ثانية وعلى صعيد الاستحقاق الرئاسي فإنّ المتوقع ان تنشط الاتصالات في شأنه بعد عطلة عيد الفطر على المستويين الداخلي والخارجي، حيث سيستأنف سفراء المجموعة الخماسية العربية ـ الدولية جولتهم على القيادات السياسية والمرجعيات الدينية ورؤساء الكتل النيابية، فيزور سفراء مصر وفرنسا وقطر كلّاً من رئيس تكتل “لبنان القوي” النائب جبران باسيل ورئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد في 18 نيسان الجاري.
وقالت مصادر نيابية لـ”الجمهورية” ان غياب السفيرة الاميركية ليزا جونسون والسفير السعودي وليد البخاري عن هذين اللقاءين سببه انّ واشنطن والرياض تصنّفان الحزب “منظمة ارهابية”، وانّ هناك عقوبات اميركية تحت عنوان “الفساد” مفروضة على باسيل.
واشارت المصادر الى انه سيكون لسفراء المجموعة الخماسية في وقت لاحق من هذا الشهر لقاء مع تكتل “الاعتدال الوطني” للوقوف منه على ما يكون قد آلَ اليه مصير مبادرته الرئاسية، والتي ما يزال ينتظر اجوبة بعض الكتل النيابية عنها.
واستبعدت مصادر معنية بالاستحقاق الرئاسي عبر “الجمهورية” حصول اي خطوات ملموسة هذا الشهر على مستوى انجازه، اذ لا يزال امام المعنيين المزيد من الاتصالات والمشاورات في شأنه، فضلاً عن انهم ينتظرون ما ستؤول اليه الاوضاع في غزة وجنوب لبنان ليبنوا على الشيء مقتضاه.
المصدر – الجمهورية