سوق النبطية لم تعد شعبية

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

غيّرت الحرب هوية الأسواق الشعبية. بدّلت مزاج الناس، بات شراء الملابس والأحذية من الكماليات بالنسبة لكثيرين من أبناء منطقة النبطية والجنوب. حتى سوق النبطية الشعبية الوحيدة الصامدة بين أسواق الجنوب الشعبية، تشهد تراجعاً في حركتها بشكل لافت. كان يعوّل الباعة على أن تشهد إكتظاظاً، في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، قبل عيد الفطر. ما حصل، هو أنّ زوارها كانوا قلة، غالبيتهم من النازحين السوريين، في وقت نأت شريحة من المواطنين عن شراء الملابس، فالأولية هي لتوفير الطعام، بعدما سجّلت أسعار الملابس ارتفاعات غير مسبوقة.

أقفلت سوق بنت جبيل الشعبية ومثلها سوق الطيبة وغيرها من الأسواق الشعبية التي اشتهرت بها القرى الحدودية، وكانت تشكّل منفذاً للتجار نحو أسواق جديدة، وبإقفالها، ركّز الباعة على سوق النبطية. كان يتوقع رياض عبد الله أن تكون السوق مكتظة، لكن خاب أمله، على حد قوله «فالسوق أقلّ من عادية». يعزو عبد الله السبب إلى الحرب وتداعياتها الاقتصادية على الناس، وإلى ارتفاع أسعار الملابس، ناهيك عن أنّ «البال مش فاضي».

تكاد تكون حركة الناس محدودة هنا، وحده النازح السوري يفرض نفسه على السوق، «لهم العيد»، يقول علي صاحب بسطة لبيع الأحذية، يقف الشاب العشريني أمام بسطته مطلقاً العنان لصوته الجهوري «أي حذاء بـ20 دولاراً يا بلاش». يتحدث عليّ عن «تراجع حركة المبيعات مقارنة بالعام الماضي». ويضيف: «انخفضت النسبة إلى النصف تقريباً. وتراجعت القدرة الشرائية لدى اللبناني، وحده السوري يشتري، ربما لأنه يحظى بدعم الجهات المانحة، على عكس المواطن اللبناني الذي يواجه أسوأ أزمة اقتصادية في حياته، وزادت الحرب تداعياتها».

تمتدّ سوق النبطية على طول الطرقات الداخلية للمدينة. وتحتوي ما يقارب 100 بسطة، بين ملابس وأحذية وأدوات منزلية وحلويات، في حين أفرِد شارع خاص لسوق البالة التي تحتّل حيزاً كبيراً من السوق، تتوزع داخله البسطات التي تبيع القطع المستعملة بأسعار زهيدة جدّاً ابتداء من 50 ألف ليرة.

كانت السوق تعجّ عادة بالزوار في الأسبوع الأخير من شهر رمضان. هذه الظاهرة بدأت تفقدها السوق منذ أزمة 2019 الاقتصادية، حيث راحت الحال تتأرجح صعوداً وهبوطاً لتزيد طين الحرب بلّة. يُعلّق أحد التجار على حجم التراجع في السوق، قبل أن يعقّب بالقول: «الجيبة فاضية، ورب الأسرة يعجز عن توفير المال لشراء الملابس لأولاده، وغالباً ما يقصد سوق البالة، لشراء ما تيسّر بسعر زهيد».

حتّى سوق «البالة» شهدت تراجعاً غير مسبوق، رغم أن أسعارها ما زالت رخيصة نسبياً، ويعيد «أبو محمد» صاحب بسطة لبيع الأحذية المستعملة في السوق الأمر إلى «الظروف القاهرة»، رغم تشديده على أنّ «الناس تسعى لايجاد فسحة فرح وسط ضجيج الحرب الراهنة»، لافتاً إلى أنّ حركة المبيع «مقبولة نسبياً، ولكن ليس في سياق أسبوع العيد».

لم يؤتِ مهرجان «فرحة عيد» نتائجه المرجوة، لم يجذب الناس نحو سوق النبطية، على عكس صور وصيدا اللتين تشهدان حركة غير مسبوقة رغم الحرب

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى