ينتظر اللبنانيون من المجموعة الخماسية أن تقوم بدورها بحزم أكبر وضغط على الأطراف لسد الفراغ الرئاسي الذي مضى عليه سنة ونصف السنة من دون أن يقوم مجلس النواب بانتخاب رئيس للجمهورية. لكن يبدو أن الدول الراعية ليست على عجلة للانتخاب قبل أن يتضح ما سيكون عليه “اليوم التالي” في غزة.
ولسد هذا الوقت الضائع ستعيد المجموعة الخماسية اجتماعاتها ومشاوراتها لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء على الساحة اللبنانية لتامين انتخاب رئيس للجمهورية. الموفد الأميركي آموس هوكشتاين يريد التفرد بالملف اللبناني من جميع جوانبه العسكرية والسياسية والديبلوماسية دون منازع. والموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان ما زال مستمراً في مهمته ويقوم بالاتصالات اللازمة مع الأطراف في الخماسية والحلفاء لسد الفراغ الرئاسي.
وتشير مصادر ديبلوماسية إلى أن باريس تعرب عن قلقها الشديد وتخوفها من التصعيد العسكري في لبنان لأنها تعتبر أن لا أحد يمكنه تقدير الخطوات التي يمكن أن يتخذها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يملك قرار التصعيد وتوسيع الحرب على جنوب لبنان في حال عدم التوصل الى اتفاق ديبلوماسي.
وتُعقد منذ نهار الثلثاء اجتماعات في فرنسا بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والسلطات الفرنسية لبحث الملفات ذات الاهتمام المشترك لتذليل العقبات والاختلافات بين الدولتين، وسيُعقد قريباً اجتماع بين وفد فرنسي يزور الولايات المتحدة والإدارة الأميركية لاستكمال هذه المباحثات، لأن فرنسا تعتبر أن لا حلّ دون توافق فرنسي – أميركي على صيغته.
وفق مصادر ديبلوماسية أن الموفد الرئاسي الذي زار لبنان أربع مرات في نطاق مهمته واجتمع خلالها مع مجمل اللاعبين السياسيين المحليين واستمع الى وجهات نظرهم لسد الفراغ الرئاسي لن يقوم بزيارة خامسة للبنان قبل أن تتوضح مؤشرات إيجابية يمكنها أن ترسم حلاً يؤدّي الى انتخاب رئيس للجمهورية ضمن سلة متكاملة تعيد الى الدولة دورها.
وباريس على لسان لودريان تعلن عن قلقها إزاء الوضع القائم وقد انتقد السياسيين اللبنانيين الذين لا يقدّرون خطورة الوضع منذ أن كان وزيراً للخارجية الفرنسية. وما زال موفد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يقوم بدور المسهل في محاولة منه لاستخراج مخرج أو حلّ للانسداد السياسي الذي يعيشه لبنان منذ أعوام. ويحث المسؤولين اللبنانيين على التحلي بالمسؤولية وأن يأخذوا في الاعتبار المرحلة الحالية للقيام بما يجب عليهم ووضع البلد على الطريق الصحيح.
وهو يتابع عن كثب التطورات السياسية التي يشهدها لبنان والمنطقة ومشاوراته مستمرة مع الأطراف ويقوّم المستجدات على الساحة اللبنانية ويقوم باتصالات مع أعضاء الخماسية وهو على بينة من تحرك سفراء المجموعة الخماسية في لبنان وما زال يعوّل على خرق في الملف الرئاسي لأنه يعتبر أن البلد في وضع مأساوي ويجب أن تتوفر النيات الصادقة لدى اللاعبين السياسيين لملء الفراغ الرئاسي ومنع الانسداد السياسي.
وهو في هذا السياق يؤكد على وحدة موقف أعضاء الخماسية وتعاونهم. وينفي أي خلاف في ما بينهم لأن دورهم هو مساعدة الأطراف على انتخاب رئيس للجمهورية وهذا ينفي أي تناقض بين الأعضاء وهو يعبّر عن ارتياحه لانخراط الدول في عمل هذه اللجنة.
وتقول هذه المصادر إن لودريان يؤكد أن ليس لبلاده أي مرشح لرئاسة الجمهورية وإن باريس كباقي أعضاء المجموعة الخماسية (الولايات المتحدة وفرنسا ومصر والعربية السعودية وقطر) تدعو اللاعبين في الداخل إلى التوافق في ما بينهم على مرشح ثالث نظراً الى الانسداد العمودي الذي تشهده البلاد منذ أكثر من سنة ونصف السنة.
ويشيد لودريان وفق المصدر بالمبادرة التي تقوم بها كتلة الاعتدال الوطني والتي تشير الى أن عدداً من المسؤولين السياسيين بدأ يشعر بالمسؤولية وهم يحاولون من خلال تحركهم التوصل الى أفضل صيغة من خلال الحوار بين الكتل.
فالانسداد القائم والعرقلة والفراغ الرئاسي تؤدي الى مزيد من التأزم والعبء على البلد وعلى الدولة والمؤسسات وتشكل خطراً على “استمرارية الدولة” في حال استمرار الوضع كما هو عليه حالياً لأن البلد فقد جميع معايير الدولة.
ويرى لودريان أن غياب رئيس الجمهورية غيّب حضور لبنان في المفاوضات والمباحثات القائمة في منطقة الشرق الأوسط، وحذر من الانسداد السياسي ودعا الى انتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن لتأمين استمرارية الدولة المعطلة والمؤسسات الدستورية. فإطلاق عجلة الإصلاحات المرجوة يتطلب وجود رئيس ومؤسسات فاعلة كما أن هذا الشرخ الداخلي سيؤثر سلباً على موقف لبنان الرسمي خلال المفاوضات المرتقبة بشأن القرار الدولي ١٧٠١ وتمديد ولاية القوات الدولية في شهر آب المقبل.
وهو يأمل إعادة تحريك الدعوة لمؤتمر لدعم الجيش اللبناني الذي كانت باريس قد دعت إليه في شهر شباط الفائت ويشير إلى أن العديد من المواضيع الأساسية ستكون على طاولة المباحثات بعد نهاية شهر رمضان. لكنه على يقين من أن الحل بانتظار وقف النار رغم كل المحاولات لفصل ملفي الجنوب وغزة.
سمير تويني – النهار