
كتبت صحيفة “النهار” تقول:
مع ان زيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني لبيروت شكلت حدثاً مفصلياً في مسار الصفحة الجديدة الناشئة من العلاقات اللبنانية السورية، فإنها لم تحجب الاستغراب الشديد الذي ساد معظم الأوساط السياسية حيال انضمام رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى “حزب الله” في حملاته المفتعلة المتعمدة على رئيس الحكومة نواف سلام. إذ إنّ انتقادات برّي للحكومة واتهامها بالتقصير في موضوع الاهتمام بالجنوب بدت أقرب إلى افتعال أزمة لشد العصب الشعبوي عند مشارف افتتاح مواسم الانتخابات في وقت يتخلف بري عن أداء واجبه في عقد جلسة لمجلس النواب لبت الخلاف حول قانون الانتخاب ويصادر إرادة الأكثرية النيابية. لذا بات متوقعاً أن يتسبّب بري بتفاقم الأزمة الانتخابية ولن يكون مجدياً فتح أبواب مشكلة جانبية مع رئيس الحكومة لكي يؤخر مساءلته سياسياً ونيابياً عن تأخير حسم مسار قانون الانتخاب، كما أوحت المعطيات التي تجمعت في الساعات الأخيرة.
أمّا في ما يتصل بزيارة وزير خارجية سوريا أسعد الشيباني إلى بيروت فبدت معالمها الانفتاحية قبل وصوله بوقت قصير حين استبق وصوله بإبلاغ وزارة الخارجيّة اللبنانيّة عبر السفارة السوريّة في لبنان، قرار تعليق عمل المجلس الأعلى اللبناني السوري وحصر كل أنواع المراسلات بين البلدين بالطرق الرسميّة الدبلوماسيّة ما شكّل أوّل غيث الزيارة السورية التي رسم لها مسار أحداث اختراقات وتفاهمات ترغب فيها “سوريا الجديدة”.
وتقدّمت محادثاته في بيروت ملفات السجناء والموقوفين، وترسيم وضبط الحدود البرّيّة، وتفعيل القنوات الدبلوماسيّة بين البلدين كما كان لافتاً تركيز الوزير السوري على الجانب المتصل بالتعاون الاقتصادي بين البلدين
وقد جال شيباني يرافقه وزير العدل السوري مظهر الويس ووفد أمني وإداري وديبلوماسي على كبار المسؤولين، باستثناء رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي علم أنّ الوفد السوري لم يطلب موعداً للقائه باعتبار أنّ الزيارة تقنية وتنفيذية ولا تستدعي لقاء رئيس مجلس النواب، فيما نقل الوزير دعوة إلى رئيس الجمهورية جوزف عون لزيارة دمشق.
وأبلغ رئيس الجمهورية وزير الخارجية السورية خلال استقباله مع وزير العدل والوفد المرافق، أنّ لبنان يتطلع إلى تعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وتفعيل التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية بما يحقق الاستقرار في كل من لبنان وسوريا.
واعتبر أنّ تعميق العلاقات الثنائية وتطويرها يتم من خلال تأليف لجان مشتركة تبحث في كل الملفات العالقة، وأهمّها الاتفاقيات المعقودة بين البلدين والتي تحتاج حتماً إلى إعادة ودرس وتقييم. وأشار إلى أنّ القرار السوري بتعليق العمل في المجلس الأعلى اللبناني-السوري يستوجب تفعيل العلاقات الديبلوماسية وننتظر في هذا الإطار تعيين سفير سوري جديد في لبنان لمتابعة كل المسائل من خلال السفارتين اللبنانية والسورية في كل من دمشق وبيروت.” وقال الرئيس عون للوزير الشيباني: “امامنا طريق طويل، ومتى صفت النوايا فان مصلحة بلدينا الشقيقين تسمو على كل الاعتبارات، وليس لدينا خيار سوى الاتفاق على ما يضمن هذه المصلحة”.
ونقل الوزير الشيباني إلى الرئيس عون تحيات الرئيس الشرع، شاكراً الحفاوة التي لقيها خلال الزيارة، مؤكداً على أهمية العلاقات التاريخية التي تجمع بين لبنان وسوريا والتي يفترض تعميقها وتصحيح ما حصل في السابق والذي أساء إلى صورة سوريا. ودعا الوزير السوري إلى تعميق التعاون في كل المجالات لاسيما المجالين الاقتصادي والتجاري مع وجود هذا الانفتاح على سوريا وبعد رفع العقوبات عنها، لأن لبنان يمكن أن يستفيد من هذه التطورات الإيجابية.
وجدّد التأكيد على سيادة لبنان والحرص على إقامة علاقات متينة قائمة على الاحترام والتعاون. “ونتطلع الى ان نطوي صفحة الماضي لأننا نريد ان نصنع المستقبل.” وقال ان بلاده جاهزة لمناقشة أي ملف عالق سواء كان ملفا اقتصاديا أو امنياً.
أضاف: “لقد عانت شعوبنا من الحروب والمآسي، فلنجرب السلام.” وعن موضوع النازحين السوريين قال: نحن نشكرلبنان وشعبه على هذا الكرم وهذه الإستضافة. ونتوقع بعد زوال السبب الذي كان دفع الناس الى الهجرة والنزوح ان يتم حل هذا الموضوع تدريجا. هناك خطط نناقشها اليوم بدعم دولي لكي تكون هناك عودة كريمة ومستدامة.
ثم انتقل الشيباني والوفد المرافق إلى السراي الحكومي يرافقه الوزير يوسف رجي للقاء الرئيس نواف سلام وعُقد اجتماعٌ بين سلام، ونائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري، ورجي، ووزير العدل عادل نصّار، مع الشيباني، ووزير العدل مظهر الويس، والوفد المرافق. وأكّد الرئيس سلام خلال اللقاء أنّ لبنان حريص على بناء علاقات سليمة ومتوازنة مع سوريا، على قاعدة التعاون بين دولتين مستقلتين تربطهما الجغرافيا والتاريخ، مشدّداً على أن الانفتاح والحوار الصادق هما الطريق الوحيد لترسيخ الاستقرار في البلدين والمنطقة.
وعقد أيضاً في السراي اجتماع بين المدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير ومساعد وزير الداخلية السوري للشؤون الأمنية اللواء عبد القادر طحان.كما عقد اجتماع بين مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد الركن طوني قهوجي ورئيس جهاز الاستخبارات السوري حسين السلامة.
وفي الخارجية حيث استهل لقاءاته، استقبل الوزير يوسف رجي، الشيباني، وعقدا لقاء ثنائيا تبعه جلسة محادثات موسّعة بين الجانب اللبناني والوفد السوري.
في المشهد السياسي، وغداة السجال بين بري وسلام انتقدت القوات اللبنانية “تباكي البعض في الوقت الحاضر على قرى الجنوب وأهله، وعلى الجنوب عمومًا، ويوجّه أصابع الاتهام إلى الحكومة الحالية، وكأنها هي المسؤولة عن عدم إعادة الإعمار.
ونحن نسأل هذا البعض: من اتخذ قرار الدخول في حرب “الإسناد” التي انطلقت في 8 تشرين الأول 2023، وأدت إلى تدمير الجنوب؟هل كانت الحكومة هي من اتخذ هذا القرار؟ وهل كانت موافقة عليه؟وأين كان هذا البعض الذي يتباكى اليوم على الأطلال عندما اتُّخذ القرار؟ نقول لهذا البعض، ليس من منطلق السعي إلى مماحكات إعلامية، بل من باب وضع الأمور في نصابها الحقيقي.
أما النقطة الثانية، والأهم، فهي أن إعادة الإعمار تتطلّب أموالًا طائلة، في وقتٍ لم تتمكن فيه الدولة حتى الآن من التقدُّم قيد أنملة على طريق الخروج من الأزمة المالية والاقتصادية التي ضربت لبنان منذ العام 2019. فمن أين ستأتي الدولة بالأموال لإعادة الإعمار؟وسؤال استطرادي: حتى لو توفرت هذه الأموال من جيوب اللبنانيين – وهو أمر مستحيل – فبأي حق تُصرف من جيوب الأكثرية الساحقة من اللبنانيين الذين كانوا ضد حرب الإسناد وما نتج عنها؟ إن إعادة الإعمار تتطلّب مليارات الدولارات، ولا يمكن تأمينها إلا من خلال أصدقاء لبنان شرقًا وغربًا.
ويعرف القاصي والداني أن إحجام أصدقاء لبنان عن مساعدته سببه عدم قيام دولة فعلية تحتكر وحدها قرار الحرب والسلاح. وبالتالي، فإن الطريق إلى إعادة الإعمار معروف، وكل الطرق الأخرى لن تؤدي إلى أي نتيجة.
نتوقف أخيرًا أمام تصريح للرئيس نبيه بري، حين سُئل عن موازنة عام 2026، فأجاب بأن “الموازنة لن تمر إذا لم تتضمّن بندًا واضحًا متعلقًا بإعادة الإعمار ونستغرب أن يصدر مثل هذا الكلام عن شخص بعمر الرئيس بري وخبرته، لأن المجلس النيابي مؤسسة دستورية قائمة بذاتها، ولا يمكن لأحد احتكارها أو التحكُّم بها.
أما مسألة تمرير الموازنة أو عدم تمريرها، فهي من شأن الأكثرية النيابية، لا أي جهة أخرى”
كتبت صحيفة “الديار” تقول:
لا اجواء دولية وعربية وتحديدا اميركية، توحي بحرب اسرائيلية جديدة على لبنان في المدى المنظور او خلال الاشهر المقبلة. فمعظم المسؤولين الذين زاروا الولايات المتحدة الاميركية مؤخرا، عادوا بأجواء تناقض كليا بعض التسريبات والتحليلات المحلية عن حرب اسرائيلية وشيكة على لبنان. واكد العائدون امام زوارهم «لم نسمع اي كلام من اي مسؤول اميركي على حرب اسرائيلية جديدة على لبنان، وكل ما سمعناه اشادات بالجيش اللبناني ودوره، وارتياح لخطواته في تنفيذ المرحلة الاولى من عملية حصر السلاح في يد الدولة في جنوب الليطاني، ومنع نقل الاسلحة التابعة لحزب الله شمال الليطاني من مكان إلى آخر». وهذا الارتياح ترجم بتقارير ضباط اللجنة الدولية في الناقورة الى دولهم، بانتظار ما سيتضمنه تقرير الجيش عن تنفيذ المرحلة الاولى من عملية حصرية السلاح في يد الدولة، التي تنتهي اواخر العام.
ونقل الذين زاروا الولايات المتحدة اجواء عن تراجع الاهتمام الاعلامي بلبنان في الصحف الاميركية والاوروبية وحتى في الصحف الاسرائيلية، ولمسوا هذا الامر جيدا خلال اجتماعات الهيئة العامة للامم المتحدة، التي ركزت على غزة والحرب الروسية الاوكرانية، مما يوحي بان لبنان لم يعد أولوية في المدى المنظور، والحلول لمشاكله ستأتي من خلال جاذبية التطورات، التي ستلفح كل المنطقة بموافقة مصرية وتركية وقطرية وسعودية. وهذا ما يؤكد ان المرحلة الانتقالية لن تكون على «الساخن» مطلقا، ولبنان مقبل على مرحلة جديدة من الاستقرار، مغايرة للمرحلة التي سادت البلاد منذ العام 1975، والأمور بحاجة إلى سنة او سنتين كي تبدأ فعليا.
واكدت مصادر سياسية ان التسريبات عن حرب اسرائيلية ليست الا رغبات محلية، والأمور متجهة الى الهدوء، وحزب الله ليس انتحاريا، ويعرف ظروف المنطقة والتحولات الكبرى، ويتعاون مع الجيش اللبناني، الذي وسع انتشاره في الجنوب إلى 90%، ويبقى الاحتلال الاسرائيلي المشكلة والعقبة الكبرى امام الانتشار الشامل للجيش في كل الجنوب.
وتضيف المصادر، ان العلاقة بين الجيش اللبناني واهالي الجنوب ممتازة، وهناك ارتياح لدور الجيش وعمله في مساعدة الاهالي الذي نال ثقتهم، وتبقى المشكلة في غياب الحكومة ومؤسساتها. وسألت المصادر هل يعقل ان ترسل الحكومة مهندسين فقط لتقييم حجم الأضرار ومسح عمليات الدمار في الجنوب والضاحية وبعلبك، فيما حزب الله قدم اكثر من مليار دولار في الدفعة الأولى، وباشر الدفعة الثانية منذ اشهر لمساعدة الاهالي على أبواب فصل الشتاء، بالاضافة الى مساهماته في ترميم اكثر من 40 الف شقة حتى الآن.
واكدت المصادر ان هذه الاجواء لا تزيل ولا تبدد قلق المسؤولين من سياسات نتنياهو ومخططاته، وحاجته الى استمرار الاعتداءات وتوسعها، وتنفيذ المزيد من الاغتيالات قبل الانتخابات النيابية في «اسرائيل» منتصف تشرين الثاني 2026، وربما تذهب الامور الى انتخابات مبكرة بعد اتفاق غزة.
الشيباني في بيروت
حظيت زيارة وزير الخارجية السوري اسعد الشيباني، «الرجل الثاني في سوريا بعد الرئيس احمد الشرع ومهندس السياسات الداخلية والخارجية»، يرافقه وفد امني كبير، باهتمام المسؤولين اللبنانيين، رغم انه استثنى رئيس مجلس النواب نبيه بري من لقاءاته. وقد تناولت مباحثات الشيباني تطورات المنطقة بعد اتفاق غزة، والعلاقات بين البلدين، وملفات النازحين والحدود والتبادلات التجارية، وعمليات التهريب والمعابر غير الشرعية، والملفات الامنية والقضائية. كما تناولت بشكل اساسي موضوع المعتقلين. كما عقدت في السراي الحكومي لقاءات بين مدير عام الامن العام اللواء حسن شقير، ومساعد وزير الداخلية السوري اللواء عبد الحميد طحان، واجتماع آخر بين مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد طوني قهوجي، ورئيس المخابرات العامة السورية العميد حسن السلامة.
وفي معلومات مؤكدة، ان التباينات ظهرت بوضوح حول العديد من الملفات خلال مباحثات الشيباني، لكن الأمور تتطور بشكل ايجابي بين البلدين، والعلاقات حاليا افضل بكثير من الاشهر الماضية، وهناك لجان تتابع الملفات، لكنها لم تصل الى نتائج ملموسة في اي قضية، نتيجة عوامل كثيرة ابرزها تراكمات المرحلة الماضية، والثقة المفقودة بين الطرفين. وعلم ايضا ان الشيباني وجه دعوة للرئيس عون لزيارة سوريا، ووعد بتلبيتها بعد انجاز الملفات العالقة بين البلدين وتشكيل اللجان لحلها. وقد طالب عون بضرورة تعيين سفير سوري جديد في لبنان، كي تكون العلاقات من دولة الى دولة وضمن الاطر الديبلوماسية.
علما ان الرياض تؤدي دورا بارزا في تنقية الاجواء وإنجاز خطوات عملية بين البلدين، ويبقى اللافت ابلاغ وزارة الخارجية السورية وزارة الخارجية اللبنانية قرارها بإنهاء عمل المجلس الأعلى اللبناني السوري.
الاحزاب أطلقت ورشها الانتخابية النيابية
وفي ظل الاجواء الدولية الجديدة على المنطقة، ورياح التسويات الكبرى الآتية، فان جميع القوى السياسية تحاول تثبيت حضورها وزيادة احجامها، وتحسين مواقعها في «كعكة» السلطة، من بوابة الانتخابات النيابية المقبلة، التي حسم اجراؤها في ايار على القانون الحالي، وهذا ما اكد عليه الرئيس بري. في المقابل، تجمع مراكز الدراسات على استحالة تقدم فريق سياسي على آخر، مع بقاء وليد جنبلاط «بيضة القبان»، فكيفما «مال تميل دفة الاكثرية معه».
وفي المعلومات المؤكدة، ان جميع الاحزاب السياسية الكبرى بدأت ورش التحضيرات الجدية، واعطيت التعليمات للمباشرة باطلاق التحضيرات الانتخابية.
وفي المعلومات ايضا، ان التحالفات باتت واضحة جدا، فالثنائي الشيعي ومعه «التيار الوطني الحر» و «المردة» و «الاحباش» والاحزاب الوطنية، سيكونون على لوائح موحدة، وتجربة جزين البلدية بين «امل» و «التيار الوطني الحر» ستتكرر نيابيا. وفيما الاجواء الودية بين «الوطني الحر» و«المردة» تتعزز يوميا، فان تحالف «القوات» و «الاشتراكي» ثابت في الجبل وفي كل المناطق، وهناك مساع جنبلاطية حقيقية لضم «الكتائب» الى التحالف، لكن اللافت وحسب المعلومات المؤكدة، ان جميع القوى السياسية على مختلف مشاربهم مصممون على اجتثاث نواب «التغيير» من المعادلة النيابية، وهؤلاء بمعظمهم مدعومون من رئيس الحكومة نواف سلام، الراعي الرسمي لجمعية «كلنا ارادة».
يدخل الانتخابات الا من البوابة السعودية
ويبقى البارز، ان «تيار االمستقبل» حسم المشاركة اقتراعا وترشيحا في الانتخابات النيابية المقبلة، وسيخوض الاستحقاق من البوابة السعودية، في ظل معلومات مؤكدة عن مسعى مغربي لاعادة الود والتواصل بين الحريري والامير محمد بن سلمان. كما يقوم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي باتصالات في هذا المجال، يضاف الى ذلك استحالة سيطرة السعودية على الشارع السني من دون سعد الحريري، الذي ما زال اللاعب الاول سنيا ووطنيا، وهذا ما اظهرته الانتخابات البلدية، وستوازي كتلته النيابية كتل الاقطاب السياسيين في البلد.
مساكنة بين عون وسلام ولا سلام بين عين التينة والسراي
العلاقات بين الرئيسين عون وسلام نحو المساكنة الاجبارية، رغم التوترات الدائمة وعدم وجود «كريزما» بين رجلين من مدرستين مختلفتين، لكنهما محكومان بالمساكنة لانجاح مسيرة العهد وعمل الحكومة. وبالتالي فان عون وسلام لا يريدان قطع شعرة معاوية بينهما، ويتولى المستشار الرئاسي جان عزيز زيارة السراي بشكل متواصل، وسيستمر العمل الحكومي تحت سقف «المساكنة» حتى الانتخابات النيابية، فيما العلاقة بين عين التينة والسراي «لم تركب بعد»، وهناك جدار من عدم الثقة بين الطرفين، وعندما تصل انتقادات الرئيس بري الى هذا المستوى تجاه الحكومة ورئيسها، وهو المعروف عنه حرصه على عدم إظهار الخلافات بين المسؤولين الى وسائل الإعلام، فهذا يكشف مدى ضيقه من ممارسات رئيس الحكومة، ومن النوادر السياسية منذ الطائف ظهور التباينات بين رئيسي المجلس والحكومة الى هذا المستوى في الاعلام .
وهذا الامر لم يحصل بين بري والمرحوم عمر كرامي، فيما العلاقة مع الشهيد رفيق الحريري كانت «سمن وعسل»، وممتازة مع سعد الحريري ونجيب ميقاتي وتمام سلام، وعادية مع حسان دياب، وسالكة مع فؤاد السنيورة، لكن العلاقة مع نواف سلام تسودها التوترات وعدم الراحة، حيث يتعامل سلام مع الثنائي بمنطق غير مفهوم بعد حسب مصادر الثنائي، التي تقول انه ما زال سلام متمترسا عند صخرة الروشة ويرفض مغادرتها، رغم ما يتعرض له البلد من اعتداءات اسرائيلية. هذا ما فاقم الخلافات والتوترات بين الطرفين مع استمرار الحملات على رئيس الحكومة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي معلومات مؤكدة، ان الملاحظات على سلام وصلت الى «القوات» من بوابة امتعاضها من دعمه المطلق للنواب «التغييريين»، وجمعهم في السراي بشكل أسبوعي.
كتبت صحيفة “الأنباء” تقول:
حدثان بارزان استأثرا بإهتمام القوى المعنية، الأول على علاقة بالمستجدات التى واكبت اليوم الثاني من قرار وقف الحرب على غزة، أمّا الثاني فمحلي ويتعلق بزيارة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى لبنان.
إقليمياً، لم يشهد اليوم الثاني لوقف الحرب على غزّة أي تطورات جديدة باستثناء استمرار سكان القطاع المنكوب احتفالاتهم بوقف الحرب على غزّة بعد سنتين من القتل والدمار في سابقة لم يشهد لها مثيل لا في التاريخ القديم ولا في التاريخ الحديث، في الوقت الذي لا يزال فيه الجانب الإسرائيلي يضع إصبعه على الزناد رغم الأنباء التي تحدثت عن بدء جيشه تفكيك مواقعه العسكرية تمهيداً لسحب آلياته من النقاط المتمركزة فيها.
إلى ذلك تبقى الأنظار مشدودة إلى يوم الإثنين الموعد المقرر للإفراج عن الرهائن الإسرائيلين بحسب ما أشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأحياء منهم والبالغ عددهم 20 أسيراً والأموات أيضا. وفيما يحرص ترامب الذي يزور إسرائيل في الساعات المقبلة لإلقاء كلمة أمام الكينيست عن هذا الانجاز الكبير الذي تحقق، فإنه سينتقل بعدها إلى شرم الشيخ للتوقيع على إتفاق السلام بين إسرائيل وحماس باعتباره الراعي الأول لهذا الاتفاق بحضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وممثلين عن الدول المشاركة في المفاوضات.
مصادر مواكبة لهذه التطورات أشارت عبر “الأنباء” الإلكترونية إلى أن الرئيسين الأميركي والإسرائيلي لن يسمحا لأحد من قادة العالم أن يسرق منهما هذا الإنجاز الكبير بالرغم من إخفاق ترامب في الفوز بجائزة نوبل للسلام كما كان يتوقع، وذلك في رد غير مباشر من ترامب ونتنياهو على الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي سارع فور الاعلان عن التوصل لوقف النار بين حماس واسرائيل إلى عقد مؤتمر موسع في العاصمة الفرنسية باريس بحضور ممثلين عن الدول التي صوتت على مشروع الدولتين في نيويورك في ايلول الماضي بدعودة مشتركة فرنسية – سعودية، للبحث في اليوم الآخر، وكيفية توفير الدعم المطلوب لإعمار غزة.
المصادر لفتت إلى خطورة الوضع قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق شرم الشيخ المتمثلة بسحب السلاح وإجلاء مقاتلي حماس عن غزة، والبحث في تشكيل القوة التي ستتولى ضبط الامن داخل القطاع في المرحلة الانتقالية. هذه المشكلة تتمثل برأي المصادر بالافراج عن الرهائن لجهة تطابق عددهم بحسب ما تم ادراجه في الاتفاق، لان اي خطأ قد يطرأ سيؤدي حتماً الى عودة الحرب، قبل ان تسلك مبادرة نتنياهو طريقها الى تثبيت وقف النار بشكل نهائي، وان ما تقوم به اسرائيل في لبنان دليل واضح على عدم احترام اسرائيل لتعهداتها. وهو ما حذر منه رئيس مجلس النواب نبيه بري بالقول انه يخشى من عدم التزام اسرائيل بوقف اطلاق النار كما فعلت في لبنان.
الشيباني في بيروت
في زيارة كان مرتقباً حصولها قبل الحوادث الأمنية التي شهدتها سورية مؤخراً، وصل إلى بيروت صباح أمس الجمعة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني على رأس وفد يرافقه وزير العدل السوري مظهر الويس، في زيارة تهدف إلى تصحيح العلاقات بين البلدين ومناقشة الملفات العالقة.
الشيباني جالَ على رئيسي الجمهورية جوزاف عون في بعبدا والحكومة نواف سلام في السراي الحكومي ووزير الخارجية يوسف رجي، ولفتت مصادر مواكبة للزيارة في اتصال مع “الأنباء” الالكترونية الى أنّ الرئيس عون أكّد للشيباني عن تطلع لبنان إلى إقامة أفضل العلاقات مع سورية على أساس الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدين، وضرورة تفعيل التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية بما يحقق الاستقرار للبلدين، وضرورة تأليف لجان مشتركة لمناقشة الملفات العالقة. وتعيين سفير سوري جديد في لبنان، مؤكّداً أهمية معالجة ملفات الحدود البحرية والبرية.
أمّا في السراي فقد عقد الرئيس سلام اجتماع عمل مطّول مع الشيباني والوفد المرافق بحضور وزيري الخارجية والعدل وان المحادثات تركّزت على فتح صفحة جديدة من العلاقات على قاعدة احترام السيادة المتبادلة وحسن الجوار.
من جهته أكّد الشيباني على أهمية تصحيح الأخطاء السابقة، وتعميق العلاقات التاريخية بين البلدين، وأنّ سورية جاهزة لمناقشة جميع الملفات سواء كانت اقتصادية أو أمنية بهدف تجاوز الماضي وفتح صفحة جديدة من التعاون.
المصادر لمست في حديث الشيباني جدّية من أجل تصحيح العلاقة بين لبنان وسورية انطلاقاً من قرار تعليق عمل المجلس الأعلى اللبناني – السوري، وحصر المراسلات الرسمية بالطرق الدبلوماسية.
ولفتت المصادر إلى أنّ دمشق رفضت استقبال نواب لبنانيين من الطائفتين المسيحية والسنية، وأنّها أبلغت الوسطاء رغبتها بالتعامل فقط مع الدولة اللبنانية كمؤسسة، وليس مع الأفراد.
جائزة نوبل للسلام
ورغم أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان توّاقاً للفوز بجائزة نوبل للسلام إلّا أنّ آماله تلاشت بعدما أعلنت اللجنة المانحة للجائزة فوز زعيمة المعارضة الفنزويلية ماريا كورينا ماتشادو بها
المصدر: الوكالة الوطنية


