
كتبت صحيفة “النهار”: يبدو أن الأسبوع اللبناني الطالع سيحمل معطيات وتطورات تتّسم بأهمية كبيرة مفترضة لجهة اتّضاح بعض الخطوط التي ترتبط بالتصعيد الميداني والعسكري الإسرائيلي المتدرج في لبنان، بعدما رسمت وقائع الأيام الأخيرة صورة مثيرة للقلق المتصاعد حيال احتمال انفجار حربي ميداني واسع لم يعد لبنان يقوى إطلاقاً على تداعياته الكارثية. وإذ تتصل هذه المعطيات بتحرك أميركي بدأ مع تحرك مكوكي جديد للموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس بين إسرائيل ولبنان كما بتحرك أمني- سياسي مصري يكتسب دلالات بارزة نظراً إلى الدور الريادي الفعال الذي تضطلع به مصر من غزة إلى لبنان، لم يعد يخفى أن الخشية من عملية إسرائيلية واسعة، اتخذت في الأيام الأخيرة بعداً شديد الأثر على لبنان في ظل انفلاش غير مسبوق للأجواء الإعلامية الغربية والعربية كما الإسرائيلية التي تنذر بخطر حرب متجددة على ما تبقى من ترسانة “حزب الله ” في لبنان، وما يمكن أن تطوره إسرائيل في أي هجمات جديدة محتملة. حتى أن ما يبلّغ المسؤولين اللبنانيين من معطيات مباشرة أو ضمنية في الآونة الأخيرة، وسواء كان على سبيل التهويل أو نقل معطيات جدية، يفيد بأنه قد لا يكون أي موعد محتمل لعملية واسعة دقيقاً، لكن الأيام الأخيرة رفعت منسوب التوقعات السلبية إلى الذروة وكأنها صارت مرتبطة بالتوقيت الإسرائيلي فقط. ولذا برزت في الأيام الأخيرة عودة الحديث وتزخيمه عن استعدادات لبنان للتفاوض مع إسرائيل من دون أفق واضح بعد لأي إطار عملي جدي لهذا التفاوض، ولكن تردّدَ أن الأوضاع الزاحفة نحو متاهات تصعيدية خطيرة قد تعيد فتح المشاورات بين رئيس الجمهورية جوزف عون وكل من رئيس الحكومة نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري حول آلية التفاوض والاندفاع نحو تأكيد استعداد لبنان للتفاوض تجنباً لخطر تجدّد الحرب الإسرائيلية، خصوصا وأن البلد سيدخل بقوة مرحلة العد العكسي لزيارة البابا لاوون الرابع عشر للبنان في نهاية تشرين الثاني المقبل. ولم يعد خافياً أنه على رغم القرار الحاسم بحصولها في موعدها وإنجاز كل الترتيبات لها بحيث سيعلن برنامجها التفصيلي من الفاتيكان وبيروت معاً في الأيام القليلة المقبلة، فإن ذلك لا يحجب مخاوف على الزيارة بدأت تنساب إلى كواليس المعنيين في بيروت والفاتيكان في حال مضت دورة التصعيد إلى متاهات أخطر، كما بدأت تثار شائعات عن احتمال إرجائها، ولكن معظم الأوساط المعنية يميل إلى ترجيح استبعاد قيام إسرائيل بأي عملية واسعة في لبنان من شأنها أن تستبق زيارة البابا وتؤثر على الاستعدادات الجارية لحصولها.
ويُترقب وصول الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس اليوم الاثنين إلى بيروت بعد زيارتها لإسرائيل، وستشارك أورتاغوس في اجتماع هيئة الإشراف على اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل “الميكانيزم ” الذي سيعقد الأربعاء المقبل. ولم تفد المعلومات الموثوقة عن إمكان قيامها بلقاءات سياسية كما تردد.
وفيما تزور أورتاغوس إسرائيل منذ نهاية الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية أمس أن وزير الدفاع يسرائيل كاتس قام بجولة عند الحدود اللبنانية برفقة مورغان أورتاغوس، وأعلن كاتس خلال الجولة أن إسرائيل ستواصل الدفاع عن المناطق الشمالية ضد أي تهديد.
كما أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صعّد من وتيرة تهديداته، بالقول إن “إسرائيل لا تحتاج إلى إذن من أحد لضرب أهداف في غزة أو لبنان”.
وتندرج في السياق المأزوم نفسه المعلومات عن الزيارة التي سيقوم بها وفد أمني مصري برئاسة مدير المخابرات المصرية لبيروت حاملاً دعم مصر لموقف الرئيسين عون وسلام في مواجهة التطورات الخطيرة الراهنة، بما يشكّل رسالة مصرية برسم إسرائيل رفضاً لأي تصعيد لعملياتها في لبنان، كما رسالة مقابلة لإيران لحضّها على اتخاذ سياسات عملية ترغم “حزب الله” على تسليم سلاحه إلى الجيش اللبناني.
وفي هذا السياق ووسط هذه الاجواء المقلقة، جاء لقاء رئيس الحكومة نواف سلام السبت الماضي مع البابا لاوون الرابع عشر في الفاتيكان في سياق الاستعدادات للزيارة البابوية. وكتب الرئيس سلام بعد اللقاء على منصة “اكس”: “سعدت بلقاء قداسة البابا لاوون الرابع عشر، وأكدت له أن اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم يتطلعون إلى زيارته بفرح. وجدّد قداسته أمامي تعلّقه بمعنى لبنان وتضامنه مع الشعب الفلسطيني في محنته. وبدوري شددت على أن وحدة لبنان وسيادته وحريته حق لأبنائه جميعاً، وأن السلام في المنطقة لن يقوم إلا على العدل، ولا سيّما على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة”.
غير أن الوقائع الميدانية أبقت الأجواء مشدودة وسط مظلة نارية إسرائيلية ممتدة بين الجنوب والبقاع الشمالي بحيث ارتفع عدد قتلى الغارات الاسرائيلية في الأيام الثلاثة الأخيرة إلى عشرة بين كوادر وعناصر “حزب الله”، ما رفع عدد الاستهدافات الإسرائيلية لعناصر في الحزب إلى 365 شخصاً خلال 11 شهراً منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 27 تشرين الثاني 2024، حسبما نقلت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية عن مصادر أمنية إسرائيلية. واستهدفت مسيّرة إسرائيلية بصاروخ حفارة في بلدة بليدا – قضاء مرجعيون فجر أمس من دون وقوع إصابات. كما شنت مسيّرة إسرائيلية غارة على سيارة في بلدة الناقورة أدت إلى سقوط قتيل وهو مسؤول عسكري في “حزب الله” عن المنطقة يدعى عبد السيد.
أما بقاعاً، فقد شنت مسيّرة إسرائيلية غارة على سيارة قرب مركز الأمن العام عند مدخل بلدة النبي شيت، ما أدى إلى سقوط قيادي في “حزب الله” علي حسين نور الدين الموسوي الذي نعاه الحزب. وذُكر أن الموسوي كان عضواً في الحرس الثوري الإيراني وتولى مسؤوليات بعد سقوط نظام بشار الاسد في سوريا. ولاحقاً استهدفت مسيّرة إسرائيلية سهل بوداي بإطلاقها ثلاثة صواريخ. ثم ما لبثت مسيّرة أخرى أن استهدفت منطقة الحفير الفوقا في غرب بعلبك أدت إلى سقوط قتيل وإصابة اثنين بجروح.
أما المشهد السياسي الداخلي، فلا يقل تأزماً عن الوضع الميداني، إذ يتجه العدد الأكبر من الكتل النيابية المطالبة بتعديل قانون الانتخاب بما يتيح للمغتربين الاقتراع لمجموع النواب الـ128 وأبرزها “الجمهورية القوية” والكتائب إلى مقاطعة جلسة مجلس النواب المقرّرة غداً الثلاثاء، اعتراضاً على عدم إدراج بند تعديل قانون الانتخاب على جدول الأعمال ورداً على تعنت رئيس المجلس نبيه بري بعدم إدراجه.
وأفادت معلومات أن لقاءً نيابياً ضم الكتل المطالبة بتعديل قانون اقتراع المغتربين أقر توجهاً نحو إعلان مقاطعة جماعية للجلسة. وفي المقابل، سيقوم اليوم وفد من “حركة أمل” و”حزب الله” و”التيار الوطني الحر” بزيارة مشتركة لرئيس الجمهورية جوزف عون رداً على جولة وفد الأكثرية الذي قام به الأسبوع الماضي.
وأكد النائب الكتائبي الياس حنكش “حق كتلة الكتائب في تطيير النصاب إذا توافرت الظروف نفسها التي شهدتها الجلسة السابقة. وهذا يعني أنه إذا ما استمر الوضع كما كان في الجلسة الماضية، فلا مانع من اتخاذ الإجراءات التي من شأنها تعطيل الجلسة، وهو ما يعكس رفضًا صريحًا لأي محاولة للتمرير بالقوة أو بمعزل عن توافق واسع … إلا إذا نزل الوحي على بري”.وقال إن “الكتائب ستسلك كل الطرق الديموقراطية المتاحة، للدفع قدماً بمشروع القانون الذي يضمن حقوق المغتربين. وسنستعمل كل الوسائل الديموقراطية لأننا سنربح التصويت في حال وضع مشروع القانون على جدول أعمال الجلسة”.
كتبت صحيفة “الأخبار”: السؤال الوحيد الذي يشغل السياسيين والمواطنين هذه الأيام هو: متى تقع الحرب؟ وسط شعور عام بأن الأمور تسير نحو جولة جديدة من المواجهة مع إسرائيل، وأن العدو يتصرّف وكأنه يُمهّد لعدوان واسع، متذرّعاً بعجز الدولة اللبنانية عن نزع سلاح حزب الله. أمّا التبرير الذي يسوّقه أمام الخارج، فهو استناده إلى معلومات استخباراتية تزعم أن حزب الله يعيد بناء قدراته العسكرية، وليس فقط المدنية، وأن عمليات القصف والاغتيال التي ينفّذها تهدف عملياً إلى إعاقة هذه العملية.
وفي موقف لافت، تحدّث الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في مقابلة مع قناة «المنار» عن التطورات الأخيرة، قائلاً، إنّ احتمال اندلاع الحرب وارد، لكنّه ليس حتمياً. وأكّد أنّ المقاومة في حالة جهوزية تامة للدفاع في حال قرّر العدو شنّ حرب واسعة. وتوجّه إلى الإسرائيليين والأميركيين بالقول: «لا تُجرّبوا المزيد من الحروب، لأن ما عجزتم عن تحقيقه في الحرب السابقة، لن تنجحوا في تحقيقه في أي حرب جديدة»، داعياً العدو إلى «الاكتفاء باتفاق وقف إطلاق النار، لأنه يحقّق أهداف الجميع».
وقال قاسم، إنّ المقاومة، عندما وافقت على اتفاق وقف إطلاق النار، سلّمت بمسؤولية الدولة في مواجهة العدوان الإسرائيلي والتصدّي له، مشيراً إلى أنّ المهمة الآن تقع على عاتق السلطة اللبنانية، فيما يبقى الحديث عن دورٍ مباشرٍ لحزب الله في الردّ على الاعتداءات الإسرائيلية رهناً بالظروف والتطورات الميدانية.
وأكّد تمسّك المقاومة بسلاحها، معتبراً أنّ هذا القرار مرتبط بوجود الاحتلال الإسرائيلي واستمرار العدوان، وأنّ التمسّك بالسلاح حقّ مشروع للدفاع عن الوجود. وأضاف أنّ العدو لا يحتاج إلى ذرائع لارتكاب اعتداءاته، وما يجري في سوريا خيرُ دليلٍ على نهج التوسّع والعدوان الدائم لدى إسرائيل.
وعن جهوزية المقاومة، قال قاسم: «بصرف النظر عن مستوى التعافي الذي حصل في حزب الله، نحن مقاومة، ونقول أمام العالم كله: نحن كمقاومة جاهزون للدفاع، ولسنا جاهزين لشنّ معركة؛ ولا يوجد لدينا قرار لشنّ معركة ولا قرار بمبادرة قتال».
وفي ما يتعلق بسياسة المقاومة في هذه المرحلة، أوضح أنه «منذ عام 2006 حتى عام 2023 كان الردع قائماً على إبراز فائض القوة، وقد أثبتت هذه الطريقة جدواها. أمّا اليوم فلدينا تكتيك مختلف. نحن لا نُظهر فائض قوة، ولا نمتلك فائض قوة. نعمل بطريقة اعتيادية، ولدينا ما يكفينا من القوة، فلماذا نُظهر أكثر مما نملك؟».
في غضون ذلك، واصل العدو الإسرائيلي حملته الإعلامية ضدّ المقاومة. وفي هذا السياق، بثّت قناة «كان» العبرية تقريراً بعنوان «نحو مواجهة جديدة؟»، أشارت فيه إلى أنّ «حزب الله يرفض نزع سلاحه، وفي لبنان تسود مخاوف من أن الحرب المقبلة باتت على الأبواب».
كما نشر موقع «والا» تقريراً موسّعاً جاء فيه أنّ «حزب الله يعيد بناء قدراته العسكرية ويستعدّ للمعركة المقبلة»، موضحاً أنّ التحليل المهني للهجمات الإسرائيلية على لبنان يكشف عن صورة مقلقة، مفادها أنّ «حزب الله يضحّي بقادته على الحدود من أجل إعادة بناء بنيته التحتية، وحشد الأسلحة الإيرانية، والتحضير لحملة في عمق الأراضي اللبنانية».
وأضاف الموقع أنّ «سياسة الاحتواء الهادئ التي تعتمدها إسرائيل ليست ضعفاً، بل هي استعداد». وخلص التقرير إلى أنّ «إصرار حزب الله على ترميم قوّته بعد الضربات الموجعة، واستمراره في إعادة بناء قدراته العسكرية في ظل وقف إطلاق النار، يؤكدان أنّ المعركة المقبلة ليست احتمالاً بعيداً، بل هي واقعٌ آخذٌ في التشكّل».
ونقلت صحيفة «معاريف» عن مصادر أمنية قولها إنّ «تصميم حزب الله على الحفاظ على قدراته، وإعادة تأهيل ما دُمّر، وتعزيز نفسه، يجب أن يُوضّح للجميع أنّ الحملة القادمة حتمية. فالهدوء النسبي في جنوب لبنان ليس سوى هدوءٍ وهمي، إذ تجري تحت السطح تيارات عميقة ينبغي أن تثير قلق المؤسسة الأمنية الإسرائيلية».
وفي الأثناء، أجرى وزير حرب العدو يسرائيل كاتس جولة على الحدود مع لبنان، برفقة المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس، عشية زيارة متوقّعة لها إلى بيروت في اليومين المقبلين، حيث يُفترض أن تشارك في الاجتماع المقبل للجنة «الميكانيزم». فيما سُرّبت معلومات في بيروت عن قرب وصول موفد مصريّ أمنيّ رفيع المستوى حاملاً رسالةً تتعلّق بـ«تطورات تشير إلى أنّ الوضع أصبح في غاية الخطورة».
كتبت صحيفة “الجمهورية”: على وقع استمرار إسرائيل في التصعيد قصفاً واغتيالاً في الجنوب كما في البقاع، جالت الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس على الحدود الجنوبية، يرافقها وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الذي هدّد أمامها بـ«استمرار الهجمات على لبنان، واتخاذ كافة الإجراءات لضمان أمن سكان الشمال والحدود»، على ان تنتقل من تل ابيب إلى بيروت اليوم للقاء المسؤولين، قبل أن تشارك في اجتماع «الميكانيزم» في الناقورة بعد غد. في الوقت الذي تلقى لبنان من مصر مضامين رسائل عربية ودولية حول التطورات الأخيرة المتصلة بالحدود الجنوبية، واستمرار التصعيد الإسرائيلي الذي بدأ يثير مخاوف من أن يكون مقدمة لعمل عسكري واسع.
تتقاطع التقديرات لدى عدد من الأوساط السياسية حول إمكان قيام إسرائيل بعمل عدواني على لبنان في الفترة القريبة المقبلة، لأنّ عدداً من المؤشرات الإسرائيلية تبرز ذلك، ولا سيما منها التصعيد الميداني الواضح الذي ظهر في الأيام الأخيرة، وامتد من المناطق المحاذية للحدود الجنوبية إلى البقاع، وبكثافة لافتة. والمثير كان أمس التقرير الذي نشرته صحيفة «معاريف»، وتضمّن تلميحات مبطنة إلى أنّ قيام إسرائيل بتوسيع ضرباتها بات أمراً اضطرارياً ومحسوماً.
ويتهم التقرير «حزب الله» بأنّه يعتمد نهج «التضحية التكتيكية» بكوادره في الجنوب، ليتسنى له استعادة قواته في مناطق جنوب الليطاني، أي أنّه يفضّل تحمّل الخسائر اليومية الباهظة بمنظومته البشرية بصمت، لكي يتابع عملية بناء قدراته هناك. فالردّ على إسرائيل في لحظة غير مناسبة سيعرّضه لضربات ليس مستعداً لتحمّلها. وفي عبارة أخرى، هو يفضّل أن يتلقّى الضربات المكلفة من دون ضجيج، لأنّه سيردّ في الظرف المناسب، بعد أن يستكمل خطة استعادة القدرات.
وهذا التقرير قرأه كثير من الخبراء بوصفه تحريضاً واضحاً على الحزب، الذي يعلن في وضوح أنّه يتعاون تماماً مع الجيش اللبناني في جنوب الليطاني ويقوم بتسليمه مخازنه ومنصات صواريخه. ويلتقي التقرير مع إعلان إسرائيل قبل أيام عن عمليات تهريب للسلاح من بقعة جبل الشيخ في سوريا إلى «حزب الله» في لبنان. وهذه التسريبات الإسرائيلية تصبّ في خانة التمهيد لعمليات عسكرية موسعة ضدّ لبنان.
اورتاغوس
وفي هذه الأجواء، ستصل الموفدة الأميركية مورغان اورتاغوس مساء اليوم إلى لبنان آتية من إسرائيل، لتبدأ غداً لقاءاتها مع المسؤولين، بدءاً برئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، في جولة تستكمل فيها المسار الأميركي في موضوع حصرية السلاح بيد الدولة وانتشار الجيش، على أن يزور المبعوث الأميركي توم برّاك لبنان بداية تشرين الثاني المقبل، علماً انّ المراجع المسؤولة لم تتلق بعد أي إشارات او اتصالات في شأن زيارته هذه. وستتزامن زيارته مع وصول السفير الأميركي الجديد إلى لبنان ميشال عيسى.
وستتّوجه اورتاغوس بعد غد الأربعاء إلى الناقورة للمشاركة في اجتماع لجنة «الميكانيزيم» في الناقورة. ونُقل عن مصادر ديبلوماسية تأكيدها، انّ الرسالة الأميركية التي تحملها اورتاغوس تتخطّى ملف حصرية السلاح إلى إيجاد آلية للتفاوض مع إسرائيل.
وأشارت هذه المصادر إلى أنّ الرسالة تحمل «هامشًا زمنيًا غير بعيد»، ما يعني أنّ المهلة المحدّدة لاتخاذ إجراءات ملموسة قد تكون «أسابيع وليس أشهراً». ولفتت المصادر إلى انّ هذه الرسالة، تحمل إشارات واضحة إلى الأطراف اللبنانية حول حدود المهلة الزمنيّة وأهمية تحركهم السريع، مما يعكس الضغوط الدولية المستمرة على لبنان لتسريع التوصل إلى حل سياسي وأمني للأزمة القائمة.
وذكرت قناة «العربية»، أنّ أورتاغوس ستصل إلى بيروت اليوم «للمشاركة في اجتماع مخصص للبحث في التطورات الميدانية وآليات منع التصعيد وتسليح «حزب الله»، ضمن مسعى أميركي ـ عربي لتثبيت خطوط التهدئة ومنع انزلاق الأوضاع إلى مواجهة شاملة».
جولة على الحدود
وقد استبقت أورتاغوس زيارتها للبنان بجولة على الحدود الجنوبية برفقة وزير الدفاع يسرائيل كاتس، حيث اطّلعا على الأوضاع الأمنية والعسكرية في المنطقة. وقد رافقهما في الجولة السفير الأميركي في إسرائيل، والسفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة، وقائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، وممثلون عن القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم)، وعن مجلس الأمن القومي الإسرائيلي.
وهدّد كاتس امام أورتاغوس بـ»استمرار الهجمات على لبنان، واتخاذ كافة الإجراءات لضمان أمن سكان الشمال والحدود».
في هذه الأثناء، أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنّ «إسرائيل لا تحتاج إلى إذن من أحد لضرب أهداف في غزة أو لبنان، على رغم من موافقتها على الهدنة الأخيرة». واشار خلال اجتماع لحكومته إلى انّ «إسرائيل دولة مستقلة، لسنا مستعدين للتسامح مع هجمات ضدّنا. نردّ على الهجمات وفق ما نراه مناسباً، لا نسعى للحصول على إذن من أحد للقيام بذلك. نحن نتحكّم في أمننا». واعتبر أنّ «إسرائيل وحدها ستقرّر أياً من الدول سيُسمح لها بالانضمام إلى القوة الأمنية الدولية التي من المقّرر نشرها في غزة».
المخابرات المصرية
وفي غضون ذلك، يزور رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد لبنان غداً، في زيارة رسمية، يلتقي خلالها الرؤساء الثلاثة، في إطار جولة إقليمية تتزامن مع تصاعد الاتصالات الدولية حول الوضع في لبنان والجنوب.
ونُقل عن مصادر سياسية لبنانية، أنّ هذه الزيارة المصرية «لافتة من حيث هوية الزائر»، إذ يُعدّ اللواء رشاد من الشخصيات الأمنية الرفيعة في مصر، ومن المقرر أن ينقل مضامين الرسائل الدولية والعربية الموجّهة إلى لبنان في شأن التطورات الأخيرة، ولا سيما منها تلك المتصلة بالحدود الجنوبية واستمرار التصعيد الإسرائيلي.
وذكرت قناة «الحدث»، أنّ الزيارة تأتي بعد أسبوع واحد على لقاء رشاد مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في إشارة إلى تنسيق مصري ـ إسرائيلي حول آفاق التهدئة ومساعي منع توسع دائرة المواجهة.
«حزب الله»
وقال الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم ضمن مقابلة مع قناة «المنار» رداً على سؤال عن جهوزرية «حزب الله» لأي معركة محتملة، «أننا كمقاومة جاهزون للدفاع وليس جاهزين لشن معركة وليس لدينا قرار لشن معركة ولا قرار لمبادرة بالقتال، لكن إن فُرضت علينا معركة ولو لم يكن لدينا سوى خشبة فلن نسمح للإسرائيلي أن يمرّ، سنقاتله حتى لو لم يبق منا رجل أو امرأة». وأشار إلى أنّ «استمرار الأميركي والإسرائيلي بهذه الوتيرة للضغط، حتى تأخذ أميركا بالسياسة ما لم تأخذه إسرائيل بالحرب، وهناك قدر من الردع موجود قد لا يمنع الحرب لكنه يمنع تحقيق أهداف الحرب الإسرائيلية». وقال: «أنا أنصحهم وحتى وهم أعداء، إذهبوا وطبّقوا الاتفاق الذي حصل والكل يطلع ربحان، إن لم تطبّقوا الاتفاق لن تحصلوا على نتيجة، ونحن سنستمر في الاستعداد لنقاوم أي عدوان يمكن أن يحصل». وللمرّة الأولى، كشف قاسم أنّ «عنصراً من «الحزب» حدّد الإحداثيات الدقيقة لضرب منزل نتنياهو، وكانت الضربة مقصودة إما لإصابته أو لمنزله».
وعن ردّ «الحزب» على اغتيال الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد نصرالله قال قاسم: «قمنا بما يلزم وبما نقدر عليه». ووصف العلاقة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ»الممتازة جداً»، وقال: «نحن وإياه نتشارك وجهة نظر واحدة، ونتقاطع في الفهم، والوعي، والحرص على الطائفة، والحرص على لبنان، والحرص على المقاومة». وتوجّه إلى رئيس الحكومة نواف سلام قائلاً: «نحن إيجابيون، ونريد التعاون معك، ونجاح البلد، ولا نريد أن نختلف معك. والقضايا الكبيرة التي فيها مشكل استراتيجي أو قد تسبب أزمة في قلب البلد، فدعها جانباً». واكّد «إنّ لدى الرئيس جوزاف عون نفَساً إيجابياً في معالجة الأمور بالتفاهم، وقد عبّر عن ذلك في محطات مختلفة، وتنسيقنا معه أساسي وضروري ومستمر». ورأى «أنّ الجيش اللبناني جيش وطني، وأداؤه الآن أيضاً جيد ويعمل بطريقة متوازنة، ونحن دائماً مع شعار: جيش، شعب، مقاومة». وفي ملف الانتخابات النيابية، أكّد الشيخ نعيم قاسم أنّ «حزب الله» مع إجراء الانتخابات في موعدها، والتأجيل لا ينفع، ونحن مع القانون الساري، فليذهبوا وينفّذوه. والقانون يعطي حقاً للمغتربين، ويقول إنّ لهم 6 مقاعد خارج الدوائر».
الاستحقاق النيابي
ومن جهة ثانية، وعلى خلفية النزاع السياسي الدائر حول استحقاق الانتخابات النيابية وموضوع اقتراع المغتربين من عدمه، يتّجه عدد من الكتل النيابية، إلى مقاطعة جلسة مجلس النواب التشريعية المقرّرة غداً، اعتراضاً على عدم إدراج بند تعديل قانون الانتخاب على جدول الأعمال.
وأعلن تكتل «الجمهورية القوية» بعد اجتماع استثنائي له برئاسة رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، مقاطعة الجلسة النيابية. معتبراً أنّ عدم إدراج اقتراح القانون المعجّل المكرّر الذي تقدّم به 9 نواب بتاريخ 9 أيار 2025 ويرمي إلى إلغاء المادة 112 من قانون الانتخابات النيابية «سابقة تعبّر تعبيراً صارخاً عن ازدراء رئيس المجلس بإرادة أعضائه». وقال: «إنّ هذه المادة الجائرة تحرم اللبنانيين المنتشرين في أصقاع الأرض من حقهم الدستوري الطبيعي في انتخاب ممثليهم الـ128 أسوةً بكل لبناني مقيم، وتحصرهم في 6 مقاعد رمزية لا تعبّر عن وزنهم الوطني ولا عن مساهمتهم التاريخية في بقاء لبنان وازدهاره، وهي مقاعد أعربت الحكومة صراحة عن استحالة توزيعها على القارات وتطبيق الانتخابات بشأنها». وطالب التكتل «رئيس الحكومة ومجلس الوزراء، وفي اول جلسة يعقدها، بتحمّل مسؤولياته الوطنية من خلال إقرار مشروع قانون في مجلس الوزراء يقضي بإلغاء المادة 112 وإحالته إلى المجلس النيابي بمرسوم معجّل مكرّر لإقراره قبل انقضاء المهل القانونية التي تقترب من الانصرام، استعداداً للانتخابات النيابية المقبلة في أيار 2026». وأكّد أنّ «معركته ليست ضدّ أشخاصٍ بقدر ما هي موجّهة ضدّ نهجٍ متمادٍ في مصادرة المؤسسات واحتقار الدستور، وأنّه سيواصل النضال من داخل المجلس وخارجه لإعادة الاعتبار لدولة القانون والمساءلة، دولةٍ نفد صبر اللبنانيين في انتظار قيامها».
وبدورها كتلة «تحالف التغيير»، أعلنت بعد اجتماع لها مقاطعة الجلسة النيابية، معتبرة انّ «من غير المقبول منع النواب من ممارسة حقهم ودورهم في تعديل أيّ قانون أو حتى تعديل الدستور عند الضرورة، فالقوانين ليست نصوصًا مقدّسة وليست كتباً سماوية، وأصول تعديلها هي من صلب العمل التشريعي». وقالت: «لا يجوز منع الحكومة من ممارسة دورها في طلب تعديل القوانين، فهذا من أبسط حقوقها التي يكفلها الدستور». مشدّدة على «أنّ حقّ اللبنانيين المقيمين في الخارج في التصويت هو حقّ دستوري غير قابل للتشويه أو الابتزاز السياسي».
تصعيد واغتيالات
تواصل التصعيد الإسرائيلي جنوباً وبقاعاً، وأسفرت الهجمات الجوية بالطيران الحربي والمسيّر في الجنوب والبقاع عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى بينهم مقاتلون في «حزب الله».
وفي تصعيد لافت، اغتال الطيران الإسرائيلي الحربي والمسيّر عدداً من القيادات العسكرية في «حزب الله». وأفادت القناة 14 الإسرائيلية، أنّ الاستخبارات الإسرائيلية تتابع من كثب التطورات في لبنان، مؤكّدة أنّ العمليات ستستمر «طالما استمر حزب الله في تهديد الحدود الشمالية والمواطنين الإسرائيليين».
وقد استهدفت الاغتيالات خمسة عناصر من الحزب، في إطار ما تقول إسرائيل إنّه «جهد لمنع «حزب الله» من إعادة بناء قدراته العسكرية في الجنوب». وهم: زين العابدين، حسين فتوني، محمد أكرم عربية، عبد محمود السيد، علي حسين الموسوي.
وإلى ذلك، أعلنت قوات «اليونيفيل« في بيان، انّ مسيّرة إسرائيلية اقتربت مساء امس من دورية تابعة لها قرب بلدة كفركلا وألقت قنبلة، وبعد لحظات، أطلقت دبابة إسرائيلية النار في اتجاه قوات حفظ السلام، ولكنها لم تُلحق أي إصابات أو أضرار بأفراد «اليونيفيل» أو معداتهم.
واعتبرت «اليونيفيل» انّ «هذه الأفعال التي قام بها الجيش الإسرائيلي تُشكّل انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1701 وسيادة لبنان، وتُظهر استخفافاً بسلامة وأمن جنود حفظ السلام الذين يُنفّذون المهام التي كلّفهم بها مجلس الأمن في جنوب لبنان».


