
كتبت صحيفة “الأنباء” تقول:
قبل أسبوعين على الذكرى السنوية الأولى لوقف اطلاق النار بين اسرائيل و”حزب الله”، وبالرغم من التزام الحزب بتنفيذ الاتفاق وعدم الرد على الخروق الاسرائيلية المستمرة، ما زال يرفض رفضاً قاطعاً القبول بحصرية السلاح بيد الدولة مخالفاً بذلك قرار مجلس الوزراء الذي اتخذه في الخامس من آب الماضي، وأعاد تأكيده في جلسة الخامس من أيلول.
في هذا السياق، أشارت مصادر مطلعة لجريدة “الأنباء الالكترونية” الى أن تشديد الأمين العام لـ “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم في اطلالته الأخيرة أول من أمس على رفضه تسليم السلاح، يضع لبنان في مواجهة المجموعة الدولية وبالاخص الولايات المتحدة الأميركية التي ربطت مساعدتها لبنان بحصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، كما جرى الاتفاق عليه منذ اليوم الأول لانتخاب رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون وتشكيل حكومة الرئيس نواف سلام، وهو ما يشدد عليه الموفدون العرب والأجانب الذين يزورون لبنان، وخصوصاً الأميركيين منذ نحو سنة، وكان آخرهم وفد البنك الدولي ووفد الخزانة الأميركية، الذي أسمع المسؤولين اللبنانيين كلاماً قاسياً في هذا الاطار.
المصادر فسرت كلام مسؤول الخزانة الأميركية جون هيرلي الى رئيس الحكومة بمثابة انذار واضح وصريح خلاصته أن ادارة الرئيس دونالد ترامب اشترطت المساعدات للبنان مقابل تسليم السلاح، وصولاً الى التهديد بعدم تسليح الجيش اذا لم يباشر بسحب سلاح “حزب الله” في الفترة الممتدة من الآن حتى نهاية السنة كانذار أخير.
ورأت المصادر أن الدولة اليوم في مأزق، فهي من جهة لا تريد الضغط على “حزب الله” كي لا يؤدي ذلك الى مواجهة بينه وبين الجيش، في وقت حاول فيه الشيخ نعيم طمأنة اسرائيل الى عدم التعرض للقرى والمستعمرات الواقعة شمال اسرائيل، لكنه في المقابل مازال يعمل على تخويف الدولة بالحرب الأهلية وانقسام الجيش الى غيرها من التهويلات، فيما كانت الدولة تريد الوصول الى حل وسط معه يقضي بتسليم سلاحه الثقيل ووضعه في عهدة الجيش، الذي يتولى معالجة وضع المسيرات والسلاح المتوسط والعتاد العسكري، بالاتفاق مع اللجنة الخماسية. بالمقابل، لا تريد الدولة خسارة رهانها مع المجتمع الدولي الذي يبذل قصارى جهده لمساعدة لبنان، لكن مواقف الحزب الرافضة تسليم السلاح ستضعها في مواجهته وستضعف الموقف اللبناني، ما يؤدي الى ابقاء الوضع المتفجر بين لبنان واسرائيل على حاله.
ومع توسيع رقعة التصعيد العسكري الاسرائيلي ضد لبنان، وتوسيع بنك الأهداف لتشمل مناطق جديدة، لم تستبعد المصادر أن تشن اسرائيل حرباً محدودة ضد “حزب الله” بهدف الضغط عليه لتسليم سلاحه. وبانتظار وصول السفير الأميركى الجديد ميشال عيسى الى بيروت لتسلم مهامه، تبقى الأمور متأرجحة بين الحراك الديبلوماسي الناشط الى لبنان، بحيث من المتوقع أن يصل الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان على رأس وفد رسمي، وكذلك مستشارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لشؤون الشرق الاوسط آن كلير لو جاندر.
عون
رئيس الجمهورية ولدى استقباله وفد نقابة المحررين أكد أن لبنان لم يتسلم أي رد اسرائيلي على خيار التفاوض الذي كان قد طرحه، مشيراً الى أن منطق القوة لم يعد ينفع، وعلينا الذهاب الى قوة المنطق. وقال: “اذا لم نكن قادرين على الذهاب الى الحرب، والحرب قادتنا الى الويلات، وهناك موجة من التسويات في المنطقة ماذا نفعل؟”. وشدد، بالاتفاق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام على حصول الانتخابات في موعدها، داعياً مجلس النواب الى القيام بواجبه في هذا الاطار.
وأوضح الرئيس عون أنه ما زال يحدوه الأمل ببناء لبنان الجديد، مشيراً الى أن الفرص ما زالت أمامنا كبيرة جداً. ورأى أنه لا يحق لأحد أن يشوه صورة لبنان بالسلبيات، وأن يوقظ الوحش الطائفي والمذهبي وتحريك العصبيات من أجل مصالح خاصة لا تؤدي بالبلد الا الى الخراب.
بري
بدوره، رأى الرئيس بري أن لبنان يمثل نقيضاً لاسرائيل، فالمخاطر الاسرائيلية التي ما زالت تهدد الجنوب، انما هي مخاطر تهدد كل اللبنانيين، والذين هم مطالبون بمقاربة هذه المخاطر والتحديات. ودعا لجنة “الميكانيزم” الى أن تضطلع بدورها، وكذلك الدول الراعية لاتفاق وقف النار لجهة الزام اسرائيل بوقف عدوانها على لبنان.
ماكرون يزور لبنان
في ضوء الزيارة المرتقبة لمستشارة الرئيس ماكرون الى لبنان للقاء المسؤولين اللبنانيين ومن بينهم قائد الجيش رودولف هيكل للاطلاع منه على عمل لجنة “الميكانيزم” والوضع في جنوب الليطاني، أشارت مصادر ديبلوماسية الى زيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي أثناء اجازة عيد الميلاد لتفقد الكتيبة الفرنسية العاملة في اطار قوات الطوارئ الدولية “اليونيفيل”، ويتوقع أن يلتقي خلالها المسؤولين اللبنانيين لتأكيد دعمه للبنان واستعداد بلاده لتسليح الجيش اللبناني.
بن فرحان
ويتوقع أن يصل الى بيروت هذا الاسبوع الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان على رأس وفد كبير يضم 27 شخصية متخصصة في مجالات استشارية واقتصادية وتنموية وسياحية، في خطوة تعبّر عن جدية المملكة في مقاربة الملف اللبناني من زاوية جديدة، عنوانها الاستثمار في الفرص لا في الأوهام، وبما يعود بالخير على الشعب اللبناني.

