
بعد الضجة التي أُثيرت مؤخرًا حول قرار حاكم مصرف لبنان بالإنابة السابق وسيم منصوري، القاضي بخفض نسبة الاحتياطي الإلزامي من 14% إلى 10%، تطرح اليوم تساؤلات عدّة حول خلفيات هذا الإجراء، وتداعياته على المودعين، وكيفية تصرّف مصرف لبنان بالمليارات التي تحرّرت نتيجة هذا القرار، إضافة إلى ما إذا كان القرار قد مرّر فعلاً بسرّية ودون إعلان.
وفي هذا الإطار، أكّد الخبير المالي والمصرفي أنطوان فرح صحّة المعلومات المتداولة حول خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي، موضحًا أن هذه النسبة كانت في الأصل 15%، قبل أن يُقدم الحاكم السابق رياض سلامة على خفضها إلى 14%. ولاحقًا، في شباط 2025، خفّضها الحاكم بالإنابة وسيم منصوري مجددًا إلى 10%.
وكشف فرح، في حديث لموقع Leb Economy، أن وضع مصرف لبنان كان في الأساس غير قانوني، إذ إنه عند بلوغ نسبة الاحتياطي 14%، كان حجم الودائع يتجاوز 80 مليار دولار، ما يعني أن مجموع الاحتياطي المفترض يجب أن يبلغ 12 مليار دولار، في حين لم يتعدَّ فعليًا بين 9 و10 مليارات دولار. لذلك، ومن أجل تصحيح الوضع القانوني، لجأ منصوري إلى خفض النسبة إلى 10% لتصبح مطابقة للواقع الفعلي.
وردًا على القول إن هذه الأموال أُخذت من أموال المودعين، اعتبر فرح أن هذا الكلام غير دقيق، موضحًا أن الصراع القائم بين مصرف لبنان والمصارف والمودعين يتمحور حول الجهة التي تملك سلطة القرار في هذه الأموال. واعتبر أن قرار منصوري كان بمثابة “ضرب يد على الطاولة” للتأكيد أنه هو صاحب السلطة الفعلية كمُنظِّم ومُشرف على القطاع المالي، وله بالتالي كامل الصلاحية لتحديد نسبة الاحتياطي الإلزامي وتعديلها في الوقت الذي يراه مناسبًا، سواء بخفضها إلى 5% أو ربما أكثر، وهو ما أثبته فعليًا بقراره الأخير.
وفي المقابل، أشار فرح إلى أن مصرف لبنان استخدم نحو 3 مليارات دولار من المبالغ التي توفّرت نتيجة خفض الاحتياطي الإلزامي، لتسديد جزء من الودائع، ما يعني أن القرار لم يكن على حساب المودعين. وأوضح أن المركزي كان في السابق يتحمّل كلفة التعميمين 158 و166 مناصفة مع المصارف، إلا أنه بعد خفض الاحتياطي، استخدم الوفر الناتج لزيادة قيمة السحوبات الشهرية للمودعين، وتحمّل الكلفة بالكامل دون مشاركة المصارف، ما يعني أنه وظّف هذه الأموال لردّ جزء إضافي من الودائع عبر التعميمين المذكورين.
وخلص فرح إلى أن مصرف لبنان استعمل الأموال الناتجة عن خفض الاحتياطي الإلزامي في خدمة المودعين، وأظهر من خلال هذا القرار مدى اتساع سلطته كمُنظِّم ومُشرف على القطاع المالي، مؤكدًا أن القرار وإن لم يُعلن عنه في الاعلام، إلا أنه صدر رسميًا ونُشر في الجريدة الرسمية.




