أجرت جامعة بيروت العربية- كلية العلوم الصحية دراسة بيّنت مخاطر تكوّن مادة الأكريلاميد في غالبية الأطعمة التي نتناولها يومياً، مثالاً على ذلك البطاطا المقلية والخبز والقهوة، وذلك يعود إلى طريقة التحضير الخاطئة التي يمارسها عدد كبير من سكان لبنان.
وتمت هذه الدراسة تحت اشراف الأستاذ المشارك ورئيس قسم تكنولوجيا المختبرات الطبية بكلية العلوم الصحية في الجامعة الدكتورة فاطمة صالح، لرصد مستوى المعرفة والممارسات المتعلقة بمادة الأكريلاميد، ونُشرت نتائجها في المجلة العلمية PLOS ONE.
وبينت الدراسة ان مادة الأكريلاميد هي مركب كيميائي، يتكون تحت درجة حرارة عالية عند تفاعل السكر مع الأحماض الأمينية الموجودة في الطعام (وهي وحدة البناء الأساسية للبروتين، والتي يحتاجها الجسم بصورة ضرورية يومياً لإتمام مهامه الحيوية) الموجودة في الطعام، أي عند القلي أو الشوي أو التحميص، وتعتبر هذه المادة “مادة مسرطنة محتملة” طبقاً للوكالة الدولية لبحوث السرطان (IARC) والبرنامج الوطني الأميركي لعلم السموم (NTP)والعديد من المنظمات الأخرى. كما أنّ الهيئة الأوروبية لسلامة الغذاء (EFSA) خلصت إلى أنّه من المحتمل أن يزيد الاكريلاميد من خطر الإصابة بالسرطان للمستهلكين من جميع الفئات العمرية، مما يؤكد على أهمية تقليل التعرض له قدر الإمكان.
ويتشكل الأكريلاميد بشكل أساسي في الأطعمة التي تحتوي على النشا، بعد التعرض لدرجة حرارة عالية مثل البطاطا عند قليها والخبز عند تحميصه، حيث أن التخلص من هذه المادة في نظامنا الغذائي أمر غير ممكن، لكن التحكم في تكوينها وتقليل تناولها أمر ممكن وضروري، لا سيما في بلداننا العربية حيث يكون استهلاكنا لهذه الأطعمة مرتفعاً.
والمثير للقلق أن غالبية المشاركين في الدراسة (أكثر من 80%) ليس لديهم فكرة عن مادة الأكريلاميد أو الأطعمة التي تساهم في ارتفاع نسبة التعرض لها، وقد اختار غالبية المشاركين البطاطا المقلية أو المحمصة ذات لون القشرة الغامق، كونها المفضلة لديهم، مشيرين إلى أنها مقرمشة وألذ، مما يجعلهم أكثر عرضة لخطر التعرض لهذه المادة.
من جانب آخر أظهر معظم المشاركين ممارسات جيدة تساعد في تقليل تكوّن مادة الأكريلاميد، عن طريق تطبيق ممارسات تقاليد الطهي. فعلى سبيل المثال، يقوم الغالبية (90.8٪) بتخزين البطاطا في ظروف مناسبة، بعيداً، عن أشعة الشمس، مما يؤثر بشكل كبير من تقليل مستويات السكر في البطاطا. بالإضافة إلى ذلك، يقوم 93.6٪ من المشاركين بغسل البطاطا بعد تقشيرها، مما يساعد على تقليل كمية النشا الموجودة فيها. في حين أن 56.7٪ فقط من المشاركين ينقعون البطاطا في الماء قبل القلي أو التحميص.
هنا تكمن أهمية هذه الدراسة لتوعية مصانع الأغذية وتشجيعهم على تبنّي ممارسات تقلل من تكوّن مادة الأكريلاميد. ويمكن تحقيق ذلك من خلال إشراك صنّاع القرار مثل وزارة الصحة وجمعية حماية المستهلك من أجل وضع قوانين صارمة لمراقبة ومراجعة صناعة الأغذية وضمان التزامها بالمعايير الصحية لتقليل مستويات الأكريلاميد إلى الحد الأدنى. بالإضافة إلى توعية مجتمعنا من هذه المادة للمساهمة في تحسين الصحة العامة والوقاية من المخاطر المرتبطة بها.
وفي الختام، اوصت الدراسة بالعمل على “توعية مجتمعنا لبعض المعايير الصحية المتعلقة بتخفيف التعرض لهذه المادة والتي يمكن تطبيقها في المنزل: الحد من شرب القهوة إلى فنجان واحد في اليوم. تخزين البطاطا النيئة في خزانة مظلمة ومعرضة للتهوئة بدلاً من تخزينها في البراد. نقع البطاطا لمدة 15-30 دقيقة قبل القلي أو التحميص. الالتزام بالحرارة التي لا تتجاوز 120 درجة مئوية لتجنب الافراط في القلي وظهور اللون البني للتخفيف من هذه المادة المضرة.