مناقشة كتاب “مسيرة النساء اللبنانيات إلى الندوة البرلمانية” للنائبة القعقور

 نظمت شبكة دراسات المرأة “صون Sown” بالشراكة مع مجموعة “بسمة” الدولية للمساعدة الإنسانية، الندوة الرابعة من برنامج أطروحات جندرية، في بيروت، وخصصت للحالة اللبنانية من خلال مناقشة كتاب “مسيرة النساء اللبنانيات إلى الندوة البرلمانية: دراسة تجارب المرشحات في الانتخابات النيابية 2018” للمؤلفة النائبة حليمة القعقور، كدراسة حالة لتجربة المرأة اللبنانية خلال خوضها انتخابات 2018، وبحضور أكاديمي ونضالي وإعلامي.

وألقت رئيسة شبكة دراسات المرأة ورئيسة الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية البروفسورة ماريز يونس كلمة أكدت فيها على “أهمية التشبيك المؤسساتي الذي يعكسه برنامج أطروحات جندرية، المنبثق من فلسفة مفادها أولوية تجميع الطاقات المؤسساتية والبحثية المعرفية مع المؤسسات النضالية على منصة واحدة، فقضية المرأة بقدر ما هي راهنة وساخنة بقدر ما تحتاج الى تضافر الجهود، والى إحداث التفاعل والتداول والتحاور والنقاش لتحقيق المراكمة في المعرفة والفعل النضالي معا”.

وعن الأطروحة الرابعة من السلسلة حول قضية المشاركة السياسية للمرأة، اعتبرت يونس أنها “مسألة ما زالت اشكالية ولا تنفك عن مراوحة نفسها بالنظر إلى النسبة القليلة للمشاركة، الأمر الذي نشهده في العالم العربي عموما، كما هو الحال بلبنان، في حين انها الآلية الاساسية الأكثر فعالية في الاسراع من عجلة تحصيل الحقوق والأكثر كفالة لتحقيق مشاركة المراة بكافة أبعادها، او تحقيق العدالة الاجتماعية ببساطة، فحضورها اليوم من حيث تمثيلها بالبرلمان، من شأنه أن يعلي من صوت النساء من خلال تضمين كل الاستراتيجيات والقطاعات وكافة المجالات والاقتراحات لقوانين تهدف إلى تحقيق المساواة والعدالة بين الأنثى والذكر في المجتمع”.

بدورها قدمت صاحبة الكتاب عرضا مرئيا لما تضمنه العمل، استهلته بالأرقام ومعطيات عن الكفاءات النسوية الموجودة بالبرلمان، ومحطات مما اشتمله الكتاب. فالدراسة أجريت بعد انتخابات 2018 من باب التقاط تجارب وأفكار وآراء وحوافز وتحديات المرشحات من وجهة نظرهن الخاصة، واستكشاف قصة كل مرشحة، كما جمعت بيانات كمية ونوعية من 75 مرشحة، شملت كافة الدوائر (15) والأحزاب (8 أعضاء من الأحزاب السياسية و67 مستقلين).

أيضا، اتبعت الدراسة منهجا متعدد التخصصات يبحث في العوامل القانونية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التي تؤثر على تجارب المرشحات، من خلال منظور شامل يتناول قصة كل مرشحة من زوايا مختلفة. وتمثلت المؤشرات التي استقصتها مقابلة المرشحات في: خلفيتهن الشخصية والسياسية، تعرضهن للتحرش وتجاربهن حيال ذلك والتخويف أو العنف الذي قد تعرضن له، دعم عائلاتهن، وضعهن المالي وإدارة حملاتهن الانتخابية، وكذا تجاربهن مع وسائل الإعلام والصورة الضاغطة التي أدركنها.

ومن ناحية النتائج، تبين أن المرشحات اللاتي سجلن وترشحن للانتخابات كن على دراية بالتحديات والعقبات التي تنتظرهن، وقد قررن بشجاعة المشاركة في الحياة السياسية على الرغم من ذلك، وبالتالي، اكتشفن تحديات جديدة أثناء رحلتهن الانتخابية، والتي أبلغن عنها خلال المقابلات، مثلما تمت الإشارة أيضا إلى أنه في معظم الأحيان، ستواصل المرشحات عملهن السياسي ويخططن للترشح لانتخابات البرلمان عام 2022.

وتناولت الدراسة الخبرة السابقة للمرشحات في العمل داخل المجال السياسي، من أجل تقييم تجارب مختلفة للمرشحات من شتى الخلفيات.

و اعتبرت المديرة العامة لمجموعة “بسمة” الدولية الدكتورة غولشان صغلام في تعقيبها على الكتاب بأنه يساهم في “فهم أعمق لمسيرة النساء اللبنانيات في المشاركة السياسية، ويساعد في تخفيف الفجوة المعرفية، ويعزز أهمية الجهود المستمرة لتحقيق المساواة بين الجنسين في السياسة على كافة الأصعدة، كما تشكل هذه الدراسة حجر أساس في تبيان التحديات والواقع امامهن في الوصول لمراكز القرار”.

وكان هذا التقديم قبل عرض ورقتها التي تناولت قراءة للدراسة والنتائج التي توصلت إليها صاحبتها. وقالت : “تكمن أهمية هذه الدراسة في كون الدكتورة قعقور هي أستاذة القانون الدولي العام، وخبيرة في حقوق الإنسان والجندرة، ناشطة سياسية وحاليا نائبة في الندوة البرلمانية اللبنانية، حيث استطاعت الخوض في العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقانونية والذهنية الاجتماعية والتركيبة السياسية في لبنان، ودور العائلة والأحزاب السياسية في قرار ترشيح المرأة. كما تكمن أهمية هذا المؤلف بكونه يعالج من حيث موضوعه وشموليته الأبعاد والتحديات التي تحيط بالمرأة، ويشكل قيمة فكرية وعلمية ويسهم في إغناء المكتبات كمرجع جديد يضاف للمراجع العلمية الموجودة، ويمكن الاستفادة منه من قبل الباحثين والدارسين والطلاب في الجامعات والمنظمات المعنية بقضايا المرأة“.

وعن المؤلفة، قالت بأنها “تميزت بالعمق في التحليل وبالدقة والصدق والموضوعية وباستخدام المصطلحات بصورة تعكس ما تريد إيصاله، وباعتماد اسلوب البساطة والوضوح في تقديم الأفكار والمعلومات التي تمكن القارئ من فهم الموضوع ببساطة، كما تجنبت الإسهاب الممل والاختصار المخل، حيث تمت مقابلة 75 مرشحة، وركزت في دراستها حول تجاربهن السياسية”.

وسردت الإعلامية ليال بو موسى تجربتها في المشاركة بالانتخابات قائلة: “عندما قررت المشاركة بالانتخابات في 2018، وقبل ثورة 18 تشرين، كان قرار الترشح بحد ذاته خطوة مهمة، لأنه أولا نحن في منطقة ولا مرة كان فيها خيار آخر ضد السلطة السياسية يستمر في خوض الانتخابات بشكل واضح وصريح، أول مرة كانت امرأة تترشح في هذا القضاء على مقعد نيابي وهذا بحد ذاته تحقيق هدف آخر، وعرفنا خلال الحملة الانتخابية وقبلها وبعدها ان السلطة تدخل في معارك كسر عظم، ونحن مواجهتنا هي لكسر الاستسلام وكسر المفاهيم الخاطئة الراسخة في مجتمعنا تجاه السياسة والشأن العام والمرأة”.

وعن سنة 2022، رأت أن “المواجهة واجب أن تستمر نظرا لأهدافها الكثيرة، كما أن الحاصل الانتخابي كان للتأكيد على الحضور دون تحالفات مع الزمرة الحاكمة، وشددت على “ضرورة استمرارية المواجهة بهدف تحقيق تراكم للوعي”.

وطرح الشاعر والاعلامي زاهي وهبي في كلمته تساؤلا: “هل المرأة تترشح للانتخابات كامرأة أم كجزء من مشروع سياسي؟”، وعرض “طبيعة الأحزاب حاليا مقارنة بسابق عهدها”، مضيفا “حيثيات في غاية الأهمية، كأن يورث الحزب الكرسي بين عائلات سياسية”. وقال: “رغم ما يبدو في الواجهة من كل هذا المظهر التحرري والتقدمي، لكن بالعمق هذا المجتمع بنظرته وبعلاقاته بقوانينه مجتمع بالغ الذكورية، وأكبر دليل على ذلك قوانين الأحوال الشخصية، هذه العائلات المسماة أحزاب أو الطوائف بالحالتين بحالة العائلة وبحالة الطائفة، لا ترى في المرأة النموذج الأمثل للدفاع عن مصالحها، ومأزقنا هو مأزق سببه النظام الطائفي ونظام المحاصصة، لذا مأزق المرأة من مأزق المواطن والإنسان اللبناني. طبعا انا مع الكوتا مع أنه برأيي الشخصي أن هذه الكوتا النسائية في البداية، أي عدد النساء إذا وصلن من خلال الآلية نفسها ومن خلال المنظومة السياسية نفسها سيصلن ويمارسن العمل السياسي نفسه الذي يمارسه الزعيم أو الحزب الذي أوصلهن إلى هذا المقعد، ولكن مع ذلك أنا مع الكوتا لأنها بمثابة مدخل في ظل الواقع الذي نحن فيه، لأنها بمثابة مرحلة أولى تشجع النساء أن تخوض غمار هذه التجربة ولفتح هذه الطريق الوعرة والملبدة بالمشاكل والعوائق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى