يا عيب الشوم”… استعادة انقسامية حول شغور قيادة الجيش!


يمكن القول انه بعد “خمود” او “تخدير” قسري طارئ وظرفي املته التطورات المتلاحقة منذ انفجار حرب غزة ومواجهات الحدود الجنوبية، استفاق الفولكلور السياسي الانقسامي باسوأ معالمه داخل الحكومة وخارجها حيال ملفات استعصى التوافق عليها اكثر من ملف السلم والحرب ومن يمسك بالقرارات المصيرية في وقت تهتز الأرض الجنوبية وتميد بمواجهات اسقطت واقعيا القرار 1701 بلا رفة جفن. الوجه القاتم لاستعادة الانقسامات تجسد في الخلافات الحادة بين المسؤولين الى حدود ان وزير الدفاع يغادر اجتماعا وزاريا وهو يردد غاضبا “يا عيب الشوم”، وهذا ما ينطبق على كل الطبقة “المسؤولة” هذه. ثم ان هذا الفولكلور تمثل في الازدواجية الفاقعة التي لا تفسير لها سوى في ان ما يجري امام الكاميرات في بعض التحركات السياسية والكلام عن الموجبات التوحيدية التي تفرضها خطورة الأوضاع والخشية المتعاظمة من انزلاق لبنان الى حرب مدمرة، لا تتطابق اطلاقا مع حقيقة المجريات السياسية التي لا تزال تتحكم بها لعبة تناتش النفوذ والمحاصصات وسواها وكأن شيئا لم يكن. النموذج الاحدث لانفجار هذه الازدواجية جرى تقديمه امس في انفجار الخلاف علنا خلال انعقاد اللقاء التشاوري الوزاري الذي انعقد في السراي بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم حول ملف التحسب للشغور في قيادة الجيش، اذ كان يفترض بعد زيارة رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل للسراي في مستهل الجولة التي قام بها على بعض القيادات ورؤساء الكتل ان يترجم وزراؤه “الموجب التوحيدي” بالسعي الإيجابي لايجاد حل عاجل لمنع الشغور في قيادة الجيش. لكن انفجار الخلاف داخل السراي بدا “منسجما” أيضا مع التوافق الذي ساد لقاء بنشعي بين باسيل ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية حول رفض التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، وهو امر لافت اجتمع عليه الخصمان اللدودان ربما على قاعدة “وحدة الخطر” الذي يشكله قائد الجيش كأبرز المرشحين لرئاسة الجمهورية.

وأشارت معلومات “النهار” من مصادر وزارية الى أن قبل بدء اللقاء التشاوري الموسع للحكومة، دخل وزير الدفاع موريس سليم متجهماً، واجتمع على انفراد برئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وحصل ما يشبه الإشكال بينهما، وعلم الوزراء بالأمر جراء الصراخ الذي وقع بين الرجلين.

وعن أسباب الإشكال، كشف المصدر أن سليم منذ دخوله كان آتياً للاعتراض على الرسالة الموجهة إليه من قبل رئيس الحكومة، وفيها الطلب بأن يقترح وزير الدفاع اسماً لقائد الجيش أو التمديد لقائد الجيش، أو تعبئة الشواغر في المجلس العسكري وذلك وفقاً للدستور وقانون المجلس الأعلى للدفاع، فاعتبرها سليم أنها تجاوز لصلاحياته، وحصل جدال قانوني مع رئيس الحكومة. وأشار المصدر الى أن وزراء “التيار الوطني الحر” هنري خوري وهيكتور حجار وبطبيعة الحال عبدالله بو حبيب، شاركوا حتى انتهاء الجلسة، أما وزير الدفاع فقد خرج متجهماً واستكمل النقاش في قضية الصلاحيات، وتم تكليف وزير العدل بمتابعة الموضوع.

وأعلن وزير الإعلام زياد المكاري عقب اللقاء الوزاري التشاوري، أن سبب غضب وزير الدفاع هو كتاب وجهه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إليه يطالبه فيه بحلّ للشغور في قيادة الجيش. وأكّد مكاري “أن لا قرار نهائياً بموضوع الشغور في قيادة الجيش”.

وبادر سليم الى اصدار بيان مطول برر فيه “الملابسات التي رافقت غياب وزير الدفاع عن اللقاء التشاوري”، فاكد انه تسلم مراسلة عاجلة من رئيس الحكومة تحت عنوان: “رفع اقتراحات لتفادي الشغور المرتقب في مركز قيادة الجيش” وصفها بانها “صيغت بأسلوب غير مألوف في المخاطبة بين رئيس الحكومة والوزراء ختمت بالطلب من وزير الدفاع وبالسرعة القصوى رفع الاقتراحات اللازمة بالنسبة لتفادي الشغور،” بما من شأنه تأمين الاستقرار المنشود في الجيش، لا سيما في مركز القيادة، بعيدا من الجدل القانوني وما يرافقه من نقاشات وآراء فقهية”. كما لفت الى أن الرسالة “ذُيلت بأن نسخة منها أرسلت إلى وزير العدل بصفته وزيرا للدفاع الوطني بالوكالة، وهو امر غير مألوف وملتبس، فضلا عن انه يخالف الدستور، لا سيما أن وزير الدفاع يمارس مسؤوليته الوزارية، وليس خارج البلاد. كما ارسلت نسخة الى قيادة الجيش علما بأنها غير معنية برفع الاقتراحات المذكورة إلى مقام مجلس الوزراء”. وقال ان نقاشه في السرايا مع رئيس الحكومة “لم يسفر عن اي نتيجة خصوصا لجهة الاسباب التي دفعته الى توجيه هذه المراسلة المستغربة مضمونا واسلوبا. وعليه، غادر وزير الدفاع السرايا من دون ان يشارك في اللقاء التشاوري”.

وتعليقاً على ما جرى، اعتبر النائب السابق علي درويش في حديث للأنباء الالكترونية أن الأمر ليس خلافاً بل إنه “وجهات نظر متباينة تتطلب المزيد من البحث”، وقال إن “إيجاد تخريجة أمر وارد، لكن يحتاج الى مزيد من التشاور، وهذا ما قد يحصل في الساعات والأيام المقبلة”.

وبرأي درويش فإن “أحداً لا يملك مصلحة باتخاذ موقف تصعيدي في هذا الصدد، وخاصة بعد زيارة باسيل الى السراي ولقائه رئيس الحكومة مرحباً بأي بادرة ايجابية”، لافتاً الى وجود أمور تتطلب المزيد من البحث.

وفي موضوع عودة وزراء التيار الوطني الحر الى حضور اجتماعات مجلس الوزراء، رأى ان عودة هؤلاء الوزراء أمر وارد ولو انه لم يتخذ موقفاً واضحاً بهذا الصدد بعد، متوقعاً حلحلة بهذا الاتجاه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى