ندوة لملتقى النهضة عن مسارات الصراع

أقام ملتقى النهضة في دار الندوة – بيروت ندوة بعنوان: “مسارات الصراع: الى أين؟” حاضر فيها كل من: النائب الباحث الدكتور محمد خواجة، والباحث العميد الياس فرحات، ورئيس “المبادرة الوطنية لكسر الحصار عن غزة” الدكتور هاني سليمان، والمنسق العام “للقاء القومي النهضوي” جورج ضاهر، وأدار الندوة الدكتور زهير فياض.

بدايةً، كانت كلمة ترحيبية للدكتور فياض جاء فيها: “بداية، أرحب بكم باسم ملتقى النهضة في هذا اللقاء تحت عنوان: “مسارات الصراع: الى أين؟”

عنوان بسيط يختصر كل الاسئلة حول الماضي والحاضر والمستقبل في هذه المنطقة الملتهبة بالصراعات التي غدت الثابت الاول في حياة أجيال وليس جيل واحد.

ونحن اذ نلتقي اليوم، فإننا نلتقي في مفصل أساسي من مفاصل الصراع الأساسية في الزمان والمكان.

ستة أشهر مرت على طوفان الأقصى في قطاع غزة في الداخل الفلسطيني غيرت الكثير من الوقائع، وفرضت الكثير من حقائق الصراع.

وقد شكل تحولا استراتيجيا في مسارات الصراع، رغم كل الاثمان الباهظة التي دفعها شعبنا الفلسطيني اذ شكل خطوة متقدمة على طريق حسم هذا الصراع، وتقويض أسس هذا الكيان الغاصب المصطنع، وذلك بالنظر الى عوامل مختلفة ومتعددة ستكون محور هذه الندوة.

بالطبع، ما قبل 7 تشرين أول 2023 ليس كما بعده. الى أين؟ ما هي مسارات الصراع؟ ما هي التحديات؟ كلها عناوين ندوتنا اليوم”.

خواجة

بعد ذلك، كانت مداخلة للنائب خواجة جاء فيها: “هناك سؤال علينا الجواب عليه لأن السرديات الطويلة غير مفيدة والمعلومات والاخبار متوفرة للجميع، بعد ان دخلنا الشهر السادس لحرب غزة، نقول ان هذه اطول حرب عربية اسرائيلية منذ 1948 ولا نعرف متى ستنتهي وان كنا نعلم كيف ستنتهي وانشالله بانتصار المقاومة. هذه الحرب ركيزتها الاساسية غزة وكل الجبهات الاخرى جبهات مساندة بشكل او بآخر، من لبنان وسوريا والعراق وفلسطين واليمن.

هذه الحرب في غزة أراها حرب سفرية لأن الاسرائيلي من أول يوم اعتبرها حرب سفرية إما هو أو المقاومة في غزة وكل الدلائل تشير الى هذا الامر ونحن نتحدث عن فترة زمنية وبدأنا  بالشهر السادس، حتى الاسرائيلي لم يتجرأ ليقول اننا انتصرنا حتى أنه لم يقل ان لديه اليد العليا في الصراع بعد، ولقد حقق العدو انجازات على الصعيد المدني فقتل وجرح ما يزيد على 110 الاف من أهل غزة والعداد يسجل يومياً، كما ودمر أكثر من 70 بالمئة من البنى التحتية والمساكن محاولاً تحويل غزة الى مكان غير قابل للحياة فيما بعد ونجح بنسب عالية من قدرة النار العالية والدعم الاميركي المفتوح”.

أضاف: “الحرب في غزة مستمرة والاسرائيلي لن يتوقف ومعركة رفح وبالمعطيات هي حاصلة، والاميركي بموضوع غزة قد أعطى الضوء الأخضر من اليوم الاول ولا يزال هذا الضوء متوهجا مع تأييد اميركي مفتوح للاسرائيلي بأن يصل محل ما يريد من القطاع وقد  يختلف معه اختلافات تكتيكية حول قيام هدنة او وقف مؤقت لإطلاق النار، وأنه خائف من تداعيات شهر رمضان، علماً انني لا اراهن على ذلك، لأن للاسف جزءا كبيرا من هذه الامة بحالة يباس وموت ولا ادري متى يستيقظ؟ فالمعركة مستمرة والاسرائيلي لأول مرة يتكلم عن معارك هذا الجيش الذي قام على فكرة الحروب الخاطفة، وهذا ما كان معلوم عندما نتحدث عن الجيش الاسرائيلي، وعندما نستعمل كلمة “الجيش الاسرائيلي” لاننا نعلم ان اسرائيل هي عبارة عن جيش ونحن نستعمل كلمة اسرائيل من باب التوصيف وبمفهومنا هذه الارض هي ارض فلسطين والشعب هو شعب فلسطين. وهذا الجيش الذي حسم واحتل في ستة ايام أكثر من سبعين ألف كيلو متر مربع في العام 1967 وأن أطول حرب أخذت معه بضعة ايام، واستعاد بعد سبعة ايام المبادرة كما في حرب تشرين 1973. هذا الجيش اليوم يقول انه يريد سنة وربما اكثر من سنة لحسم المعركة وهذه مفاهيم جديدة وتغير في المفاهيم. وهذه الحرب في غزة مهما كانت مآلاتها فلن تكون الا لصالح المقاومة وهذه المعركة تطرح اسئلة كثيرة وبعض هذه الاسئلة له جانب وجودي يخص الكيان الغاصب وهذا الكيان قام على فكرة الوظيفة وهو كيان وظيفي وما حصل من طوفان الاقصى حتى اليوم يشي بأن هذا الكيان لم يعد يستطيع القيام بالدور والوظيفة المطلوبة التي قام على اساسها”.

أضاف: “هذا الكيان تأسس ليكون كيانا اسبارطيا والحرب لم تثبت بأنه كذلك، وهناك تغير جوهري في هذا الكيان، وعلى أساس أن هذا الكيان هو المكان الآمن لليهود، وليهود الشتات ليأتوا اليه. فهل ياترى ما يزال هذا الكيان آمنا؟ فحركة الهجرة المعاكسة لا تشير الى ان هذا الكيان بالنسبة لليهود مازال مكانا آمنا. هذا الكيان الذي كان يحسم حروبه بسرعة ودائماً ينقل النار من أرضه الى ارض العدو لم يعد يستطيع نقل النار الى أرض العدو. وسأكتفي بالكلام عن غزة واتحدث قليلاً عن لبنان فنحن بالاخير لبنانيون، وهناك تساؤلات في الشارع وترى الجميع يسأل هل هناك اتساع للحرب، هل هناك حرب اكبر قادمة او لا؟ اتتوسع الحرب؟ نجيب بأننا نحن الآن في حالة حرب ولكنها حالة منخفضة السقف والفرق بين غزة ولبنان ان الاميركي أعطى “كارت أخضر” في غزة ولم يعطِ هذا الكارت بخصوص لبنان. والاميركي لا يريد حربا في لبنان لأسباب عديدة منها آنية فاليوم لديهم انتخابات ومحشورون كثيراً بموضوع الانتخابات ويتضح أن بايدن لن يحصل على الاصوات العربية والاسلامية وهو لا يثق بأن الاسرائيلي سينتصر ان خاض حربا مع لبنان. واذا لم ينتصر ستكون وطأة الخسارة أكبر من نتائج حرب 2006 وتداعياتها اكبر وهو من خوفه على الكيان ولأنه ليس لديه ثقة بأن هذا الكيان سيربح حربا كبيرة على لبنان ولأن الاسرائيلي يصرح بأن قدرات المقاومة وبالحد الادني في لبنان هي عشرة اضعاف قدرة المقاومة في غزة. ويعرف ان غزة محاصرة للاسف من العدو ومن الشقيق، أما في لبنان فالوضع مختلف وسوريا ولو كانت جريحة لكن حدودها مفتوحة الى ابعد من سوريا وهناك اسباب عديدة لا تطمئن الاميركي ان يكون متيقناً من انه اذا شن الاسرائيلي حربا كبيرة على لبنان يستطيع حسمها بسرعة وتكون النتائج لصالحه. وانا اعتقد ان هناك عاملاً اهم من كل ذلك بالنسبة للاميركي لأن تداعيات طوفان الاقصى كانت تداعيات واسعة ليس فقط على المنطقة لكن على العالم ككل. وانا كنت في روسيا منذ ايام وحصل نقاش على هذا الامر”.

وتابع: “كلنا نتذكر انه في اوكرانيا قد بدأ الاوكران بحرب هجومية على الروس والصحيح ان هذا الهجوم الاوكراني قد بدأ يخفت حتى قبل حرب غزة ولم يعطِ النتائج المرجوة منه بعد ان تم تذخيره والتحضير له ورصد حوالي 60 مليار دولار وتدريب عشرات آلاف له الخ. ومن ينظر اليوم وانا من المتابعين للميدان الاوكراني يرى الصورة مقلوبة فالروس من شهرين انتقلوا من حالة الدفاع الى حالة الهجمات وليس الهجوم فهل يا ترى هذه الهجمات الموضعية ستؤسس لرؤوس جسور حقيقية ممكن ان تنطلق باتجاه هجوم كبير باتجاه اوكرانيا؟

الاميركي منزعج كثيراً لأن الذي حصل في الشرق الاوسط يعتبره تشتيتا لجهودهم. والغربيون وكانوا يرغبون ان تبقى الجهود والانظار باتجاه اوكرانيا وبالجانب الانساني كانوا يقولون ان بوتين مجرم وجيشه مجرم وقد قتل تسعة الاف مدني خلال سنتين وعلى فكرة هناك الكثير منهم من اصول روسية. واليوم ماذا نقول عن بايدن انه مجرم، خاصة ان 70 % من الشهداء وهم اكثر من 32 الف معظمهم من النساء والاطفال، كيف سيقدم هذا الى العالم؟ خاصة وانه من الجانب الاخلاقي ومنذ شهرين عنونت جريدة “نيورك تايمس” أن اميركا سقطت اخلاقيا، هذا من الجانب الاخلاقي. وفي الجانب الآخر اصبح معلوماً انه ومنذ انطلاق طوفان الاقصى فكمية السلاح والذخيرة التي شحنت الى العدو من أميركا تقدر بأربعة أضعاف ما تم شحنه خلال حرب 1973 على الجبهة السورية والمصرية وهذا الرقم منذ شهر وقد زاد الآن كثيراً. واليوم زيلنسكي يقول ان هذه الذخيرة وهذا السلاح كان من المفترض ان يكون من حصتنا وليس من حصة الاسرائيلي. الاميركي يقول ويعرف تماماً ان من يربح في الميدان الاوكراني ستكون له اليد العليا في رسم معالم النظام العالمي الجديد. ومهما كبرت الجبهات في الشرق الاوسط فستبقى جبهات ثانوية في هذه المرحلة المصيرية، ولذلك الاميركي يزعجه كل الذي يحصل حيث بدأت في غزة ليتبع فتح المعركة مع لبنان والعراق واليمن، واليمن قدمت مشهداً مذلاً له بحيث ان كل اساطيله هو والغرب لم يستطع السيطرة على بضع قوارب وطائرات مسيرة وعطلت العملية التجارية في اهم شريان من شريان التجارة في العالم وتحديداً من باب المندب.

كل هذه الصورة تدل الى استمرار الحرب، وفي لبنان تبقى الامور كما هي من خمسة اشهر اضافة الى ان الاسرائيلي سيعمد الى انتقاء اهداف على كامل الجغرافيا اللبنانية ويضربها اينما وجدت. وطبعاً المقاومة ستعطي لكل داء دواء وهي ستجرح العدو كلما جرحها وهذا صراع مفتوح ولنهيء انفسنا له، انه صراع مفتوح ولن يكون الصراع الاخير ولا الحرب الاخيرة وهي وان كانت من الحروب المهمة التي خضناها من سلسلة حروب. ولا يمكن ان نقبل ان يبقى هذا الكيان في منطقتنا حيث سقط دوره ووظيفته التي وجد من أجلها وسترون ان الغرب سيبدل التفكير في مصير هذا الكيان”.

فرحات

بعد ذلك، كانت مداخلة للعميد فرحات جاء فيها: “أريد ان اتداول معكم في هذه الكلمة في هذا الوقت المتاح للثبوتات التي تتعلق في غزة وفي لبنان واذا تسنى لنا الوقت في أمور أخرى. طبعا 7 اكتوبر غير المرحلة كما هو معروف في فلسطين والمنطقه وفي العالم،  ايضا الرد الاسرائيلي الفوري كان قصفا عشوائيا غير تكتي من 7 اكتوبر لغايه 27 اكتوبر. لم يكن هناك خطط، كان هناك قصف لأماكن واجواء مدنية وقصف عشوائي لايذاء اهل غزه.  في 27 اكتوبر وهو بداية العملية البرية بعد فترة شهر لتجهيز الاحتياط وتنظيمهم في وحدات، لم تكن هذه عملية مخططة كما هو معروف عن الجيش الاسرائيلي، كما وليست مخططة كما هو معترف عليه في الأكاديميات العسكرية.

 جرى الاختراق فيها للمناطق الرخوة التي هي بين المدن ووادي غزه والمحاور والمناطق الخالية وهو شيء طبيعيي، تم استخدام المساندة الجوي القريبة، الطيران الحربي ساند على 200 متر وطائرات الاباتشي على 25 – 30 م كذلك، وهذا سند كبير يعتبر في المساندة الجوية.

ارتكبت اسرائيل خطأ فادحا في اوائل المرحلة وهو إدخال الدبابات والمدرعات في المدن والشوارع. في الاكاديميات العسكرية حرب الشوارع تقوم فيها القوات الخاصة والمشاة. لهذا، تم تعرض الاليات للخطر وفعلا هناك خسائر اكثر من 1000 دبابة وآلية لأن الرمايات كانت تتم من مسافة قريبة لا تتعدى ال 100 م.

 كان الهدف الاسرائيلي من الدخول بالآليات هدفا واضحا هو في عدم تكبد الخسائر البشرية لأن الخسائر البشرية لها وقعها في الكيان فالخسائر عندها تكون في الآليات”.

أضاف: “المناطق التي سيطر عليها الجيش الاسرائيلي لم يستطع حمايتها بل كانت تتعرض لهجمات، فكان يخرج مقاتلو القسام من الخنادق ومن بين الركام وكانوا يقصفون الدبابات وكانوا يضربون ويرجعون حتى تطور الامر انهم فخخوا ابنيه بالكامل وكانوا يستدرجون اليها القوات الاسرائيلية حيث يفجرون الأبنية وحصلت عدة هجمات وأدت الى خسائر بشرية في صفوف الجيش الإسرائيلي.

هناك كان كلام عن غمر الانفاق بمياه البحار وهناك العديد من المقالات عنها وأكيد بدأوا فيه ولكنهم عدلوا عنه في نهاية الأمر إذ ظهر ان هذا الموضوع مستحيل، لانه لم يعرفوا كيف بنيت هذه الانفاق والذي بنى الانفاق متهيئ واخذ في الاعتبار هذا الموضوع.

طبعا، كلنا نتذكر مشفى الشفاء 10 الى 15 يوما معارك حول مشفى الشفاء وتركيز اعلامي  تحت ادعاءات انه تحته هو مركز قيادة حماس وهناك مركز احتجاز الاسرى الاسرائيليين. طبعا دخلوا الى المستشفى وكان ذلك اول دخول الى مستشفى، وكان هناك غض نظر عربي واوروبي مع دعم غربي واوروبي واميركي عسى ان يدخلوا إليه وتنتهي القصة ويلقي القبض على قادة حماس، ولم يكن هناك اي رد فعل غربي وكان الهدف القبض على قيادة حماس. مع ذلك اكتشفوا  ان مستشفى الشفاء لم يكن يتضمن الا المعدات الطبية”.

وتابع: “سمعنا بعد ذلك عن المرحله الثالثه، مستشار الامن القومي جايك سوليفن بدأ يتكلم عن المرحلة الثالثة والقادة الاسرائيليون بدأوا يتكلمون عن المرحلة الثالثة لمدة اسبوع أو عشر ايام، كنا نتكلم عن المرحلة الثالثة واختفت المرحلة الثالثة وجاء مكانها رفح وكان الهدف منها الضغط على طرد النازحين الموجودين في رفح الى مكان آخر كما سمعنا عن موضوع ترتيب حوالي 5000 خيمة وسمعنا ايضا عن مصر وعن التجهيزات والإنشاءات القائمة في مصر ولكن الانشاءات توقفت في مصر بعد ذلك تراجع كل هذا الحديث.

الآن ما يتكلم عنه هو ما سمي برصيف بايدن هو ليس مرفأ او ميناء يسمونه رصيفا ونحن سنسميه رصيف بايدن ولم يطلع عند العرب شيء تسميه لذلك نسميه رصيف بايدن. رصيف بايدن هو بحاجة لفتره طويلة على ان يحصل والهدف منه ليس ادخال المساعدات الى غزة بل حمل النازحين على الخروج من غزة عبر الرصيف.

اما بالنسبه لموضوع محور رفح قبل ذلك اريد ان ألفت النظر الى هناك محور فيلادلفيا 24 كم. هذا المحور انشئ بموجب اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل وهذه الاتفاقية عدلت معاهدة السلام بالنسبة لهذه الحدود وهذه الاتفاقية سمحت لمصر بإدخال 750 جنديا لحراسة هذا المحور ولحماية الحدود من الارهابيين.

وهذه هي مشكلة مصر وفتح الحدود لأن مصر مرتبطة بهذه المعاهدة  الموقعة في 2005 بعد انسحاب إسرائيل من غزه. مفاوضات الهدنة ما زالت تسير وهنالك هوة سحيقة بين الموقف الاسرائيلي والموقف الفلسطيني. الموقف الفلسطيني أبرز هذه الهوة هو  ان المطلب الفلسطيني هو وقف اطلاق النار وفتح المعابر قبل كل شيء وفي النهاية نتكلم عن الاسرى، فيما يصر الموقف الاسرائيلي المدعوم من الغرب واميركا هو الافراج وتبادل الاسرى مقابل وقف اطلاق النار وتقديم المساعدات والإغاثة. في النهاية هذه المعركة ليست 2006 حتى تنتهي بالـ 1701 وليست 2019 او سيف القدس حتى تنتهي بوقف اطلاق نار، هذه الحرب يتعامل معها الجانب الاسرائيلي كما تفضل النائب الكريم بتسميتها حرب وجودية تماثل حرب 48.

والعرب لن يكرروا الهدنتين في 48 واليوم كما فعلوا لذلك سوف تستمر طويلا وابديا”.

وقال: “الآن سوف انطلق الى جنوب لبنان. وهنا سننتقل الى جنوب لبنان في الثامن من اكتوبر حزب الله وجد نفسه امام ثلاثة احتمالات:  الاحتمال الاول هو الحرب الشامله- اما بالحسابات فالحرب الشامله هي خطره وهناك اضرار جسيمه ليس محضرا لها. الخيار الثاني هو ان يسكت حزب الله ويتفرج على ما يحصل، وهنا سيتعرض الى انتقادات كبيرة وهنا الاخرون سيقولون ان انتم كذابون الشعب الفلسطيني يتعرض لما يتعرض له فأنتم ماذا تفعلون.

أما الخيار الثالث، فهو الذي فرض نفسه وهو خيار الاستنزاف، وهنا ظهرت الجهوزية للمقاومة وانا عسكري اعرف ما معنى جهوزية على مدى 110 كلم من رأس الناقورة الى مزارع شبعا جبل الشيخ، وان تبدأ عمليات من رأس الناقورة حتى جبل الشيخ على طول هذا المحور من ضرب عيون وآذان وكل “سينسرس” اسرائيلي في هذه الامكنة كما ومقرات القيادة هناك، هذه العمليات تطورت نحو ما يسمى قواعد اشتباك. ليس هناك قواعد اشتباك او ما شابه ذلك، وهنا نستطيع ان نسميها قواعد عمل، فالمقاومة ترد على مواقع العدو في قصف مركز قاعده ميرون، ترد على قصف واستشهاد حسام الطويل بضرب مركز في الجولان ومركز قيادة صفد حتى وصلنا الى مرحلة نحن نعيش فيها اليوم: المقاومة تقصف عيون اسرائيل وتعميها واسرائيل تقوم بعمليات اغتيال.

نحن نعيش هذه الفترة. لذلك، هنا لا يوجد اشتباكات بالمعنى الصحيح السؤال المطروح والذي تعرض له الاستاذ محمد هو ماذا سيحصل بنا نحن في لبنان. لبنان في البداية، هناك نوع من التوازن يعني في البداية العملية البرية هي بحاجة الى حشود والحشود يجب ان تأخذ شكل ترتيب قتالي، كما حصل في 2006 او كما حصل في 82. هذا الشيء غير موجود حاليا فليس هناك لا ترتيب قتالي ولا حشود كما في الاجتياح السابق.  اسرائيل لم تقم بأي ترتيبات حاليا، كل ما يقومون به هو تهديدات. حاليا عندما تقوم اسرائيل بأي ترتيب قتالي عندها نستطيع ان نتكلم عن معركة برية او ترتيبات نستطيع حينها ان نقول ان هناك هجوما بعد اسبوع او 48  ساعة او عشرة ايام  او على الارض حاليا هذا من اجل تطمين الناس حاليا.

 اما الامر الثاني عندما نتكلم عن الموضوع الاسرائيلي ونتكلم عنه بخلفية التوازن، اليوم كل الناس على علم ان القدرات الصاروخية لـ”حزب الله” فهي قد تستطيع ان تصل لأي مكان في هذا الكيان الاسرائيلي. هذا باعتراف قاده اسرائيل. عندنا ايضا اسلحة مضادة للتشويش وعندنا صواريخ دقيقة سمعنا عنها الكثير.

منذ خمس سنوات وكل ما وصل موفد أجنبي الى لبنان يقول انزعوا الصواريخ الدقيقة وقوموا بما تريدون، وعندنا ايضا صواريخ تحمل رؤوس حربية ثقيلة 200 الى 300 كيلوغرام تستطيع ان تحدث تفجيرا كبيرا.  فلو سلمنا جدلا ان اسرائيل بدأت حربا وبدأت تقصف في بيروت كما تقصف في غزه، هنا حزب الله يستطيع ان يضرب ويقصف في المثلث الذي يسمونه وشدان أي تل أبيب حيفا القدس الذي قلبه نتانيا والخضيره وغيرها من المدن وهناك قلب اسرائيل النابض الإقتصادي حيث الرفاه. وهذا المثلث اذا تعرض الى ضرب، يشكل تهديدا وجوديا. لذلك هذا الردع بيننا وبين العدو الصهيوني هو الذي حمانا يا شباب مش المجتمع الدولي وغيره من القرارات. هذا كله كلام عن المجتمع الدولي وما حمانا هو هذا التوازن وهذا الذي يسمح لنا ان نذهب الى الجنوب ونعود هو هذا التوازن”.

وتابع: “وهنا ما الذي لم اقله هو ان المقاومة ادخلت صواريخ جديدة هو صاروخ بركان المضاد للابنية كما وصاروخ الماس مضاد للدبابات وصاروخ افق مضاد للافراد كما وهناك مسيرات انقضاضية للاهداف غير المرئية وهناك صاروخ دفاع جوي تعبوا كثيرا حتى اطلقوه وذهب العديد من الشهداء وهو اسقط طياره مسير هرمز 450  وهذه الطائرة هي فخر الصناعة الاسرائيلية السنة الماضية أتى العديد من الخبراء وبالأسلحة من جميع الدول الاوروبية وغيرها ليتفرجوا عليها”.

وعن محكمة العدل الدولي، قال: “هناك معاهدة اسمها منع الابادة الجماعية وقعت سنه 1949 هناك دول وقعت عليها بشروط هناك دول وقعت عليها من دون شروط. هناك دول اسلامية وقعت عليها بشروط تختص بالقضايا الدينية. اسرائيل موقعة على هذه المعاهدة دون شروط كما جنوب افريقيا. في المعاهدة. هذه، الاحتكام يكون الى محكمة العدل الدولية، اذا محكمة العدل الدولية تنظر الى دعوة جنوب افريقيا وفقا لمعاهدة منع الابادة الجماعية فهي تعمل خلال شهر تدابير احترازية بعد ذلك هي تأخذ وقتا كثيرا لإصدار الحكم.

ونحن سمعنا في الاعلام ما اصدرته المحكمة الدولية بالنسبة لدعوة جنوب افريقيا وهنا أريد أن أؤكد أن إسرائيل خسرت كثيرا كثيرا وهنا أود أن أوجه تحية الى الرئيس الذي معظم العالم لا يعرف اسمه الرئيس سريل راما فوزا الرجل العظيم رئيس جنوب افريقيا الذي استطاع ان يفعل ذلك”.

سليمان

بعد ذلك كانت مداخلة للدكتور سليمان جاء فيها: “كما نعلم جميعاً انها حرب عالمية شئنا ام ابينا ربما لم تكن على مستوى العالم لكن الجميع يعلم ان تداعايتها وتفاعلاتها هي على مستوى العالم بدليل انه في هذه اللحظة الاف الجسور الجوية تصل الى الكيان الصهيوني والاف المصانع والمشاغل مصانع الذخائر تشتغل 24 على 24 للكيان الصهيوني وآلاف الشركات والبنوك تعمل بهذا الخصوص لتقدم المصل لهذا الكيان الذي كاد يلفظ انفاسه النهائية ونحن للاسف اي بعض العرب لا يقدمون الدم والامصال لمن قدموا الدماء مدرارا من اجل الكرامة.

الحقيقة انه هناك بعض الظواهر الهامة في هذا الصراع اذا جاز التعبير. اولا، نحن من العام 1980 الى الآن نقاتل ونحقق انتصارات باللحم الحي في ظل عدم وجود ظهير دولي. انتهى الاتحاد السوفياتي وليس هناك من يدعمنا. نحن امتشقنا السلاح وبدأنا نقاتل وبدأت الانتصارات 1982 وما تلاها 1992 و 1994 في غزة. 2014 و2017 بغزة ايضاً 2000 و2006 في لبنان كلها انتصارات تراكمية تفاعلية تكاملية في ما بينها وكانت تبنى لبنة لبنة وبالتالي لكل واحد من الحضور هنا ان يفرح وان يعتز بأنه كان جزء من هذا الانتصار الذي صنع على مدى هذه الحقبة وانه جزء من هذا الانتصار الذي يصنع اليوم في غزة وعموم فلسطين. والله نحن يجب ان نفرح في ظل هذا الكم الهائل من المؤامرات وهذا التشويه والتشويش والتيئيس. نحن واجهنا ظرفا كبيرا وصمدنا، لذلك وطبعاً يجب ان لا نكتفي عند هذه الحدود لا بل يجب ان نرتقي بأساليبنا بعلاقلاتنا بأشكال نضالنا بهذا الخصوص. لماذا قلنا انها حرب عالمية لأن روسيا بعد ان اكتفت من النفط الصخري والغاز تقول لها كانت تنشأ حروب من اجل النفط. صار النفط  الآن يعرض عليها وهي تعرض وتتركه؟ واليوم ادارت محركاتها ورجعت الى المنطقة لماذا؟ لأن المسألة كما ذكر الزملاء كانت متوجهة نحو الصين وتواجه الصين دفاعاً. وراحت روسيا تهاجم هجوماً في اوكرانيا واذ بها امام حالة متناقضة: أزمة دفاعية هجومية في اوروبا وفي الشرق وبالتالي ان اميركا كما قال الزملاء، انها في حالة ارباك وارتباك كبير. في هذا المفصل التاريخي حصل طوفان الاقصى ايضاً لذلك طوفان الاقصى جاء زلزالاً كبيراً في فالق كبير بين تخوم الحرية في فلسطين كلها وبين تخوم الاستبداد والاستعمار. ولماذا قلت في فلسطين كلها لانه ايها الاخوة يجب ان لا نستهين بما يجري في الضفة الغربية على عظمة ما تؤديه غزة لأن الحرب الحقيقية حرب الهوية والكيان هي في الضفة الغربية هي في ارض التلمود اذا جاز التعبير، في الارض الذي تحدث عنها التلمود وفي الارض التي يقولون عنها ارض ابائنا واجدادنا هم يقولون انها ارض اجدادهم وفي كامب ديفيد في محادثات السلام قالوا للمصريين انكم تأتون لتطلبوا منا الانسحاب من الضفة الغربية وهي ارض ابائنا واجدادنا وهل طلبنا منكم ان تنسحبوا من القاهرة؟ الى هذا الحد وصلت بهم الوقاحة”.

أضاف: “بكل الاحوال ما جرى في طوفان الاقصى هو طوفان من الدروس والعبر والقيم والمفاهيم فأنا في سنة 2021 في سيف القدس كنت قد ارسلت رسالة الى الحاج اسماعيل هنية وتلقيت منه رسالة جوابية طويلة وفي نهاية الرسالة قال لي من غزة العاصمة العسكرية لفلسطين الى القدس العاصمة السياسية لفلسطين توقعوا يا عزيزي االمفاجآت كان هذا في بداية 2021 وبداية سيف القدس. واذ بهذا الشعب المجوع والمحاصر يقصف تل ابيب وفي 2022 اتت وحدة الساحات واذ في 2023 يأتي ثأر الاحرار حتى جاء طوفان الاقصى. هذا شيء كبير في حياتنا وحياة العالم وليس فقط لحياة العرب والمسلمين وهذه المنطقة التي كانت اميركا تحلم ان تكون حديقتها الامامية والخلفية فإذ بها استفاقت على كابوس اسمه طوفان الاقصى.

وأود التحدث في نقطتين اخيرتين، النقطة الاولى ولا أكون أفشي سراً ان قلت ان السلاح الذي كان يأتي من الانفاق الى سوريا يرجع بالانفاق الى الضفة الغربية السلاح الذي كان يأتي من درعا لمحاربة الشعب السوري ضمن المؤامرة على سوريا الحمدلله هذا السلاح يدخل الى الضفة الغربية بنفس الانفاق. وهنا اصبحنا امام مثلث مواجهة بل اصبح مربعاً غزة الضفة الغربية ولبنان 120 كلم وتأتينا اليمن المباركة لتدلي بدلوها في هذا المجال.

النقطة الثانية والاخيرة، تسألون ايها القوميون مسارات الصراع الى اين؟ لقد اجابكم الشهيد الزعيم انطون سعاده قبلي بهذا الموضوع وقالها ومنذ البدايات وقادة التحرر العربية ان اتصالنا باليهود هو اتصال الحديد بالنار وبالحقيقة لقد وفقتم في اختيار هذا العنوان لندوتكم بقولكم مسارات الصراع وليس مسارات الحلول ومسارات التسوية والسياسة، الصراع مازال الصراع قائماً وذلك ليس بسبب صمودنا فقط بل بسبب هذا العقل الصهيوني اليهودي المتغطرس القائم على التحالف الانجيلي الاميركي والتلمودي اليهودي الصهيوني، هل يستطيع نتانياهو وجد نتانياهو ان يفك برغيا من باب مستوطن في الضفة الغربية الا بالتحرير والا بالصراع والا بالقتال. يرونه بعيداً ونراه قريباً، مآلات الامور وتطورها تشي الى بل تؤكد ان هذه الامة قد امتلكت زمام المبادرة وطوفان الاقصى هو رأس الحربة باذن الله وهذا الكيان يعيش حالة من التخبط لا يستطيع الغرب ان يمد يده اليها كما كان يفعل بالسابق”.

ضاهر

وفي النهاية، تحدث منسق عام اللقاء القومي النهضوي وجاء في مداخلته: “مرت بلادنا بكياناتها ودولها وقواها الحية بسلسلة طويلة من الصراع مع الاستعمار الاجنبي والاستيطان اليهودي الذي مُهد له بتقسيم بلادنا عبر سايكس بيكو كمقدمة لوعد بلفور، هذا الصراع الذي بدأ يتبلور مع مقررات المؤتمر الصهيوني الاول عام 1897 حيث نشأت الحركة الصهيونية وبدأت بتنظيم نفسها وبالدعوة الى الهجرة اليهودية إلى فلسطين للإستيطان فيها.

وبدأت مواجهة شعبنا للحركة الصهيونية بإمكانيات ضعيفة حيث كان يرزح تحت الاحتلال العثماني وبعدها الانكليزي والفرنسي، حيث أن هذه الدول سهلت ودعمت عمليات الاستيطان التي قامت بها العصابات اليهودية مرتكبة خلالها مئات المجازر بحق شعبنا في فلسطين، والهدف هو هو لم يتغير. الهدف كان وما زال تهجير أبناء شعبنا في فلسطين ومحيط فلسطين والاستيلاء على الارض رويداً رويداً حتى تحقيق مشروع اسرائيل الكبرى من الفرات الى النيل.

وتوِّجت موجة الاستيطان والمجازر بقرار أممي متواطئ مع الصهاينة قضى بتقسيم فلسطين، فأعلن بن غوريون دولة إسرائيل سنة 1948 ليعود ويوقع هدنة 1949 مع الدول العربية المتهالكة. وكان الغرب يهدف للحصول على فلسطين كوطن لليهود على حساب شعبنا وأمتنا وايضاً لوضع اليد على نفط وثروات بلادنا وعالمنا العربي والتي كانت حديثة الاكتشاف فكان لذلك تأثير كبير في إهتمام الغرب بدعم اسرائيل واعطائها دور الشرطي في المنطقة فأصبحت المخفر الامني المتقدم للاستعمار الغربي الجديد.

وكان أنطون سعاده أول من استشرف الخطر الصهيوني الهادف الى الاستيطان في فلسطين واقامة الدولة اليهودية على اراضيها مرتكزاً على مفاعيل “وعد بلفور” وتأييد الدول الكبرى لذلك كبريطانيا وفرنسا وأميركا، فبدأ بكتابة المقالات في الصحف السورية الصادرة في الوطن والمهجر آنذاك محذراً من هذا الخطر الاستيطاني على جنوب سورية ومدى تأثيره على الأمة والمنطقة العربية.

ولم يكتف بالتحذير بل دعا القوميين للجهاد، وقد شارك القوميون فعلاً من كافة أنحاء البلاد في كل الانتفاضات الفلسطنية ضد الانكليز وضد مشروع اقامة الدولة اليهودية في الثلاثنيات والاربعينيات من القرن الماضي.

وأستمر هذا الصراع على مدى حقب عديدة منها :

–     مرحلة الانتداب البريطاني.

–     مرحلة ما بين عام 1947 وعام 1967 أي بين ما سمي “النكبة، والنكسة أو الهزيمة”.

–     مرحلة منظمة التحرير الفلسطينية 1968 وإجتياح لبنان 1982.

–     انتفاضة الحجارة من 1987 إلى 1993 حيث انتهت بإتفاقية أوسلو.

–     إنطلاق حركتي الجهاد الإسلامي وحماس وغيرها من الحركات الرافضة.

–     تحرير معظم الجنوب اللبناني وانتفاضة الأقصى عام 2000.

–     حرب تموز 2006 والانتصار على آلة الحرب الاسرائيلية.

–     مجزرة غزة سنة 2008 ردا على صواريخ عز الدين القسام كما أدعت “اسرائيل”.

–     إنتفاضة حي الشيخ جراح سنة 2021، التي تعتبر من أهم ظواهر فشل الإحتلال في تدجين واستيعاب أهلنا في المناطق المحتلة 1948.

–     عملية طوفان الأقصى التي قامت بها حماس وردت عليها العدو بالمجازر اليومية على غزة ومدن الضفة الغربية منذ 7 تشرين الأول عام 2023 حتى تاريخ اليوم”.

أضاف: “إذاً من ثورة شعبنا في فلسطين منذ العشرينات والثلاثينيات في مواجهة الاستيطان وفي ظل تخاذل الدول العربية، ورغم التضحيات الجسام كانت “اسرائيل” تربح المعركة بما في ذلك معركة 1948 والتي انتهت باعلان دولة الاحتلال، الى النكسة الكبرى في حزيران 1967 التي أدت الى اعلان االثورة وتشكيل منظمات للكفاح المسلح لتحرير فلسطين عن طريق القوة واعتبار أن حربنا مع اليهود هي حرب وجود لا حرب حدود، الى الاجتياح الاسرائيلي للبنان سنة 1982 والقضاء على المقاومة الفلسطينية فيه وخروج المقاومين وقياداتهم الى تونس بعد أن كانوا قد أخرجوا من الاردن في 1970. لينتهي الامر بالذهاب الى اوسلو وقيام “السلام” الهجين والمهين والدولة المنزوعة السلاح.

وكان الرد على تلك الاتفاقية، التي فرضت تعديلات بنيوية ومصيرية على برنامج منظمة التحرير خاصة فيما يتعلق بإنهاء الكفاح المسلح، والقبول بقرار التقسيم والاعتراف الاحادي بدولة الاحتلال، أن اشتدت وتيرة المقاومة من خلال ظهور العديد من التشكيلات المقاومة ومنها حركة حماس في غزة والعديد من الحركات الرافضة لهذه الاتفاقية.

وقبل ذلك كان من أهم نتائج الاجتياح الاسرائيلي للبنان تشكل جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية المسلحة التي ساهمت بشكل أساسي في اطلاق المقاومة المسلحة ضد الاحتلال، تلك المقاومة المدعومة من الشام اسقطت المشروع الصهيو-انعزالي في لبنان بإسقاط أحد اكبر رموزه بشير الجميل، وبإسقاط اتفاقية 17 أيار المذلة، لتكمل بعدها المقاومة الاسلامية الطريق ويتشكل لاحقاً محور للمقاومة يشمل بعض كيانات امتنا والعالم العربي يضاف الى ذلك دعم الجمهورية الإسلامية في ايران.

وتحت ضربات المقاومة في جنوب لبنان ولسنين طويلة وبسبب خسائر العدو الكبيرة أضطر عام 2000 الى الانسحاب من هذا الجزء المحتل مهزوماً منكسراً ودون شروط ومعاهدات أو اتفاقيات سلمية أو سياسية أو تطبيعية.

وكان للانسحاب من الجنوب الاثر الكبير على العدو فأيقن ان المعاهدات لن تحميه ولا بد من القضاء على اي تنظيم أو دولة تهدد وجوده ودولته فبدأ بتنفيذ مؤامرة الشرق الاوسط الجديد، والتي كان قد كتب عنها شيمون بيرتز وتبنتها الولايات المتحدة والغرب وبدأت المؤامرة بتنفيذ خطتها بغزو العراق فدمرته وبعدها ليبيا وتونس ومصر، احياناً بالحجج الكاذبة عن سلاح الدمار الشامل واحياناً بما سمي “الربيع العربي” كما حصل بمصر وغيرها لتنتهي معركة التدمير والتفتيت للدولة في الشام 2011 وتحت شعار الثورة وتغيير النظام واقامة الديمقراطية سقط مئات الالاف من الشهداء والجرحى وكادت أن تسقط الدولة المركزية لولا الإلتفاف القومي حولها. وقسمت الشام الى مناطق نفوذ محلية واقليمية ووضعت امريكا يدها على ثروات سورية من النفط والغاز.

وللملاحظة، فأنه ورغم كل الضغوط والحرب الكونية ضد سورية، والدمار، ثبتت الشام في موقفها القومي ولم ترضخ للضغوط في ابرام اتفاقية سلام مع العدو الصهيوني رغم المساعي والجهود الامريكية والاوروبية والوعود، بل أزداد دعمها لحركات المقاومة والتحرر في أمتنا.

أطمأنت “اسرائيل” لما حصل في العالم العربي، من كامب ديفيد الى وادي عربة الى أوسلو، الى ترسيم الحدود مع لبنان، وابتدأت بالضغوط واللقاءات من أجل التطبيع مع الدول العربية بدأً من المغرب وصولاً الى دول الخليج ومروراً بالسودان وكان من المفترض ان يكون ختامها مع المملكة العربية السعودية ولكن طوفان الاقصى وحرب غزة اوقفت تلك المسيرة التطبيعية وضربت أسسها وشعاراتها وأعادت طرح المسألة الاساسية الا وهي مسألة الاحتلال وتحرير فلسطين، وايجاد حل للمسألة اليهودية خارج فلسطين”.

وأردف: “اذاً نحن هنا اليوم، والان قد مر على حرب غزة اربعة اشهر، فشل العدو من خلالها في تحقيق عدة اهداف معلنة واهمها:

1- تدمير غزة وتهجير أهلها عبر القتل والجوع والترهيب.

2- اطلاق سراح الاسرى اليهود لدى المقاومة.

3- القضاء على حركة حماس وكل الفصائل المقاومة وتدمير قوتها العسكرية.

4- العودة العسكرية المباشرة الى غزة وبصورة دائمة ومستدامة وذلك من أجل :

ا- منع تكرار تأسيس تنظيم عسكري مقاوم لاي قوة او تنظيم.

ب- وضع اليد على ثروات النفط والغاز.

ج- تأمين فتح وشق قناة بن غوريون التي تربط البحر الاحمر بالمتوسط.

د- فتح الطريق البديل لطريق الحرير والذي ينطلق من الهند وصولاً لدول المتوسط.

ه- القضاء على فكرة اقامة دولة فلسطينية تضم غزة والضفة (بين هلالين).

و- سحق اي تحرك سلمي أو عسكري رافض للاحتلال في الضفة أو في اراضي 1948.

ز- ان يكون ما حصل في غزة عبرا ودرسا لمن تسوله نفسه خوض اي حرب او معركة مع “اسرائيل” في المستقبل وخصوصاً المقاومة في لبنان.

وبالرغم من دفع ما يزيد عن 200 الف جندي اسرائيلي من نخب الألوية الى ساحة الحرب ورغم استخدام كل الوسائل الهجومية من البر والبحر والجو ورغم كل التكنولوجيا ووسائل التجسس ورغم وجود الاساطيل الامريكية بقرب شواطئ غزة وبرغم الصمت العربي وبرغم حصار غزة من الشمال والشرق (اسرائيلياً) ومن الجنوب من نظام السيسي، ومن الغرب البوارج والاساطيل الغربية ورغم كل ذلك فغزة التي تمتد على مساحة 260 كلم2 وعدد سكانها لا يتعدى 2.5 مليون وبقوة مسلحة وعتاد مصنوع محلياً ولا يتعدى عدد عناصرها الالاف، غزة تلك الجزيرة المحاصرة وبرغم المائة الف من الشهداء والجرحى ورغم الدمار الذي حصد أكثر من 70% من بيوتها ورغم الجوع والنار وحمم القذائف على مدار الساعة ليلاً نهاراً، تلك الجزيرة ما زالت تقاتل وتقتل الكثير من جيش الاحتلال وما زالت صامدة وستصمد ولاجل طويل لانها مؤمنة بأن القوة هي الكلمة الفصل في احقاق الحق القومي ولان القوة هي اللغة الوحيدة التي تفهمها دولة الاغتصاب الصهيوني والوسيلة الوحيدة لاسترجاع الارض.

من أهم النتائج الاولية لحرب غزه وجنوب لبنان هو:

أولاً: سقوط دور ووظيفة الكيان الصهيوني كقاعدة متقدمة للاستعمار الغربي، وكحافظ لأمن واستقرار اليهود في دولة يهودية متفوقة على دول الجوار ومهيمنة عليها. فقد استنفد الكيان الصهيوني الدور الذي كان يسوق نفسه له كحامي لدول المنطقة من البعبع الايراني، وفقد وظيفته المزعومة كقاعدة وحامية عسكرية وكشرطي في المنطقة العربية.

ثانياً: فشل في تحقيق الأمن المزعوم للمستوطن اليهودي في الكيان الغاصب حيث أصبح اليهودي اليوم يشعر أنه بأمان في أي دولة إلا في دولة الكيان الصهيوني، لذلك فسيل الهجرة المعاكسة بازدياد ولن يتوقف.

ثالثاً: سقوط احدى المقومات الأساسية لنشأة الكيان، الا وهي فقدان الأمن داخل الأراضي المحتلة، وفقدان الثقة والمصداقية بين جيش الاحتلال من جهة، والمستوطنين من جهة أخرى. وتحول الحلم الصهيوني إلى كابوس، حيث ثبت أن الأمن لن يتحقق للصهاينة حتى يعودوا من حيث جاؤوا هم وأسلافهم. ولأول مرة منذ نشأة الكيان يشعر اليهود أن فلسطين المحتلة هو مكان غير أمن لهم.

رابعاً: عرّت حرب غزة ما يسمى “مجتمع دولي” وكذلك كشفت المفاهيم العنصرية لاسرائيل اذ ظهرت على حقيقتها الاجرامية أمام العالم، فجرائم الابادة الجماعية التي ترتكب بحق المدنيين العزل من أهل غزة فضحت زيف جميع الادعاءات المتعلقة بحقوق الانسان والطفل والمرأة التي يتشدق بها الغرب، الذي أظهر انحيازه التام للعدو الصهيوني ووقوفه ضد كل القرارات الدولية واستعماله حق النقد (الفيتو) في مجلس الامن لصالح العدو.

خامساً: أن ما فرضته ضرورات المعركة هو التأكيد على وحدة المصير القومي أو ما يسمى اليوم بوحدة الساحات القومية والعربية المقاومة في الميدان وبشكل عملي ومنسق.

سادساً: أسقطت عملية “طوفان الاقصى” الفتنة المذهبية السنية الشيعية التي عملت أميركا ومعها الكيان الصهيوني على إشعالها اذ توحدت حركات المقاومة العابرة للمذاهب في أرض المعركة وكانت الدوائر المعادية قد رصدت المليارات من الدولارات وجنّدت إعلاميين ووسائل إعلام وأحزابا لتأجيج هذا الصراع المذهبي، فكان أن تأكدت وحدة الساحات أي بمفهومنا وحدة المصير القومي المرتكزة على وحدة الحياة ووحدة الشعب في بلادنا والمنطقة التي تشمل بالغالب بلاد الشام والعراق أو ما يعبر عنه بسوراقيا أو سورية الطبيعية أو الهلال الخصيب”.

وقال: “اليوم  ورغم عملية الإبادة الجماعية والدمار الشامل، فنحن أمام مشهد أعمق وأخطر من حيث المضمون والتبعات. فاطفال غزة صامدون رغم القصف والموت. ونساء غزة يقفن مع المقاومين جنباً الى جنب في خنادق المواجهة. وكهول غزة لا يكتفون بالدعاء بل اصابعهم على الزناد ودماؤهم وعائلاتهم فداء تراب غزة وفلسطين. عاجلاً أم أجلاً ستنتهي حرب غزة وجنوب لبنان وبالطبع سيكون النصر حليف المؤمنين بالحق الداعين الى استعادة الاراضي وقهر العدو وداعميه. إن طوفان الأقصى مع ما رافقه من صمود المقاومة واستمراريتها، وصمود أهلنا في فلسطين عامة وغزة خاصة، كما الدعم على جبهة الجنوب اللبناني والمساهمة العراقية والتدخل اليمني وضعوا هذا الكيان الغاصب امام تحدياته الوجودية ومصيره على سكة الزوال.

مع كل هذا المشهد نطرح معكم كل هذه الأسئلة:

ما هو مصير التطبيع والمهرولين اليه؟ ماذا سيحصل للنفوذ الاميريكي والغربي في المنطقة؟ ما مصير السلام المزعوم واقامة الدولة الفلسطنية؟ ما مصير القيادة الاسرائيلية العسكرية والسياسية؟ هذا وغيرها الكثير من الاسئلة ستجد أجوبة لها في الميدان عندما ينتهي العدوان في غزة والمواجهة في الجنوب ومدى القدرة ان يفرض الرابح الصامد شروطه على طاولة المفاوضات؟ هل ستكون حرب غزة والجنوب هي أخر حروب المنطقة؟

بالطبع، لا فحربنا مع هذا الكيان المغتصب هي حرب وجود وعلى المدى البعيد نحن مؤمنون بالنصر النهائي لان هذا هو حكم التاريخ والجغرافيا، ولكن على المديين المتوسط والقريب فالتحدي كبير وكبير جدا.

الخلاصة: أنه لا خيار ولا وسطية ولا سلام ولا تطبيع ولا استسلام … فإن قدرنا هو فقط في المقاومة والمقاومة والمقاومة حتى التحرير والنصر وهذا يتطلب التالي :

1- العمل على تحقيق وحدة الموقف الفلسطيني عبر صياغة إطار يضم جميع أحزاب وقوى المقاومة، وتحت برنامج تحريري، يشرعن المقاومة والكفاح المسلح، ويحقق التحرير والعودة.

2- الغاء اتفاق اوسلو وكل مفاعيله الأمنية على المستوى الفلسطيني.

3- مع ما سينتجه الميدان من هزيمة عسكرية للعدو، على الأنظمة العربية الموقعة لمعاهدات السلام مع هذا الكيان، ان تلغي تلك المعاهدات وتعمل على انشاء جبهة عربية تزيد من قوة وصمود قوى المقاومة وتحاصر وتشل العدو حتى اندحاره.

4- دعوة الاحزاب القومية والوطنية والتقدمية للخروج من التشرزم والتفتت ومن هذا الثبات المميت، وتطوير برنامج نضالي مشترك واستعادة الدور في معركة التحرر والتحرير، وتطوير نظرية “وحدة الساحات” الى مفهوم وحدة المصير القومي فكرا ونهجا والعمل على تكامل الجبهة الشرقية.

5- إطلاق أوسع حملة عالمية ضد الصهيونية ومفهومها العنصري، والعمل على دعم دعوى دولة جنوب أفريقيا لمحاكمة ومقاضاة الكيان الصهيوني وقياداته بتهم الإبادة الجماعية.

6- الإستفادة من التحول الكبير في الرأي العام العالمي المندد بالإجرام الصهيوني والداعم للقضية الفلسطينية، واطلاق اوسع حملة عالمية لمقاطعة الكيان الصهيوني في شتى المجالات”.

وختم: “إنها معركة وجود، لطلاب الحرية وتقرير المصير على المستوى القومي عامة وفلسطين خاصة، إنها أيضا معركة إنسانية بإمتياز، أسقطت أقنعة الوحوش والسفاحين والعنصريين والأنظمة العميلة، في معركة الإنسانية والقيم، ينتصر فيها الطفل الفلسطيني الذي بآلامه وصموده سيحرر فلسطين ويسقط الصهيونية.

قد تكون المأساة كبيرة، والآلام جمة، والدمار شاملاً، لكن التضحيات والشهادة هي من سمة الأبطال والأحرار. تحية الى كل المقاتلين والصامدين والجرحى والشهداء وفي غزة والضفة في كل فلسطين والجنوب والى كل المقاومين في أمتنا والعالم العربي من الشام والعراق واليمن والى كل الشرفاء والأحرار في العالم المؤيدين لحقنا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى